استغلال الموظفة السعودية!

في مقال سابق بعنوان «عندما تحكم المرأة» تطرقت لمسألة تفضيل الكثير من النساء العمل تحت إدارة مدير «رجل» على العمل تحت إدارة إحدى بنات جنسهن, وذلك بسبب اتفاق غالبيتهن على أن إدارة المرأة لزميلاتها عادة ما تفتقد المرونة في تقييم الأداء ومراعاة العلاقات الإنسانية, وقد أشرت حينها إلى نتائج دراسة من إعداد الدكتورة سارة المنقاش وكيلة قسم الإدارة في كلية التربية في جامعة الملك سعود أكدت أن الإناث عادة ما يفضلن نمط القيادة فوق الجماعة، أي أنهن يهتممن بإنجاز العمل أكثر من الاهتمام بالعلاقات الإنسانية، بينما الغالبية العظمى من الذكور، يمارسون نمط القيادة مع الجماعة !
وكنت قد تلقيت بعد نشر المقال المذكور رسالة من أخت كريمة تدير قسماً نسائياً في إحدى الجهات الخاصة، وقد طلبت مني عدم نشر اسمها في حال الكتابة عن رسالتها التي أكدت فيها أنها لا تستغرب من نتيجة الدراسة ذلك لأن كثيرا من المفاهيم في هذا العالم تبدو جميلة ومرضية عن بُعد, لكن هذا الجمال والرضا سرعان ما يتبددان عندما نقتحمها أو نُقحم فيهما على أرض الواقع, وتضيف في رسالتها المدعمة بأكثر من قصة واقعية لموظفات سعوديات تعرضن لمضايقات ومعاناة مستمرة من الإدارة الرجالية: «تحت إدارتي الصغيرة بضع موظفات لا يتجاوز عددهن عدد أصابع اليدين.. ولك أن تتخيل يا أستاذ هاني أن أكثر من نصفهن جاهدن للهرب من أعمالهن السابقة التي كن فيها تحت إدارة رجال بسبب المضايقات والضغوط التي كن يعايشنها بشكل يومي باستثناء موظفة واحدة مازالت تمتدح أخلاق مديرها وتعزو تركها لعملها السابق إلى رفض عائلتها له لاعتبارات اجتماعية.
إحدى هؤلاء الموظفات اللاتي اعتدن ترك أزواجهن وأطفالهن كل صباح بحثاً عن لقمة العيش وتحسين مستوى الأسرة, عانت من الظلم الوظيفي من مديرها السابق, لكنها لم تستسلم لتمر أكثر من ست سنوات من المعاناة الوظيفية دون أن تحصل على حقها من الترقيات والعلاوات, لدرجة أن كل زميلاتها اللاتي توظفن بعدها بسنوات تجاوزنها وظيفياً وإحداهن أصبحت مديرة لها, رغم كفاءتها وتميزها في العمل.. فهل كانت هذه الموظفة المتميزة ستظلم لو عملت تحت إدارة نسائية وفي وسط نسائي كامل من البداية؟».
هذا مجرد نموذج من قصص الموظفات التي ذكرتها أختنا, ولو أن المساحة تسمح لتطرقت لقصص الأخريات اللاتي تركزت معاناتهن في أعمالهن السابقة على المضايقات و التحرشات من قبل مديريهن «الرجال» وهي معاناة تبدأ من المقابلة الشخصية وتستمر حتى استقالتهن من وظائفهن.
ورغم أن مثل هذه الحالات ليست سوى استثناءات لا يمكن تعميمها, إلا أن من الضروي عدم تجاهلها, وأعتقد أنه لابد من العمل على حملات توعوية تهدف إلى تعريف الموظفة السعودية بحقوقها وتعزيز ثقتها بنفسها لإخراجها من بوتقة الصمت وحتى لا تكون عرضة للاستغلال تحت ضغط حاجتها إلى الوظيفة, هذا إلى جانب أننا بحاجة إلى سن قوانين واضحة وصارمة لمعاقبة ضعاف النفوس الذين لايتورعون عن استغلال حاجة بنات هذا المجتمع للقمة العيش.. فهولاء مجرمون, وليس من المنطق أن يفلتوا من العقاب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي