إنها الأم يا سادة
انسكاب الحب نوع لا يتقنه إلا الأمهات، إنه نوع فريد من العطاء يتدفق بلا قيد أو شرط، يحتضنك للأبد، إكسير الحياة والنجاح، هو طاقة تنساح بين الشرايين والأوردة لا تعرف كيف تدخل إلى أعماقك فتطفئ كل ألم وتدفن كل هم وتخمد كل وجع، بلسم للتحديات التي جرحت نجاحك وعلاج للصعوبات التي تقف أمامك.
مشاعر الأم فوق القدرة على تخيل مدى قوتها وقدرتها على شحن النفس بالطاقة مجددا، لها قدرة على تفعيل خاصية التحمل لأبعد حد، إنها تمنح القوة لتوليد حماسة تجعلك تسير بثقة مطلقة إلى ميدان الحياة، سير امرئ لا يخشى عوزا ولا فقرا.
إن الأم كلمة تعني حياة أخرى معك تبعث في وجدانك أحاسيس لا يمكن تخيلها حين تصنع منك صخرة صماء أمام الملمات وتجلو كدر الأيام وكآبات المواقف إنها إسفنجة تمتص كل الآلام التي فيك.
إنك لن تبلغ شكرها على هذه العطايا مهما فعلت من البر والوصل، فهو فعل يفوق قدرتك البشرية على أدائه أو رده، ولو حاولت لن تستطيع ولا بطلقة من طلقاتها عند ولادتك، لكن يكفيها منك حمدها بالسكوت عما يجعلها في حزن ولو قيد أنملة.
إن الأم قلب ثان، ينبض لك، وعروق ترويك من ظمأ المشاعر المفقودة في الغربة، ومن كان له أم تعيش على هذه الأرض، فهو في نعيم مقيم، كيف لا، وهي المؤنس في الوحدة، والصاحب في السفر والحضر، والمعطي حين تمتنع الظروف، وهي حضن الأب المفقود وعزوة الموجود.
من كان له أم تتنفس فهو آمن بحق في سربه عنده قوت مشاعر وعواطف وأحاسيس، بل طاقة دفاقة بكل معانيها الإنسانية، من كان له أم فليمسك عنها كل ما دون الحب، إنها بئر تختزن فيها كل ما لا تستطيع حمله وتنوء قوتك عن تحمله، وكل ما قيل عن الأم يبقى قولا والفعل عندها.
ولن يدرك هذه المعاني من كانت أمه عنه غير راضية، وذلك الصنف قد حجبت عنه جنة من جنان الدنيا، وحين تحتجب جنان الدنيا عن المرء ما حاله؟ لا أعرف كيف أشكر من يعطي بلا توقف أو من، لا أعرف كيف أشكر من يمنحك كل شيء بلا مقابل، إنها تمنحك حياتها هل تخيلت أنه حتى عظامها اهترئت، لأنها كانت تغذيك منها طفلا، وترويك عطفا حتى صرت شابا ورجلا، وما زال هداج الحب مستمرا يعتمل بداخلها لأجلك. بكلمة واحدة إنها الأم يا سادة.