عندما يروي سعودي حكاية ابنته في العمل!

يبدو أن ملف استغلال الموظفة السعودية الذي تحدثت عنه في مقال سابق أكبر بكثير مما هو متوقع، فقد تلقيت قبل يومين رسالة مؤلمة على بريدي الإلكتروني من ولي أمر موظفة شاءت لها الأقدار أن تعمل في أحد المعاهد الخاصة في المنطقة الغربية بحثاً عن لقمة العيش الحلال التي تساعدها وتساعد بقية أفراد أسرتها على مواصلة الحياة دون مد أيديهم للناس.
وحكاية الفتاة تتلخص في كونها كما أسلفت التحقت بالعمل وكلها طموح في النجاح, وبذلت في سبيل ذلك كل جهدها قبل أن يتورط المعهد الذي عملت فيه في مخالفات منها ماهو متعلق بعدم سعودة الوظائف, وقد انتهت بدفع المعهد غرامات كبيرة, ليبدأ بعد ذلك مسلسل تعويض المبالغ التي صُرفت لتسديد المخالفات من خلال تسريح عدد كبير من الموظفات السعوديات دون أي ذنب ارتكبنه, وتحميل الموظفات اللاتي مازلن على رأس العمل في خدمة العملاء والمبيعات مسؤولية تحقيق مبالغ طائلة شهرياً وإلا سيكون التسريح مصيرهن!
يقول الرجل الذي يتألم على حال ابنته في الرسالة:
« لقد أصدرت إدارة المعهد قراراً يلزم كل موظفة تعمل في هذا القسم بتحقيق 200 ألف ريال شهرياً ومن ثم تحصل الموظفة على عمولة.. عدا ذلك تتعرض الموظفة لإنذار بالفصل لعدم تحقيقها (التارقت) ويتضمن القرار أيضا توقيع الموظفات العاملات في القسم على تعهد بعدم العمل لدى أي شركة في حال طلبت الموظفة تقديم استقالتها!!!.. (أليس هذا ظلماً يا ناس)؟
كما أن الموظفة في هذا القسم لا تحصل إلا على 30 ريالا فقط قيمة شحن للجوال من أجل تسويق منتجات المعهد وما زاد على ذلك فمن جيب الموظفة الخاص.
ولم يكتف المعهد بكل هذه القرارات الظالمة بل عمد إلى فرض إجازات غير مدفوعة الراتب على جميع الموظفات.. تخيل.. إجازات بدون رواتب لشهر رمضان من أجل تقنين المصروفات.. متجاهلاً بذلك أن الموظفات لم يعملن إلا من أجل الحصول على مبالغ رواتبهن كاملة وخصوصا في شهر الخير والبركة.. إلا أن ذلك لم يجد نفعا وفرضت الإجازات على الموظفات بدون راتب وهو ما يعتبر كارثة بالنسبة للكثير من الموظفات المحتاجات (حسبي الله ونعم الوكيل).
وفي ظل هذا الوضع وبعد تسريح الكثير من الموظفات تقدمت مديرة المعهد باستقالتها فتم رفضها في ظل امتناع العديد من الكفاءات النسائية عن قبول عروض المعهد لسد الفراغ بعد اشتهاره باستغلال الموظفات السعوديات بهذا الشكل.
حسناً يا سادة يا كرام.. سأكتفي من الرسالة بهذا القدر لطولها وأسأل الجهات الحكومية المشرفة على هذه المعاهد عن مدى علمها بما يحدث فيها, فإن كانت تلك الجهات غير قادرة على حفظ حقوق الموظفات السعوديات العاملات في هذه المعاهد فلماذا تُفرض الغرامات الطائلة عليها طالما أنها غرامات ستتكبدها في الأخير الموظفة السعودية المغلوب على أمرها؟!
إنني أكرر ما طالبت به مراراً من ضرورة وجود هيئة أو جمعية أهلية متخصصة في مراقبة حقوق الموظفين السعوديين والموظفات السعوديات في القطاع الخاص, على أن تتعاون هذه الجمعية مع وزارة العمل والجهات الحكومية الأخرى من خلال رفع التقارير والتوصيات التي بموجبها يتم فرض الغرامات أو إيقاف الاستقدام عن المنشأة المخالفة أو حتى إغلاقها..
فمن سيتقدم بطلب تأسيس هذه الجمعية؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي