«سايبور 3 أشهر» يفاجئ السوق ويقفز إلى 6.10 % في أقل من أسبوعين

«سايبور 3 أشهر» يفاجئ السوق ويقفز إلى 6.10 % في أقل من أسبوعين

سجل سايبور ثلاثة أشهر قفزة أخرى في أقل من أسبوعين، وذلك بعد التوقعات السابقة بأن معدلات السايبور قد بلغت أقصى قمة لها خلال الشهر الماضي.
وصعد المرجع التسعيري، الذي يستخدم مع الفائدة المتغيرة مع القروض، بمقدار 12 نقطة أساس "تعادل 2 في المائة" مقارنة عما كان عليه في 2 أغسطس الجاري.
وبعد أن كان يتداول فوق 6 في المائة مع نهاية يوليو، تراجع سايبور ثلاثة أشهر مطلع أغسطس إلى 5.98 في المائة، غير أنه ما لبث وفاجأ السوق بقفزه إلى 6.10 في المائة خلال الأيام القليلة الماضية.
وأظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، أن هذه الارتفاع يعود إلى عوامل عدة، منها قفزة "مقايضة أسعار الفائدة" السعودية، واضطرابات حركة عوائد سندات الخزانة الأمريكية التي صعدت في الأيام الماضية وتوقعات برفع الفائدة مرة أخرى خلال الأشهر القليلة المقبلة.
ولحقت عقود "المبادلة" الائتمانية الخاصة في السوق السعودية بـ"السايبور" وارتفعت بأعلى وتيرة خلال الأسبوع الماضي.
وتراوح نطاق الارتفاع في معدلات عقود المبادلة ما بين 18 و19 نقطة أساس "تعادل ما بين 2.82 و3.85 في المائة".
وأغلق عقد المبادلة لثلاثة أعوام عند 5.16 في المائة بنهاية 10 أغسطس مقارنة بـ4.96 في المائة أوائل أغسطس. في حين أن عقد المبادلة لخمسة أعوام بات يتداول دون 5 في المائة، حيث يقف عند 4.85 في المائة بنهاية 10 أغسطس مقارنة بـ4.67 في المائة أوائل الشهر الجاري.
وتعد "عقود المبادلة بالريال" أحد ثلاثة مراجع لتسعير الائتمان في السوق المحلية.
ويستخدم القطاع المالي هذا المؤشر في تسعير بعض عمليات الاقتراض الخاصة بالشركات ويستخدم كذلك بدرجة نادرة (كمرجع تسعيري) مع تسعير الصكوك المحلية للقطاع الخاص والحكومي.
ويتكون منحى العائد لعقود المبادلة المقوم بالريال من آجال متفاوتة وله عدة استخدامات بالقطاع المالي. فبخلاف استخداماته مع أدوات الدخل الثابت في تسعير السندات والصكوك، لا سيما على النطاق العالمي، يستخدم محليا للتحوط من التقلبات المستقبلية لأسعار الفائدة بحيث يتم تغطية معدلات الفائدة المتغيرة "أي السايبور" للعميل بسعر صرف ثابت. وهذا من شأنه أن يمنح الثقة في التدفقات النقدية المستقبلية للعميل. في حين تقوم بعض المؤسسات المالية العاملة بالسعودية باستخدام عقود المبادلة كمرجع تسعيري مع "عقود التمويل" المتوسطة والطويلة الأجل.
دائما، ما يتم تداول مؤشرات الائتمان المقومة بالريال بعلاوة ضد نظيرتها المقومة بالدولار وذلك بحكم ربط العملة. ويظهر ذلك جليا بالسايبور الذي يتداول بعلاوة مقابل السوفر وكذلك عوائد أدوات الدين الحكومية للسعودية مقابل نظيرتها من الخزانة الأمريكية. لذلك فمن الطبيعي أن يسهم اقتداء أثر مؤشرات الائتمان الدولارية في حدوث بعض الظواهر الائتمانية في السوق المحلية.

الاحتياطي الفيدرالي

في أواخر يوليو 2023، رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، كما كان متوقعا على نطاق واسع، لتسجل أعلى مستوياتها خلال 22 عاما. وقرر أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في البنك المركزي الأمريكي خلال اجتماع السياسة النقدية الذي استمر يومين، زيادة معدلات الفائدة إلى نطاق 5.25 في المائة و5.50 في المائة.
وتعد هذه هي الزيادة الـ11 منذ أوائل 2022، ضمن 12 اجتماعا، جرى خلالها تثبيت أسعار الفائدة مرة واحدة في يونيو الماضي.
تبع ذلك تصريح من جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ذكر فيه بأن البنك المركزي قد يرفع أسعار الفائدة مرة أخرى أو يبقيها ثابتة في سبتمبر اعتمادا على ما تظهره البيانات الاقتصادية الجديدة، مشيرا إلى أنه ليس واثقا تماما بعد من هزيمة التضخم.
ومنذ 16 مارس 2022 وإلى 26 يوليو 2023، تم رفع الفائدة السعودية 11 مرة (بعد أن تم رفعها في مارس، مايو، يونيو، يوليو، سبتمبر، نوفمبر، وديسمبر من 2022 وفي فبراير، مارس، مايو، ويوليو 2023).

المصارف الرقمية

من ناحية أخرى، بدأ الأفراد والشركات في التوجه نحو البحث عن المصارف التي تمنح عوائد أكثر على الودائع، لا سيما أن بعض المصارف الرقمية تمنح ودائع أعلى على ودائع "المرابحات الرقمية" بحكم انخفاض مصاريفها التشغيلية.
وجاء ارتفاع السايبور لأجل عام فوق 6 في المائة (خلال الفترة الماضية) بمنزلة نقطة التحول التي فرضت على البعض إعادة ترتيب الخريطة الاستثمارية لبعض الأفراد.
وأصبح هناك تدقيق أكثر عن الخيارات الاستثمارية التي تمنح عوائد مشابهة. وصاحب ذلك تغير في سلوك الأفراد حول الودائع المجانية وتوجه نحو البحث عن الودائع الزمنية التي تمنح عوائد مرتفعة. بل إن بعض المصارف السعودية أصبحت تجتذب الودائع الدولارية مقابل عوائد.
غير أن نسبة العائد على الوديعة الزمنية المقومة بالريال سيكون أعلى من نظيرتها الدولارية (تاريخيا ما يتداول السايبور بعلاوة فوق الليبور).
من ناحية أخرى، أشارت آخر بيانات حول تركيبة قروض الشركات السعودية أن عددا متزايدا من تلك الشركات يميل نحو تفضيل التمويل الإسلامي على القروض التقليدية.
وكان تقرير لموديز، تم نشره في سبتمبر 2020، قد أكد أن وكالة التصنيف الائتماني تقدر أن نسبة قروض الشركات السعودية المتوافقة مع ضوابط الشريعة تصل إلى ما بين نطاق 65 في المائة إلى 75 في المائة والنسبة قابلة للنمو.

حقبة الفائدة المنخفضة

بحسب وحدة التقارير الاقتصادية، استند إلى منصة "ماكرو بوند" السويدية المتخصصة باستعراض بيانات الاقتصاد الكلي فإن الحقبة الأولى من عصر الفائدة المتدنية بدأت في منتصف 2009 إلى 2016. واستمرت هذه الحقبة لسبعة أعوام.
أما الثانية فبدأت من 2020 وانتهت بنهاية 2021 عند مستوياتها بفعل تبعات الجائحة الاقتصادية وطريقة تعامل البنوك المركزية حول العالم معها وذلك عبر تخفيض أسعار الفائدة. وعاش المقترضون من الأفراد والشركات خلال الحقبة الثانية ما بات الآن يعرف بأدنى مستويات الفائدة السعودية خلال 32 عاما.
وخلال 2020، أعلنت شركات مساهمه خلال إفصاحاتها المالية بأن مدفوعاتها الدورية الخاصة بخدمة الدين على القروض القائمة قد سجلت انخفاضات ملموسة، الأمر الذي انعكس بشكل إيجابي في تحسين هوامشها الربحية وذلك مقارنة بالأعوام القليلة السابقة التي كانت مدفوعات الفائدة تقتطع حصة من متوسطة إلى ضخمة من مصاريف التمويل لكل شركة أخذت قرضا يرتكز على الفائدة المتغيرة التي تتبع حركة السايبور، وهو المؤشر المعني بقياس سعر الإقراض بالقطاع المصرفي.
وأظهر رصد لـ"الاقتصادية" حينها، أن بعض الشركات أعلنت خلال إفصاحاتها المالية أنها قد سجلت انخفاضات ما بين 20 في المائة إلى 41 في المائة في مصاريف التمويل التي تخصص في العادة لسداد القروض أو أدوات الدين القائمة.
ولمس أثر انخفاضات السايبور شريحة الأفراد وكذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة التي كانت من أبرز المنتفعين خلال حقبة الفائدة المتدنية، حيث منحت أسعار السايبور المتدنية الحاصلين على قروض بالفائدة المتغيرة إمكانية توفير السيولة القابلة للإنفاق -بعدما كانت مخصصة لمدفوعات خدمة الدين- وتعزيز هوامش الربح للشركات "من خلال توفير نفقات التمويل" على الأرصدة القائمة للقروض التي عليهم. وأيضا كان من أكثر المنتفعين تلك الجهات التي تأخذ نوعا محددا من القروض القصيرة الأجل الخاصة بدعم رأس المال العامل والتي يعاد تسعيرها خلال فترة قصيرة.

سايبور حقبة الثمانينيات

سجلت آجال السايبور الأربعة أعلى مستوياتها في أواخر الثمانينيات وذلك عندما تراوحت ما بين 10.18 في المائة إلى 11 في المائة، وفقا للبيانات التاريخية لمنصة "ماكرو بوند" السويدية.
ووفقا للتقرير المنشور لـ"الاقتصادية" في 28 فبراير 2021، فإن المعدل المتوسط لفائدة السايبور -في ذلك الوقت- يعد أقل بـ12 مرة من أعلى مستوياته التاريخية المسجلة في 1989، الأمر الذي يعني أن هذا الوقت يعد أفضل وقت للاستدانة بالفائدة الثابتة على مدى 32 عاما.
معلوم أن أعلى مستويات الفائدة السعودية خلال الأعوام العشرة الماضية قد جاءت ما بين الفترة من 2016 إلى 2019. ويوفر القطاع المالي للسعودية حلولا مريحة للعملاء الذين يرغبون بالتحول من الفائدة المتغيرة إلى الثابتة أو العكس.
ومنذ بداية 2020 إلى نهاية 2021 والمستدينون السعوديون والشركات يحصلون على أخبار إيجابية بنهاية كل شهر وهم يرون مدفوعاتهم الدورية، التي تسعر بالفائدة المتغيرة، تنخفض بشكل متدرج مقارنة بالمستويات التي كانت عليها خلال 2019.

ظواهر ائتمانية

كانت أسواق النقد في السعودية قد سجلت خلال 2019 ظواهر ائتمانية نادرة عندما أغلقت في أغسطس "الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية لـ12 شهرا" دون نظيرتها الخاصة بثلاثة أشهر وذلك للمرة الأولى منذ 11 عاما، وللمرة السابعة خلال 17 عاما.
تأتي تلك التطورات بعد أن سجلت تلك الظاهرة حضورها للمرة الأولى، في الأسواق التي تعني بالاستحقاقات القصيرة الأجل، في يوليو ولكن مع السايبور لأجل ستة أشهر. وذلك للمرة الأولى منذ سبعة أعوام، وللمرة التاسعة خلال 17 عاما.

ما السايبور؟

تستعين البنوك السعودية بمؤشر السايبور عندما تحاول الاقتراض من بعضها بعضا. والسايبور هو سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية لثلاثة أشهر. وتتفاوت أسعار السايبور وفقا لآجال الاقتراض (القصيرة الأجل) التي قد تراوح ما بين شهر إلى عام. وتعد أسعار السايبور بمنزلة العمود الفقري الذي تقوم عليه قروض الأفراد والشركات وكذلك بعض إصدارات السندات السيادية (التي تسعر بالفائدة المتغيرة) في السوق المحلية. فعلى أساسها، يتم تحديد الفوائد / الأرباح التي يدفعها المقترضون للبنوك. وتتم عملية احتسابها بعد أن يقدم 15 بنكا سعر الفائدة ويتم بعدها حذف أعلى وأقل رقمين ومن ثم ننتهي بمعدل نسبة الفائدة.
وعندما ترتفع معدلات السايبور، يرتفع كذلك الهامش الربحي للبنوك التي قدمت قروضا لعملاء بفائدة متغيرة. وحدهم العملاء الذين اختاروا الفائدة الثابتة يصبحون بمأمن من تقلبات أسعار الفائدة.
وأعلن البنك المركزي السعودي في أواخر 2016 موافقته على ما تم الاتفاق عليه بين القطاع المصرفي وشركة "تومسون رويترز" بأن تكون الشركة مديرا لاحتساب وإدارة سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية "سايبور".
وقال "ساما" إن هذه الخطوة تأتي في إطار الدور الإشرافي والرقابي الذي تقوم به على القطاع المصرفي، وسعيا منها لتعزيز الشفافية والمصداقية في آلية احتساب سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية "سايبور".
وتعمل اللجنة المشتركة الممثلة من البنوك بالمشاركة في احتساب معدل "سايبور" الذي ستقوم "تومسون رويترز" باحتسابه استنادا إلى منهجية وإجراءات تتوافق مع المبادئ والإرشادات التي وضعتها المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية "الأيسكو".

وحدة التقارير الاقتصادية

الأكثر قراءة