القطاع المدلل
لم يدلل قطاع مثل قطاع التأمين وشركاته منذ أن بدأ الترخيص "المكثف" لها تلك الأيام، حتى أصبحت من كثرتها وطرحها للاكتتاب العام يصعب إيجاد اسم لجديد منها، وحصل ما حصل من لت وعجن في هذا القطاع، غلب عليه سوء الإدارة وخسائر متراكمة لبعض شركاته، حتى ظهرت مطالبات بتدخل الحكومة للإنقاذ.
هذا جزء من تاريخ قطاع التأمين الذي يكشر عن أنيابه برفع متتابع لأسعار التأمين على المركبات، كان آخره بداية هذا العام، وعندما ارتفعت أصوات الشكاوى نُشر خبر عن أن البنك المركزي السعودي المشرف على هذا القطاع طلب من شركات التأمين تقارير عن الأسعار، ومن يومها لم يسمع من البنك المركزي تصحيح لتلك الأسعار المرتفعة، ولا تعليق.
المرور السعودي أعلن عزمه على تطبيق الرصد الآلي للسيارات غير المؤمن عليها، على أن تكون البداية في 1 أكتوبر، ما يعني موجة كبيرة من العملاء الجدد والمجددين لشركات التأمين. أليس هذا وحده دافعا لأن تجبر شركات التأمين على خفض كبير لأسعارها. لا أعرف عدد السيارات المؤمن عليها من إجمالي السيارات المستخدمة، لكن هذا الرقم أو النسبة لا يمكن قبولها إلا من جهاز المرور السعودي، فالقول إن النسبة منخفضة، حسب متحدث شركات التأمين لا يعتد به، والرد البسيط كيف كانت الأسعار في السابق معقولة -قبل أعوام- ونسبة التأمين على المركبات من إجمالي المركبات المستخدمة منخفضة وربما أكثر انخفاضا!
معلوم أن التأمين على المركبات لا يقلل عدد الحوادث المرورية، بل قد يدفع المستهترين إلى قيادة عدائية، لكنه ينظم العلاقة بين أطراف الحادث من جهة وبين شركات التأمين بعضها بعضا، خاصة بعد نقل حمل "مباشرة الحوادث والفصل فيها"، الذي كان المرور السعودي يحمله، إلى شركة نجم، وهي كما هو معلوم مملوكة لشركات التأمين.
المطلوب من المرور السعودي أن يتجاوب مع المطالبات بتأجيل الرصد الآلي لتأمين المركبات ستة أشهر على الأقل حتى تنظر جهة محايدة في أسعار هذه الشركات وتلزمها بتخفيضها. لا يعقل أن يكون جيب الفرد المؤمن الملتزم هو الحل لسوء إدارة في هذا القطاع.
المرور السعودي حريص على أن يؤمن على أغلب المركبات، لا خلاف على ذلك ونعين ونعاون، لذا يقترح أن يكون الولاء للتأمين، وليس لشركة بعينها، وأن تتولى إدارة المرور السعودي التأكد من أحقية المؤمن بتخفيض مستحق، وإلزام الشركات بتنفيذه.