حقبة الفائدة المرتفعة تفقد الودائع المجانية بريقها .. سايبور الـ 3 أشهر قرب ذروة 23 عاما

حقبة الفائدة المرتفعة تفقد الودائع المجانية بريقها .. سايبور الـ 3 أشهر قرب ذروة 23 عاما
حقبة الفائدة المرتفعة تفقد الودائع المجانية بريقها .. سايبور الـ 3 أشهر قرب ذروة 23 عاما

أوشك سايبور الثلاثة أشهر الذي يستخدم مع الفائدة المتغيرة للقروض في السعودية، على ملامسة 6.3 في المائة مرتين في الأيام العشرة الماضية، وفي حال تحقيق ذلك، كان سيسجل مستوى لم يشاهد في السوق السعودية منذ 23 عاما.
وبحسب رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، تفاعل سايبور الثلاثة أشهر مع قرار الفيدرالي بعدم رفع الفائدة خلال سبتمبر بانخفاضه 2 في المائة، وأغلق عند 6.18 في المائة خلال الأيام الماضية.
وتتوقع "الاقتصادية" أن يتجاوز السايبور مستويات الـ 6.3 في المائة، في حال استمرار الفيدرالي في رفع الفائدة خلال الأشهر المقبلة.
وتسلم أرباح مرتفعة بطريقة إسلامية على الودائع وبشكل شهري، هو أسلوب جديد لم يعهده السعوديون في السابق، إذ ينتظر أن تكون الفترة الحالية العام المفصلي، الذي فقدت فيه الودائع المجانية بريقها.
وأظهر الرصد أن حقبة الفائدة المرتفعة شهدت تغير سلوك الأفراد تجاه عدم تسلم أرباح على ودائعهم المجانية، فالمؤسسات المالية تكاد تكون مجبرة على إخبار عملائها بخيار الودائع الاستثمارية قبل تحويل الأموال لمؤسسات منافسة أخرى.
والودائع التي تتحول من وديعة مجانية إلى وديعة بعائد، قد تبقى على هذا النمط لفترة طويلة، والقطاع المالي عليه أن يتكيف مع هذا الواقع الجديد، ففي أقل من خمس دقائق يستطيع الفرد إنشاء وإغلاق طلب الحصول على وديعة بعائد فوق 5 في المائة؜ وبأجل 30 يوما.
وفي أواخر سبتمبر، أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير، عند أعلى مستوياتها منذ 2001.
وقرر أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في البنك المركزي الأمريكي الأربعاء، تثبيت معدلات الفائدة عند النطاق الحالي، الذي يراوح بين 5.25 في المائة و5.50 في المائة، خلال اجتماع السياسة النقدية، الذي استمر يومين.
وتعد هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها تثبيت أسعار الفائدة خلال 13 اجتماعا منذ أوائل 2022، بعد تثبيتها في يونيو الماضي، إثر تنامي حالة عدم اليقين حينها بشأن مدى تأثير الأزمة المصرفية على الإقراض.
ومنذ 16 مارس 2022 وإلى 26 يوليو 2023، تم رفع الفائدة السعودية 11 مرة (بعد أن تم رفعها في أشهر مارس ومايو ويونيو ويوليو، وسبتمبر ونوفمبر من 2022 وفي فبراير ومارس ومايو ويوليو 2023).
وحتى الآن لا يستطيع المراقبون الجزم حول مسار أسعار الفائدة في 2023 ولا حتى تأكيد إذا ما كانت الهوامش الائتمانية للسايبور قد بلغت أقصى قممها.
ويأتي التذبذب في حركة آجال السايبور بين الصعود والهبوط لكونه يتأثر بما يجري لحركة الفائدة بالقطاع المصرفي الأمريكي.
واعتمدت الصحيفة بتحليلاتها على بيانات منصة "ماكرو بوند"، وكذلك منصة "سي بوندز" للبيانات المالية.

نمو الودائع المصرفية

ودفعت بيئة أسعار الفائدة المرتفعة في السعودية المستثمرين لتوجيه مدخراتهم إلى الأوعية الاستثمارية بمختلف أنواعها، ولا سيما قليلة المخاطر التي كانت تقدم عوائد ضعيفة سابقا.
وتشهد البنوك في السعودية تحولا في نوعية الودائع التي تستقبلها، بعد تركيز المودعين على إيداع أموالهم من خلال الودائع الادخارية والزمنية التي أصبحت تقدم عوائد مرتفعة وتاريخية.
ونشرت "الاقتصادية" تحليلا في 28 أغسطس 2023 أشارت فيه إلى مواصلة الودائع في البنوك السعودية نموها بنهاية النصف الأول من العام الجاري، على أساس سنوي، بقيادة الودائع الادخارية مع إقبال المودعين عليها نتيجة ارتفاع الفائدة، إذ ارتفعت في أربعة بنوك بين 52 و120 في المائة، لكن قابله تراجع في الودائع تحت الطلب.
وبحسب رصد "الاقتصادية"، استند إلى بيانات البنوك المحلية، فإن الودائع للبنوك المحلية بلغت بنهاية النصف الأول من 2023 نحو 2.45 تريليون ريال مقابل نحو 2.27 تريليون ريال بنهاية الفترة نفسها من العام الماضي، وبزيادة 7.8 في المائة.
جاءت تلك الزيادة بفضل نمو الودائع الادخارية، التي ارتفعت بنحو 39.2 في المائة، ليصل حجم الودائع إلى 940.2 مليار ريال، قابله تراجع في الودائع تحت الطلب بنحو 5.6 في المائة لتصل إلى 1.43 تريليون ريال.
وتنقسم الودائع لدى المصارف السعودية إلى ثلاثة أنواع رئيسة هي، ودائع تحت الطلب، والودائع الزمنية والادخارية، إضافة إلى نوع ثالث يسمى ودائع أخرى شبه نقدية، التي تشمل ودائع بالعملة الأجنبية والودائع مقابل اعتمادات مستندية والتحويلات القائمة، وكذلك عمليات الريبو المنفذة مع القطاع الخاص.
كما هو متوقع تراجعت الودائع تحت الطلب في البنوك السعودية 5.6 في المائة مقابل نمو 8 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي، ليستغل المودعون أسعار الفائدة المرتفعة وتحويل أموالهم إلى تلك الأنواع من الودائع.
وتعرف ودائع الحسابات تحت الطلب بالأموال المجانية، أي الودائع التي لا تدفع عليها المصارف فوائد لمودعيها، بخلاف الودائع الادخارية.
وسجل مصرف الإنماء أعلى معدل نمو بين البنوك السعودية في الودائع الادخارية، حيث سجل ارتفاعا بنحو 120 في المائة، تلاه البنك الأول 67 في المائة ثم بنك الاستثمار بواقع 56 في المائة، والبلاد 51.8 في المائة، في حين سجل البنك السعودي الفرنسي أدنى معدل نمو بين البنوك السعودية بواقع 7.3 في المائة.

المصارف الرقمية

بدأ الأفراد والشركات في التوجه نحو البحث عن المصارف التي تمنح عوائد أكثر على الودائع، ولا سيما أن بعض المصارف الرقمية تمنح ودائع أعلى على ودائع "المرابحات الرقمية" بحكم انخفاض مصاريفها التشغيلية.
وجاء ارتفاع السايبور لأجل عام فوق 6 في المائة خلال الفترة الماضية بمنزلة نقطة التحول التي فرضت على البعض إعادة ترتيب الخريطة الاستثمارية لبعض الأفراد، وأصبح هناك تدقيق أكثر عن الخيارات الاستثمارية التي تمنح عوائد مشابهة.
وصاحب ذلك تغير في سلوك الأفراد حول الودائع المجانية وتوجه نحو البحث عن الودائع الزمنية التي تمنح عوائد مرتفعة، بل إن بعض المصارف السعودية أصبحت تجتذب الودائع الدولارية مقابل عوائد.
غير أن نسبة العائد على الوديعة الزمنية المقومة بالريال سيكون أعلى من نظيرتها الدولارية، علما أنه تاريخيا دائما ما يتداول السايبور بعلاوة فوق الليبور.

حقبة الفائدة المنخفضة

وبحسب حسابات "الاقتصادية" بالتعاون مع منصة "ماكرو بوند" السويدية، فإن الحقبة الأولى من عصر الفائدة المتدنية قد ابتدأت في منتصف 2009 إلى 2016.
والحقبة الأولى قد استمرت لسبعة أعوام، أما الثانية فقد ابتدأت من 2020 وانتهت بنهاية 2021 عند مستوياتها بفعل تبعات الجائحة الاقتصادية وطريقة تعامل البنوك المركزية حول العالم معها وذلك عبر تخفيض أسعار الفائدة.
وعاش المقترضون من الأفراد والشركات خلال الحقبة الثانية ما بات الآن يعرف بأدنى مستويات الفائدة السعودية خلال 32 عام.
وخلال 2020، أعلنت شركات مساهمة خلال إفصاحاتها المالية بأن مدفوعاتها الدورية الخاصة بخدمة الدين على القروض القائمة قد سجلت انخفاضات ملموسة، الأمر الذي انعكس بشكل إيجابي في تحسين هوامشها الربحية، وذلك مقارنة بالأعوام القليلة السابقة، التي كانت مدفوعات الفائدة تقتطع حصة من متوسطة إلى ضخمة من مصاريف التمويل لكل شركة أخذت قرضا يرتكز على الفائدة المتغيرة التي تتبع حركة السايبور (وهو المؤشر المعني بقياس سعر الإقراض بالقطاع المصرفي).
وأظهر الرصد، أن بعض الشركات أعلنت خلال إفصاحاتها المالية أنها سجلت انخفاضات بين 20 في المائة إلى 41 في المائة في مصاريف التمويل، التي تخصص في العادة لسداد القروض أو أدوات الدين القائمة.
ولمس أثر انخفاضات السايبور شريحة الأفراد، وكذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة الذين كانوا من أبرز المنتفعين خلال حقبة الفائدة المتدنية.
ومنحت أسعار السايبور المتدنية الحاصلين على قروض بالفائدة المتغيرة إمكانية توفير السيولة القابلة للإنفاق بعدما كانت مخصصة لمدفوعات خدمة الدين وتعزيز هوامش الربح للشركات من خلال توفير نفقات التمويل على الأرصدة القائمة للقروض التي عليهم.
وأيضا كان من أكثر المنتفعين تلك الجهات، التي تأخذ نوعا محددا من القروض القصيرة الأجل الخاصة، بدعم رأس المال العامل، التي يعاد تسعيرها خلال فترة قصيرة.

سايبور حقبة الثمانينيات

وسجلت آجال السايبور الأربعة أعلى مستوياتها في أواخر الثمانينيات وذلك عندما راوحت بين 10.18 في المائة إلى 11 في المائة، وفقا للبيانات التاريخية لمنصة "ماكرو بوند" السويدية.
ووفقا لتقرير نشرته "الاقتصادية" منشور في 28 فبراير 2021، فإن المعدل المتوسط لفائدة السايبور في ذلك الوقت يعد أقل بـ12 مرة من أعلى مستوياته التاريخية المسجلة في 1989، الأمر الذي يعني أن هذا الوقت يعد أفضل وقت للاستدانة بالفائدة الثابتة على مدى 32 عاما.
ومعلوم أن أعلى مستويات الفائدة السعودية خلال العشرة أعوام الماضية قد جاءت بين الفترة من 2016 إلى 2019، حيث يوفر القطاع المالي للسعودية حلولا مريحة للعملاء الذين يرغبون في التحول من الفائدة المتغيرة إلى الثابتة أو العكس.
ومنذ بداية 2020 وإلى نهاية 2021 والمستدينون السعوديون والشركات يحصلون على أخبار إيجابية بنهاية كل شهر وهم يرون مدفوعاتهم الدورية، التي تسعر بالفائدة المتغيرة، تنخفض بشكل متدرج، مقارنة بالمستويات التي كانت عليها خلال 2019.

ظواهر ائتمانية

سجلت أسواق النقد بالسعودية خلال 2019 ظواهر ائتمانية نادرة عندما أغلقت في أغسطس "الفائدة المعروضة بين البنوك السعودية لـ12 شهرا" دون نظيرتها الخاصة بالثلاثة أشهر، وذلك للمرة الأولى منذ 11 عاما، وللمرة السابعة خلال 17 عاما.
وتأتي تلك التطورات بعد أن سجلت تلك الظاهرة حضورها للمرة الأولى بالأسواق التي تعني بالاستحقاقات القصيرة الأجل في شهر يوليو، ولكن مع السايبور لأجل ستة أشهر، وذلك للمرة الأولى منذ سبعة أعوام، وللمرة التاسعة خلال 17 عاما.

وحدة التقارير الاقتصادية

الأكثر قراءة