أول اقتصادي سعودي

في هذه السلسلة من المقالات تحدثت عن عديد من الاقتصاديين المؤثرين في علم الاقتصاد نظريا وفي السياسات.
رأيت أن أختم هذه السلسلة بأول اقتصاديين سعوديين على الأقل قياسا على الحصول على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد، خاصة أنهما حصلا على الدكتوراه في عام واحد 1967.
في عمود اليوم، أتحدث عن الدكتور محسون بهجت جلال. ولد الدكتور محسون في نجران 1936، وتربى ودرس الثانوية في مكة، بعدها حصل على بعثة لدراسة الاقتصاد في جامعة القاهرة، حيث حصل على الشهادة الجامعية في 1961، ثم عاد إلى المملكة، ليحصل على بعثة أخرى لدراسة الاقتصاد من جامعة الملك سعود. هذه المرة لأمريكا، ليحصل على الدكتوراه من جامعة روتجرز في ولاية نيوجيرسي في 1967. عاد ليدرس الاقتصاد في جامعة الملك سعود، ويصبح لاحقا رئيس القسم وعميد الكلية، استمر في الجامعة حتى 1975. عاش حياة حافلة أكاديميا وعمليا.
في 1975، تم اختياره ليكون أول رئيس تنفيذي للصندوق السعودي للتنمية، بعد أن رأت المملكة الاستثمار في عديد من الدول النامية، خاصة العربية والإسلامية، على أثر ارتفاع العوائد النفطية، وفي 1978 حتى 1981 أصبح ممثل المملكة في صندوق النقد الدولي، كذلك اختير لرئاسة صندوق "أوبك" للمساعدة الدولية في فيينا. للدكتور محسون مساهمات كثيرة في القطاع الخاص أيضا، منها: تأسيس شركة التصنيع الوطنية، وتأسيس أول مكتب استشارات اقتصادية في القطاع الخاص، كذلك رئاسة مجلس إدارة الشركة السعودية التونسية، والبنك السعودي للاستثمار، عضو أول مجلس إدارة لشركة سابك، إضافة إلى عضوية عديد من الشركات والمصارف.
أكاديميا ألف ثلاثة كتب: أولها، كتاب "مبادئ الاقتصاد" في 1974، لتعويض النقص في الكتب العربية الذي أصبح مقررا لتدريس الاقتصاد لأعوام في جامعات المملكة، خاصة جامعة الملك سعود، كأول قسم اقتصاد.
ثم ألف كتاب "خيار التصنيع"، حيث كان يؤمن بالتصنيع في المملكة كخيار تنموي استراتيجي عبر عنه عمليا بتأسيس شركة التصنيع الوطنية.
وآخر كتبه في 1997 "زراعة البترول"، الذي كان عبارة عن مجموعة مقالات وتقارير كتبها في الستينيات والسبعينيات، حيث جمع آراءه حول تحويل عوائد الثروة النفطية إلى مصادر دخل متنوعة للاقتصاد السعودي، وبذلك يكون من المبكرين في التفكير الاقتصادي الوطني.
يقول: إنه ألفه مصادفة بعد أن جمعت ابنته مقالاته للتوثيق، رأى بعدها أن ينقحها ويجمعها في كتاب لاقى رواجا واسعا، كما كان يكتب مقالة صحافية أسبوعية تناقش قضايا الساعة الاقتصادية.
كان الدكتور محسون مرحا محبوبا وناقدا ساخرا أحيانا. عشق الحياة في تونس، واستثمر فيها بعد أن أدار الشركة السعودية التونسية، وأسس عدة شركات هناك. تزوج من نمساوية وخلف منها بنتا وثلاثة أولاد. توفي في تونس في 2002، عرف عنه مرحه ونكتته السريعة وحبه للنقاش.
رثاه الدكتور غازي القصيبي في قصيدة، أختار منها:
«وكان عنيفا كالمحيط إذا طغـــى
وكـــــان رقيقا مثـــــل طفــل يهدهد
وأعرف أن الطين يرجع للثــــرى
ويبلى.. وعمر الروح في الغيب سرمد».

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي