مع ارتفاع فائدة السايبور .. التمويل قصير الأجل عبر المصارف السعودية ينخفض إلى 37 %

مع ارتفاع فائدة السايبور .. التمويل قصير الأجل عبر المصارف السعودية ينخفض إلى 37 %

انخفض التمويل قصير الأجل "ذو أجل استحقاق أقل من عام" عبر المصارف السعودية من 50 في المائة في 2019 إلى 37 في المائة بنهاية الربع الأول 2023، وسط ارتفاع فائدة السايبور بشكل أكبرعلى القروض قصيرة الأجل، مقارنة بآجال الاستحقاق الطويلة التي تكون فيها الفائدة أقل نسبيا.
وبحسب رصد وحدة التقارير في "الاقتصادية"، دعمت المشاريع التنموية والصناعية والإسكانية نمو القروض طويلة الأجل التي تستحوذ على 49 في المائة من إجمالي القروض المصرفية السعودية، مقارنة بـ14 في المائة للقروض متوسطة الأجل بنهاية الربع الأول من 2023.
وفي الإطار ذاته، دخلت ستة بنوك سعودية قائمة الـ13 مصرفا من حيث القيمة السوقية الأكبر لمنطقة وسط وغرب أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، بعد أن بلغت القيمة السوقية للبنوك السعودية الستة 215.4 مليار دولار بنهاية الربع الثالث من 2023.
واستحوذت البنوك السعودية الستة المتوافرة بياناتها، على 32.65 في المائة من القيمة السوقية البالغة 660 مليار دولار للمصارف الـ58 من منطقة وسط وغرب أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا.
ومعلوم أن مصرفين سعوديين استحوذا على المرتبتين الأولى والثانية، ضمن المصارف الخمسة الكبرى من حيث القيمة السوقية.

المحافظ الرقمية

ارتفع عدد مستخدمي المحافظ الرقمية في السعودية "التي يتم تثبيت برامجها على أجهزة المحمول من قبل الأفراد" بنسبة 70 في المائة على أساس سنوي، ليبلغ عددهم 13.8 مليون مستخدم بنهاية 2022.
وتعني تلك الأرقام، بحسب الرصد، أن هذه المحافظ الرقمية يتم استخدامها من قبل 39 في المائة من سكان السعودية، بحسب مذكرة بحثية لـ"جي بي مورجان".
وبعد أن كان المغتربون يعتمدون بشكل كامل على فروع التحويل الخاصة بالقطاع المصرفي، حدث في الآونة الأخيرة تغير جوهري في قناة التحويل المستخدمة من قبل غير السعوديين.
وارتفعت عمليات التحويل إلى الخارج عبر المحافظ الرقمية من مليوني عملية في 2019 إلى 27 مليون عملية بنهاية 2022، في تطور واضح في سلوك الأفراد حول قنوات التحويل المفضلة.
وبحسب الرصد، فإن أغلبية العمالة المنزلية العاملة في السعودية والقادمة من القارة الإفريقية تفضل "المحافظ الرقمية" بحكم انتشار ثقافة المصرفية عبر أجهزة الهواتف المحمولة في بلدانهم.
وإحصائيا، فإن هذه التحويلات قد تم تنفيذها عبر "المحافظ الرقمية" في 2022 عبر خدمة "التحويلات الدولية".
وعلى افتراض أن الإيرادات على هذه التحويلات "أي 43 مليار ريال" تبلغ 2 في المائة، فإن ما جنته الشركات السعودية التي تقف وراء تلك المحافظ الرقمية قد وصل إلى 860 مليون ريال، في مثال على آفاق النمو الكبرى للمحافظ الرقمية.
ومعلوم أن منتج "المحفظة الرقمية" هو منتج حديث يقف وراءه القطاع المصرفي السعودي وقطاع الاتصالات، كما أن هناك 176 من متاجر التجزئة الكبرى سجلت في نظام "المحافظ الرقمية" بنهاية 2022، بارتفاع 68 في المائة على أساس سنوي.

قطاع الشركات

نشرت "الاقتصادية" تقريرا في نوفمبر أشارت فيه إلى قيام قطاع الشركات بقيادة نمو أرباح القطاعات التشغيلية للمصارف السعودية المدرجة خلال تسعة أشهر من 2023، إذ نمت أرباح القطاع منه قبل الزكاة والضريبة 43 في المائة.
في المقابل، ارتفعت أرباح البنوك من قطاع الأفراد قبل الزكاة والضريبة 22 في المائة خلال الفترة.
ووفقا لرصد "الاقتصادية"، استند إلى بيانات المصارف في "تداول"، فإن أرباح البنوك من قطاع الشركات سجلت نموا قويا خلال الأشهر التسعة، مستفيدة من أسعار الفائدة المرتفعة.
وبلغت الأرباح الصافية للمصارف خلال الفترة 52.6 مليار ريال، بنمو 13.3 في المائة، مقارنة بالفترة المماثلة من 2022، في حين بلغت الأرباح قبل الزكاة والضريبة 59.75 مليار ريال.
وشكل قطاع الشركات 48 في المائة من أرباح البنوك بقيمة 28.4 مليار ريال قبل الزكاة والضريبة، كأعلى نسبة من بين القطاعات التشغيلية، في حين كانت تشكل نحو 37 في المائة خلال الفترة المماثلة من العام الماضي، ما يعكس التحسن في أداء قطاع الشركات.
أما قطاع الأفراد فشكل 32 في المائة من أرباح البنوك خلال تسعة أشهر بقيمة 19.4 مليار ريال، في حين شكل 30 في المائة خلال الفترة المماثلة من العام السابق.

الفائدة الثابتة

أشارت "الاقتصادية" في تقرير نشر في أوائل يوليو 2023، إلى أن الشركات السعودية باتت تتجه نحو تسعير إصداراتها المحلية من السندات والصكوك بالفائدة الثابتة، لجذب المستثمرين الذين يبحثون عن العائد الأعلى وتقنين الانكشاف على حركة السايبور.
وأظهر رصد "الاقتصادية"، في ذلك الوقت، نموا في تسعير أدوات الدخل الثابت للشركات السعودية بالفائدة الثابتة، بنسبة 177 في المائة.
وكشف الرصد أن أكثر من 55 في المائة من إصدارات الشركات السعودية إبان حقبة "الفائدة المنخفضة" كانت تسعر إصدارات دينها عبر الفائدة المتغيرة، نظرا لكون معظم المستثمرين إبان تلك الفترة يأتون من القطاع المصرفي، قبل أن تتسع قاعدة المستثمرين خلال الفترة الماضية.
ويتبين من الرصد كذلك، ظهور توجه من الشركات للتخلي عن ربط تسعير إصدارات الدين بالفائدة المرتبطة بحركة السايبور، وتجلى ذلك في تسجيل انخفاض بمقدار 27 في المائة في إصدارات السندات والصكوك التي يتم تسعيرها بالفائدة المتغيرة.
وتضم قاعدة بيانات موقع "تداول" بيانات 53 إصدارا للشركات السعودية بنهاية أبريل من العام الحالي، منها 34 إصدارا مسعرا بالفائدة الثابتة.
واعتمد الرصد على مقارنة قاعدة البيانات المتوافرة لإصدارات القطاع الخاص لدى موقع تداول، ومن ثم مقارنة طرق التسعير التي تمت قبل عام 2021 وما بعده.
ويعني تسعير أدوات الدين بفائدة ثابتة أن المستثمر يعرف حجم الفوائد التي سيتسلمها خلال فترة معينة، وتميل الجهات المصدرة نحو الفائدة الثابتة من أجل إغلاق نسبة العائد الثابت خلال الأوقات التي تكون فيها أسعار الفائدة منخفضة.
أما أدوات الدين المسعرة بفائدة متحركة أو متغيرة فإنه يعاد تسعيرها كل ثلاثة أو ستة أشهر، بحسب مؤشر القياس المستخدم.
ولدى السعودية سندات محلية بالفائدة المتغيرة وقروض بالفائدة المتغيرة، وتم التوقف عن إصدار أدوات الدين السيادية بالفائدة المتغيرة في 2016، وتلك السندات المحلية مدرجة في السوق المحلية لدى "تداول".
وتحتوي هذه السوق المخصصة للشركات على أربعة إصدارات، منها صكوك لشركة الكهرباء، وباقي الإصدارات المدرجة موزعة على شركة الراجحي وصدارة والكثيري.
وقبل ديسمبر 2022، فإن سوق أدوات الدين للشركات لا تشهد تنفيذ صفقات كثيرة، الأمر الذي أدى إلى ضعف أحجام التداول.
وتتميز الإدراجات القديمة، بكونها قد تم تسعيرها بالفائدة المتغيرة التي تتبع حركة السايبور ولا تحمل طابع توزيع العائد الثابت.
ومع ذلك فالمستثمر سواء في أداة دين ذات عائد ثابت أو متغير، يحصل على توزيعات دورية كأرباح، إلا أنها تكون متفاوتة مع المرجع التسعيري للسايبور.
أما بخصوص البيانات التاريخية لحركة آجال السايبور فتم التعاون مع منصة "ماكرو بوند" السويدية التي لديها برمجيات خاصة تمكنت على إثرها من تكوين أكبر قاعدة بيانات إقتصادية، مدعومة بأدوات تحليلية تساعد الباحثين على ربط تلك البيانات مع بعضها بعضا وتكوين صورة شاملة عن الاقتصاد الكلي.

منتجات التحوط

في تقرير 9 أكتوبر 2022، أشارت "الاقتصادية" إلى أن الشركات والصناديق الاستثمارية أصبحت تدرس بجدية النظر في خيارات الحصول على اتفاقيات تحوط متوافقة مع ضوابط الشريعة الإسلامية، لتثبيت هامش ربح التسهيلات المستخدمة في محفظة القروض لكل جهة.
يأتي ذلك وسط صعود الفائدة المحلية، الأمر الذي يعجل بخطط الشركات والصناديق نحو منتجات التحوط لثبيت هوامش السايبور خلال المرحلة المقبلة، في حين تحوطت بعض شركات القطاع الخاص بشكل مسبق من ارتفاعات السايبور أوائل هذا العام أو الذي قبله.
وتسهم منتجات التحوط ضد صعود أسعار الفائدة في بعض الحالات، في توفير مبالغ مالية كانت ستخصص لخدمة الدين.
وتتمحور الخطوات الاستباقية لتجنب دفع فوائد عالية من قبل الشركات حول الحصول على عقود تحوط على القروض الجديدة أو اللجوء إلى خيار السداد المبكر للقروض، وهي خطوات تسهم في توفير تكاليف التمويل وتعظيم أرباح الشركات.

تحديد القيمة العادلة

تكمن التحديات التي تواجه أطراف هذه العملية "أي المؤسسات التمويلية والشركات" في إيجاد القيمة العادلة الخاصة بتثبيت هامش السايبور، ولا سيما مع القروض التي يصل أجل استحقاقها إلى ما بين ثلاثة إلى سبعة أعوام.
في الوقت الذي تخشى فيه الشركات التي تعتمد بشكل كبير على الفائدة المتغيرة، أن يتآكل جزء من أرباحها بسبب ارتفاع تكاليف التمويل الناجم عن ارتفاع السايبور، تحاول الجهة التمويلية عدم تثبيت هامش السايبور بشكل منخفض.
ويسهم التباين حول تحديد القيمة العادلة الخاصة بتثبيت السايبور في تردد الشركات والصناديق نحو الحصول على أداة التحوط تلك وتفضيل الانكشاف على تحركات السايبور.
ولا توجد بيانات حول القيمة العادلة المستقبلية التي تطلبها جهات التمويل كالبنوك من أجل تثبيت هوامش السايبور التي تتباين وفقا للجدارة الائتمانية الخاصة بالعميل، وكذلك أجل الاستحقاق الخاص بالقرض.
وأشار رصد "الاقتصادية" لإحدى الصفقات المعلنة للعامة، إلى أن نسبة تثبيت السايبور المستقبلية تفوق أرقام تداوله الحالية بما يقارب 41 في المائة إلى 51 في المائة.
وعلى سبيل المثال، في حال كان السايبور يتم تداوله عند 1.4 في المائة، فإن الهامش قد يتم تثبيته عند 2.65 في المائة لسبعة أعوام مقبلة، حتى تاريخ سداد التمويل.
وتأتي تلك التطورات بعد زيادة وعي المتداولين حول الشركات السعودية التي تميل محفظة قروضها نحو الفائدة المتغيرة وليس الثابتة، لذلك تحرص الشركات والصناديق على التوضيح للمساهمين أنشطتها الخاصة بالتحوط من أسعار الفائدة.

الانكشاف المالي الطبيعي

بعض الشركات تفضل الانكشاف على تحركات السايبور، ولا تحرص الشركات والصناديق على تثبيت أسعار الفائدة عبر منتجات التحوط، بل تحاول قدر المستطاع أن تتكون محفظة قروضها من الفائدة الثابتة "التي لا تتغير بارتفاع أسعار الفائدة"، وكذلك جزء من محفظتها مسعر بالفائدة المتغيرة والجزء الآخر خاص بمنتجات تحوط تتعلق بتثبيت هامش السايبور لبعض القروض التي تم أخذها حديثا وتم تسعيرها بالفائدة المتغيرة.
وتحرص الشركات وصناديق الريت على الحصول على منتجات التحوط من أجل حمايتهم من تقلبات هامش الربح خلال فترة استحقاق هذه التسهيلات أو القروض.
وبعض الشركات السعودية المتخصصة في مشاريع البنية التحتية محمية من ارتفاع أسعار الفائدة لنجاحها في تثبيت فوائد القروض القديمة لفترات طويلة تمتد إلى 20 عاما لكل مشروع، أي إن الخطة التمويلية طويلة الأمد لكل مشروع تتضمن مسبقا مقدار الفائدة المتوقع خلال مرحلة اختيار جوانب التمويل لكل مشروع.

 

أفضل الممارسات

ينتظر أن يقود التوجه الحكومي لتقنين الاستعانة بالفائدة المتغيرة الشركات السعودية من أجل تتبع أفضل الممارسات الخاصة بإصدارات الدين، نظرا لأن الفائدة المتغيرة تغلب على إصدارات تلك الشركات مع طروحاتها الخاصة من سندات أو صكوك.
ويرى جريق هارت عندما كان مسؤولا عن قطاع الفائدة للشركات في شمال أمريكا لدى بنك أوف أمريكا، أنه على الشركات أن تكون نسبة ديونها المسعرة بفائدة ثابتة بين 50 و80 في المائة.
لكن أحد أهم العوامل التي تسهل عملية التسعير هذه هو وجود مؤشر قياس Benchmark يسترشد به، وهذا ما أصبح متوافرا حاليا في السوق السعودية.
وهذا المؤشر كان مفقودا في أسواق الدين السعودية لأعوام طويلة قبل أن يعاود الظهور أخيرا مع إصدارات "ساما" من السندات التنموية في 2015.

الحد الأدنى على مدفوعات القروض

أشارت "الاقتصادية" في تحليل في 29 نوفمبر 2023 إلى أن الحد الأدنى على مدفوعات القروض المتغيرة في السعودية أصبح ما بين 7 إلى 9 في المائة. وأرجعت الصحيفة السبب حينها إلى كون السايبور كان يتداول في ذلك الوقت فوق 6 في المائة. والفائدة المتغيرة هي التي يعاد تسعيرها كل ثلاثة أو ستة أشهر، وفقا لحركة السايبور.

حماية الأفراد

جرى تشجيع معظم الأفراد في السعودية على تحويل قروضهم التي تتحرك مع حركة السايبور وتثبيت مدفوعاتها عند رقم معين "منخفض" إلى حين موعد أجل الاستحقاق، وتلك المبادرة الاستباقية تمت قبل قفزة أسعار السايبور.
وأسهم ذلك في تغير خليط تسعير قروض الأفراد ما بين الفترة من 2015 إلى 2018، ليؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى ارتفاع القروض المسعرة بالفائدة الثابته إلى 46 في المائة بنهاية 2021 مقارنة بـ37 في المائة في 2018.
وفي سبتمبر 2017، طالب "ساما" الممولين العقاريين بالالتزام بعدد من الحقوق الواجبة للعميل، منها تقديم خيار أو أكثر لعملائهم كبدائل أخرى، إضافة إلى خيار الاستمرار في عقد التمويل العقاري القائم.
وأوضح البنك المركزي السعودي حينها، إمكانية تحويل عقد العميل العقاري من متغير إلى ثابت التكلفة بدون رسوم إدارية، في حال توافر المنتج لدى الممول الحالي.
وبين أهمية تمكين الممولين العقاريين العميل من تحويل المديونية إلى ممول عقاري آخر في حال حصوله على شروط تلائم ظروفه، مشددا على أنه لا يحق للممول عند تحويله المديونية تحميل العميل تكلفة آجلة عن الفترة المتبقية، إلا في حدود ما تسمح به أحكام السداد المبكر.

وحدة التقارير الاقتصادية

الأكثر قراءة