نُزعت الرحمة
بعد وفاتها في الـ 31 من أغسطس 1869م اعتُبرت العالمة الإيرلندية ماري وارد أول ضحية حادث سير في العالم، واكتسبت هذا اللقب بعد وقوعها تحت عجلات سيارة بخارية صممّها أقاربها.
ومنذ تلك الحادثة ومشكلات القيادة والسيارات لا تنتهي وتتشعب كلّ عام لتصبح سبباً رئيساً للوفيات في كل دولة من دول العالم.
والحكومات من جهة أخرى تفرض المزيد من التشريعات والقوانين للحدّ من الكوارث التي تحصد الأرواح في أجزاء من الثانية.
في عام 1865 أصدر البرلمان الإنجليزي قانون العلم الأحمر، الذي يقضي بألا تتجاوز سرعة المركبات ستة كيلومترات في الساعة في الطرق المفتوحة وثلاثة كيلومترات في الساعة داخل المدن وأن يسبق كلّ مركبة رجل يحمل علما أحمر لإعلان مرور المركبة في الطريق.
وهكذا مع تطور المركبات والطرق بذات الوقت تطورت القوانين وزادت السرعة المحددة في البدء لتصل إلى 120 كيلومترا في الساعة وهي السرعة القصوى المتعارف عليها دولياً.
لكن السؤال من يحمل العلم الأحمر اليوم؟ والسائقون المتهورون يجوبون الطرقات بلا رحمة؟
لم تعد المشكلة خللا في الطريق، أو في تقنية سرعة المركبة . أصبحت المشكلة ببساطة تجاهل السائق لمن حوله، وأمنه العقوبة – أحياناً- حتى إن وجدت الأنظمة المحكمة التي تراقبهم ما زال المخالفون يفلتون من قبضة العدالة.
في نورث كارولينا الأمريكية ابتكرت مجموعة من سكان الأحياء الهادئة حلا لمشكلة القيادة المتهورة، بتعليق لوحات تحذيرية أولاً تعلن لمن يقود مسرعاً خطورة تعرّضه للعقوبة التي صنعها السكّان بأنفسهم. ما إن يعبر الحيّ مسرعاً حتّى يتلقى كرات من الطلاء ستشوه معالم سيارته الخارجية وهكذا سيكون له درساً لا ينساه، هذا القانون المبتكر أثار حنق كثيرين منذ إعلان السكان قيامه في الـ 20 من أغسطس لكنّه على حدّ قولهم الطريقة المثلى لتقليل خسائرهم وإصابات أطفالهم المنتشرين للعب في الحيّ.
كلّ عام يتكبد وطننا المليارات من الريالات والآلاف من الوفيّات والجرحى بسبب تهور دقائق معدودة من قبل الأشقياء، وأقول أشقياء لأن نبينا - صلى الله عليه وسلّم - خبّر عنهم بحديثه: «لا تنزع الرحمة إلا من شقيّ».