«تاسي» والتقاطع الذهبي

تراجعت السوق السعودية خلال آخر تداولاتها الأسبوعية الخميس الماضي إلى منطقة 11820، لكنها استطاعت الإغلاق في اليوم نفسه أعلى من مستويات 12145 نقطة، ما يعني أنها شهدت تذبذبا حادا بمقدار يزيد على 300 نقطة خلال جلسة واحدة، كانت عمليات التراجع مدعومة بإعلان شركات قطاع البتروكيماويات وشركات أخرى نسبة تأثرها سلبا من رفع أسعار شركة أرامكو بعض منتجاتها من اللقيم والديزل والغاز وغيرها، بداية من شهر يناير الحالي، ما سيكون له تأثير سلبي في الشركات المعلنة من حيث ارتفاع التكاليف والإنتاج وبالتالي انخفاض أرباحها حسب نسبة اعتماد كل شركة على تلك المنتجات، علما أن الأثر المالي لذلك سينعكس على نتائجها خلال الربع الأول من العام الجاري حسبما تم إعلانه.
من زاوية أخرى وتحديدا من الناحية الفنية نرى أن السوق المالية خلال ارتفاعاتها الحالية تقوم بجني أرباح طبيعي وبشكل مستمر، حيث ترتفع خلال جلسة أو اثنتين ثم تتراجع بعض الشيء الأمر الذي يخفف وطأة أي تصحيحات مستقبلية، فعمليات جني الأرباح مع كل ارتفاع تعد صحية للسوق من الناحية الفنية كما ذكرنا، مع المحافظة على مناطق الدعم التي تعد منطقة 11800 حاليا هي أقرب مناطق الدعم خاصة للمضاربين، أما المستثمرون فلا شك أن مناطق الدعم المهمة لهم أبعد من ذلك.
أيضا من الجميل هو حدوث التقاطع الذهبي على المؤشر العام للسوق مع نهاية الأسبوع الماضي، الذي ذكرنا سابقا أن السوق تتهيأ له، والتقاطع الذهبي هو عندما يتجاوز متوسط 50 يوما لمتوسط 200 يوم، حيث يقع حاليا متوسط 50 للمؤشر العام "تاسي" عند 11380 متجاوزا متوسط 200 بفارق يزيد على 100 نقطة، بينما يقع متوسط 200 الموزون عند 11270، وعادة تشهد الأسواق والأسهم تحركات إيجابية بعد حدوث هذا التقاطع، لذلك أطلق عليه "التقاطع الذهبي"، خاصة مع عودة السيولة واقترابها من مستوى العشرة مليارات ريال في الجلسة الواحدة، ما يعزز من إيجابية السوق حتى الآن.
من جانب آخر فقد عززت توقعات البنك الدولي لنمو الاقتصاد السعودي من ثقة المستثمرين في السوق، حيث رفع البنك الدولي توقعاته لنمو اقتصاد المملكة خلال العام الجاري 2024 إلى 4.1 في المائة مقابل توقعاته في يونيو الماضي عند 3.3 في المائة بفارق يبلغ 0.8 في المائة، كما رفع البنك توقعاته لاقتصاد المملكة خلال العام المقبل 2025 بنحو 1.7 في المائة إلى 4.2 في المائة، مقارنة بتوقعاته السابقة عند 2.5 في المائة في يونيو 2023، وأشار البنك إلى أن الاستثمار المتعلق بالنشاط غير النفطي سيكون المحرك الرئيس للنمو في المستقبل في ظل مشروعات رؤية المملكة 2030، هذه الإشارة تعني كثيرا للمستثمرين في السوق، حيث توضح هذه التوقعات استمرار التدفقات النقدية على المشروعات وانعكاسها الإيجابي على القطاعات والشركات المدرجة.
من جهة أخرى، لا تزال أسعار خام برنت تحت الضغط، خاصة مع تسجيل الصين مستوى قياسيا من الإنتاج وهي ثاني أكبر مستورد للنفط، ويتداول برنت حاليا بين نطاقي 79 كمقاومة قريبة وبين 75 دولارا للبرميل، مع توقعاتنا من الناحية الفنية بتجاوز خام برنت مستويات 84 دولارا على المدى المتوسط، ما يعني تقديم مزيد من الدعم للسوق المحلية خلال الربع الأول على الأقل، والله أعلم بالصواب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي