التضخم يعود للضغط على الأسواق

تعرضت الأسواق الأمريكية والعالمية لعمليات الثلاثاء من هذا الأسبوع، لجني أرباح، تباينت في نسبة هبوطها ما بين 1.45 إلى 1.7% على إثر إعلان أرقام التضخم التي فاقت توقعات الأسواق، حيث ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بنسبة 3.1 % على أساس سنوي، بأكثر من التوقعات بفارق نقطتين التي كانت تشير إلى 2.9 %، وبالتالي عزز ذلك من ارتفاع مؤشر الدولار إلى مستويات 105 بنحو نقطة كاملة، وذلك يمنح الفيدرالي الأمريكي المحافظة على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية لفترة أطول، حيث لا تزال معركته ضد التضخم تحتاج إلى وقت أكبر للسيطرة عليه، فضلا عن عودته إلى المستهدفات التي حددها الفيدرالي عند 2 %، وهذا خلاف ما كانت تتوقعه الأسواق من بداية خفض لأسعار الفائدة في اجتماع الفيدرالي في مارس الشهر المقبل، ما زاد من حالة عدم اليقين لدى المستثمرين في توقيت بدء تراجع أسعار الفائدة، وبالتالي عززت بيانات التضخم من ارتفاع مؤشر الدولار الذي يسير في اتجاه معاكس للأسواق، حيث تربطهما علاقة عكسية، وارتفعت العوائد على السندات لأجل عامين نحو 23 نقطة وبنسبة 5 % حيث وصلت إلى مستوى 4.67 %، ويعد العائد على السندات لأجل عامين من المعايير الأكثر حساسية وارتباطا بأسعار الفائدة، كما أن انقلاب منحنى العائد لا يزال مسيطرا على سوق السندات، فلا تزال عوائد السندات -القصيرة- لأجل عامين أعلى من نظيرتها -الطويلة- لأجل عشرة أعوام، وهو ما يتزامن عادة مع حالات الركود التي يعد فيها انقلاب منحنى العائد إحدى إشاراته التي تكررت سابقا، رغم تصريحات بعض المسؤولين في الولايات المتحدة بأن انقلاب العائد هذه المرة قد يكون مختلفا.
عودا إلى ارتفاع مؤشر الدولار الذي وصل إلى منطقة مقاومة حالية عند 105 يبدو أنه ما زال مرشحا للعودة إلى منطقة 102.5 التي تعني عودة الزخم الصاعد إلى الأسواق مجددا، وبعيدا عن أسباب التراجع فالأسواق كانت بحاجة إلى عمليات تهدئة وجني أرباح بعد سلسلة من الارتفاعات المتواصلة، بل وتحقيقها لغايات تاريخية وأرقاما جديدة لم تصل إليها منذ نشأتها كالداوجونز والإس آند بي 500، وربما تنتهي عمليات جني الأرباح إذا ما صدرت بيانات أخرى قد تكون مطمئنة لانخفاض مسار التضخم وبالتالي ضعف الدولار وعودة الأسواق إلى الارتفاع.
من جهة أخرى واصلت السوق السعودية ارتفاعاتها للجلسة التاسعة على التوالي مع ارتفاع السيولة فوق مستوى عشرة مليارات ريال وأعلى من متوسطها الشهري عند 8.400 مليار ريال، واستطاعت السوق يوم الثلاثاء الماضي اختراق 12344 نقطة التي تعد منطقة مقاومة، كونها القمة التي تراجعت منها السوق بعد ملامستها مطلع يناير الماضي، لذلك السوق بحاجة إلى تأسيس منطقة دعم أعلى من هذا المستوى لتكون مستهدفاتها فوق 12600 نقطة، وأي عمليات جني أرباح قد تؤثر فيها بسبب تراجع الأسواق العالمية ستعد منطقة 11900 هي الأهم لبقاء الزخم الصاعد، كما أن ارتفاع أسعار خام برنت وعودتها فوق 80 دولارا تدعم السوق المحلية، حيث تستهدف أسعار خام برنت تكوين قمة أعلى من آخر قمة حققتها عند مستوى 84 دولارا، وذلك أيضا مرهون ببقاء الأسعار أعلى من منطقة الدعم الحالية عند 79 التي تعد القاع الصاعد الأخير، مع بقاء التفاؤل على المدى المتوسط. رأي شخصي وفني، والله أعلم بالصواب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي