الخريجون .. بين الانتظار الإيجابي والسلبي
موضوع اليوم يهم كل بيت من بيوتنا لأنه يتحدث عن فلذات الأكباد من بنين وبنات وبالذات من خريجي الجامعات الذين نفرح بنجاحهم كل عام وهم آلاف في شتى التخصصات، وبعد التخرج تبدأ رحلة البحث عن الوظائف التي لم تعد سهلة كما كانت في الماضي ولذا قد تستغرق وقتا طويلا، ومدة انتظار الوظيفة المناسبة لا بد أن يُشغل بإيجابية وإلا تحوّلت إلى ضياع وسلبية، وفترة نهارها نوم وليلها سهر وينعكس ذلك على الصحة، حتى على التحصيل العملي مع مرور الوقت.
أما كيف تشغل فترة الانتظار بإيجابية فهناك طرق عديدة أولها أن يستمر الطالب أو الطالبة في ضبط مواعيد نومه وبالتالي استقبال الصباح بنشاط يساعده على الالتحاق بالدورات التدريبية واكتساب المهارات واللغات وخاصة الإنجليزية التي تزداد أهميتها في الأعمال، واعتبار أن هذا التدريب يُعد مكملا للتدريب السابق الذي كان من متطلبات التخرج لدى الشركات الكبرى التي أصبحت ملزمة بموجب قرار من وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بتوفير التدريب للطلاب السعوديين حسب خطة التدريب التعاوني المؤهل لسوق العمل.
وإلى جانب التدريب هناك استغلال فرص التطوع المقدمة عبر المنصة الوطنية للعمل التطوعي تحت مظلة المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، وهو أحد الأهداف المهمة لرؤية 2030 التي تستهدف مليون متطوع في المجالات المختلفة. وتقوم المنصة بتوثيق الساعات التطوعية وإظهارها في منصة أبشر، ما يسهل البحث عن الفرص التطوعية المناسبة للاهتمامات والخبرات والتخصص ثم إصدار شهادة تطوع تفيد المتطوع في مسيرته العملية مستقبلا.
وبين التدريب واكتساب المهارات والعمل التطوعي تمضي مدة انتظار الوظيفة بإيجابية تنعكس على نفسية الشاب أو الشابة طوال المسيرة العملية بدل الاستسلام للخمول بعد التخرج وانتظار الحصول على الوظيفة المناسبة لأي سبب من الأسباب ويبقى الأهم من كل ما تقدم أن تستجيب شركات القطاع الخاص لرغبة وقرارات القيادة والدولة في توطين الوظائف والتغاضي عن شروط توافر الخبرة التي تكون فيها كثير من المبالغة عند تطبيقها على السعوديين وتقبل بما يقدم لها من شهادات الخبرة من غير السعوديين، والعمل على وضع تشريع يحفز طالب العمل اكتساب الخبرة عبر برامج التمهير والتدريب على رأس العمل واحتساب البرامج التدريبية المهنية ضمن الخبرة اللازمة للتوظيف.
وأخيرا: على الشباب الخريجين والخريجات التفاؤل، فبلادهم فيها كثير من الخير وتشهد نهضة غير مسبوقة، ومن المؤكد أن أهم ما يمكن الاعتماد عليه لتوطين الوظائف في شركات ومؤسسات القطاع الخاص اشتراط أن يكون مدير الموارد البشرية سعوديا وهو ما سبق أن صدرت به قرارات سابقة لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية. كذلك استمرار قرارات التوطين التي تستهدف قطاعات محددة، من أبرزها: توطين قطاع ومهن الاستشارات، وتوطين مهنة طب الأسنان في القطاع الخاص، وكذلك توطين جميع وظائف مبيعات المنتجات التأمينية، وبدء سريان توطين مهن المبيعات والمشتريات وإدارة المشاريع، حيث أدى ذلك إلى انخفاض نسبة البطالة بين السعوديين إلى 7.7 ٪ في الربع الرابع من 2023، وهو الأدنى منذ 1999، وتستهدف رؤية السعودية 2030 خفضه إلى المعدلات الأفضل عالميا بين 4 ٪ و7 ٪ وهذه المستهدفات مع ارتفاع الاقتصاد والتوسع في المشاريع تبعث الطمأنينة في نفوس طالبي العمل، لكنها تحملهم مسؤولية مضاعفة في الاستعداد للعمل بما يتطلبه من مهارات ومعارف.