متطلبات تقدم الاقتصاد .. تعريفات ودورس
تحقيق مزيد من الرزق في أي بلد مربوط بحصول نمو وتطور اقتصادي. وتحقيق هذا النمو والتطور له أسباب ومتطلبات. وكل ذلك منوط -بمشيئة الله وتوفيقه-، فهو سبحانه الرزاق. وهذا لا يتعارض مع وجوب الأخذ بالأسباب وفعل المتطلبات. وردت نصوص كثيرة، عن فضل الله، ووردت أيضا نصوص كثيرة عن الأخذ بالأسباب، وليس المقام للتفصيل فيها. ولكن نشير باختصار إلى حدث تاريخي. نصيحة النبي يوسف قائمة على الأخذ بالأسباب وتحقيق متطلبات لصحة الاقتصاد.
ما متطلبات تقدم أي اقتصاد، آخذا بالحسبان توفيق الله؟
أهم المتطلبات حسن البنية المؤسسية والقانونية في الدولة، ووجود أسواق تنافسيه، وموارد بشرية ومالية عاملة بكفاءة، وبنية نقدية مستقرة، ومحفزات للتقدم والنمو الاقتصادي. وما يبنى على هذه العوامل من مرئيات وخطط يتطلب جودة وأمانة في وضعها وتطبيقها وتنفيذها. هذه الجودة قد لا تعجب كثيرين، لأنها في حالات كثيرة لا تتماشى مع مصالحهم الخاصة.
ماذا نعني بالنمو الاقتصادي؟ وجود تحسن مستمر في قدرة الاقتصاد على تلبية طلب الناس من السلع والخدمات. وهذا التحسن يستند ضمن ما يستند على المتطلبات السابقة. متطلبات تعمل على تحسين وزيادة مصادر النمو. وهناك أكثر من تصور للنمو الاقتصادي وطرق قياسه.
وغالبا يقصد بكلمة نمو المعنى الأولي وهو زيادة حجم الاقتصاد كما تقيسه الهيئات الإحصائية، بغض النظر عن ماهية وأسباب هذه الزيادة. ولا يعني ذلك التغاضي عن الماهية والأسباب، ولكن بحث هذه الأمور يأتي ضمن التعرف على قدرة الاقتصاد الإنتاجية على المدى البعيد في تحقيق نمو. وكل ذلك يستند طبعا على توفيق الله.
يقاس النمو بمعناه المبسط بطريقتين، أذكرها بدون تفاصيل: طريقة الطلب وتعني مجموع الإنفاق على السلع والخدمات المشتراة. وطريقة العرض وتعني مجموع السلع والخدمات المنتجة.
في الاقتصادات ذات الموارد الطبيعية النفطية على سبيل المثال، معروف أن الإنفاق الحكومي المعتمد على إيرادات النفط كان المحرك لهذا التطور والنمو خلال عقود، من خلال تشغيل عوامل الإنتاج من رأسمال وأرض ويد عاملة. ولكن تلك الإيرادات النفطية قد لا تستمر كما تشتهي النفوس. ومن ثم فالتحدي أن تعمل وتنمو عوامل إنتاج تراعي تغير الظروف، في المدى البعيد خاصة. وشبيه بذلك أن نصيحة يوسف عليه السلام بنيت على حسن إدارة للاقتصاد، تراعي تغير الظروف.
لا تقتصر الموارد الطبيعية على النفط، بل المعنى أعم فيشمل كل مورد لم يصنعه أصلا الإنسان، ومنها الأرض وخصائصها وما فيها من موارد طبيعية. وتوفر الموارد الطبيعية لا ينبغي أن يقلل أهمية الموارد الأخرى، وعلى رأسها البشرية لتحقيق نمو اقتصادي.
3 عناصر تحدد إسهام الموارد البشرية في النمو: عددهم ومهاراتهم وأداؤهم. وكل عامل يساعد على تحسين هذه العناصر فهو تلقائيا يساعد على نمو الاقتصاد.
وهناك عنصر تكوين رأس المال. يتطلب ضمن ما يتطلب التضحية بجزء معتبر من الموارد السنوية لاستخدامها في بناء رأسمالي بدلا من الاستهلاك. ولذا يلاحظ أن الدول التي تحقق نموا قويا تخصص جزءا كبيرا من مواردها وإنتاجها للاستثمار بغرض زيادة تكوين رأس المال. والعكس يؤدي إلى العكس. أي أن ضعف ما يخصص للاستثمار يضعف النمو الاقتصادي.
ماذا بشأن إنتاجية عوامل الإنتاج؟ يطلق الاقتصاديون مسمى إنتاجية على مدى كفاءة وحسن الاستفادة من رأس المال واليد العاملة في عملية الإنتاج. وللإنتاجية طرق تقاس بها في البحوث والدراسات.
السؤال التالي كيف نحسن عوامل الإنتاج؟
أدوات ووسائل التحسين كثيرة، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: إصلاح التعليم والتدريب بما يؤدي إلى رفع مهارات وإنتاجية الخريجين -مكافحة الفساد- تحسين مناخ الاستثمار وممارسة الأعمال بصورة عامة. وفوق كل ذلك توفيق الله سبحانه.