اليابان تبدو أكثر حذرا تجاه المخاطر المالية.. الوضع صعب إذا لم تعالج العجز
التزمت اليابان بإصلاح أوضاعها المالية، رغم وجود مخاوف من أن سحب الدعم من الاقتصاد سابق لأوانه، بحسب ما أوردته "اليابان تايمز".
في "خطة هونيبوتو" ــ سياسة تحدد المبادئ التوجيهية للإدارة الاقتصادية والمالية للحكومة ــ التي وافق عليها مجلس الوزراء الجمعة، تعهدت إدارة رئيس الوزراء، فوميو كيشيدا، بميزانية متوازنة بحلول العام المالي 2025، ما يعيد لغة كانت غائبة على مدى عامين.
وتأتي موافقة مجلس الوزراء هذا العام في وقت يغلب فيه عدم اليقين، يبتعد فيه بنك اليابان عن سياسة أسعار الفائدة المنخفضة للغاية، ويتكيف الاقتصاد مع انتهاء أعوام الإنفاق الباذخ المرتبط بالجائحة.
ويقول مراقبو "هونيبوتو" إن اليابان تبدو الآن أكثر حذرا تجاه المخاطر المالية، وأكثر حرصا على معالجة العجز مما كانت عليه في الأعوام الأخيرة. كما أنها تواجه موقفا لا خيار أمامها فيه سوى التصرف.
وأوضح توموهيسا إيشيكاوا، كبير الاقتصاديين في معهد الأبحاث الياباني: "سيرفع بنك اليابان أسعار الفائدة في النهاية، ما يعني أن تكاليف مدفوعات الفائدة سترتفع بالتأكيد"، مضيفا أن الحكومة ستكون على الأرجح في وضع صعب إذا لم تعالج العجز المالي.
تدعو "خطة هونيبوتو" هذا العام إلى تحقيق فائض ميزانية أولي في العام المالي 2025 وتخفيض نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي التي تبلغ 250% تقريبا. وتشير الخطة إلى أن الأعوام الثلاثة المقبلة ستكون حاسمة لإصلاح السياسات الاقتصادية والمالية.
وبحسب إيشيكاوا "تبدو الأساسيات مضمونة". وإذا حققت اليابان الأهداف، ستعود إلى المسار الصحيح بعد فقدان الانضباط المالي أثناء الجائحة.
ويدل فائض الميزانية الأولي على أن الحكومة قادرة على تغطية نفقاتها بالكامل ـ باستثناء تكاليف خدمة الدين ـ من خلال عائدات الضرائب التي لم تكن إيجابية منذ العام المالي 1991.
وتم التخلي عن تحقيق التوازن في الميزانية الأولية في 2022 و2023 حين اضطرت البلاد إلى زيادة الإنفاق لمكافحة جائحة كوفيد-19. كانت اليابان تهدف إلى تحقيق فائض ميزانية أولي في العام المالي 2020، لكنها أخرت الموعد خمسة أعوام في 2018، حيث بدا أن الهدف غير قابل للتحقيق.
وفقا لتقديرات حكومية، ستشهد الميزانية الأولية للحكومة المركزية والحكومات المحلية في العام المالي 2025 عجزا يبلغ 1.1 تريليون ين (6.9 مليار دولار)، تهدف الخطة إلى تحويله إلى فائض من خلال ترشيد الإنفاق في الميزانية.
جاء في تقرير كتبه تاكويا هوشينو، اقتصادي كبير في معهد داي إيتشي لأبحاث الحياة: "تدعي الحكومة أنها تسير في المسار الصحيح لتحقيق فائض ميزانية أولي. لكن هذا يعتمد على تقديرات لا تشمل النفقات من الميزانيات والأموال التكميلية".
وأصبح من المعتاد في الأعوام الأخيرة أن تعمل الحكومة على صياغة ميزانيات تكميلية. لذا، حتى لو تشددت الحكومة في الميزانية الأولية سينتهي الأمر بها دائما إلى إنفاق المزيد.
دعا إيشيكاوا، من معهد الأبحاث الياباني، إلى وضع قواعد للحد من اعتماد الحكومة على ميزانيات إضافية، لكن من غير المرجح أن يحدث ذلك لأن المشرعين يعتمدون على الإنفاق الإضافي للفوز بالأصوات.
ويشير اقتصاديون أيضا إلى أن "خطة هونيبوتو" لا تتضمن سوى تفاصيل قليلة حول كيف ستلتزم اليابان بتحسين الأوضاع المالية على المدى الطويل.
وقال إيشيكاوا: "أود أن أرى موقفا أكثر وضوحا لزيادة الإنفاق على الأشياء المؤثرة وتخفيضه على الأشياء غير المؤثرة".