الهوية الابتكارية والبعد الاقتصادي

عالمنا اليوم أصبح يتسم بالتطور والتغير السريع وخاصة مع التقدم في المعلومات والتقنيات الابتكارية المتنوعة والتحديات الاقتصادية المتزايدة، وأصبح الابتكار عنصرا أساسيا لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام والتطور بشتى أنواعه في جميع المجالات، كما أصبحت التوجهات نحو تحقيق التفوق والإبداع على مستوى الأفراد والقدرة الريادية والتنافسية على مستوى المنظمات سواء كانت مؤسسات أو شركات أو حتى دول تمثلها الهوية الابتكارية. ولذا في هذا المقال سأستعرض ماذا أعني بالهوية الابتكارية وماهي أهميتها، وعلاقتها بالبعد الاقتصادي، مع استعراض بعض الأمثلة والتجارب الناجحة في هذا المجال.

يمكننا أن نعرف الهوية الابتكارية على أنها مجموعة القيم والمبادئ والتوجهات التي تستند على المجال البحثي والفكر الإبداعي المتطور والاستكشافات والحلول الابتكارية لتحديات مختلفة وبالتالي فهي مرآة للتخصصات والأهداف سواء كانت على مستوى الأفراد أو الشركات أو الدول، وتكمن أهميتها في توفيرها لميزة القوة والتميز التنافسي من خلال القدرة على تقديم منتجات وخدمات فريدة ومتميزة في السوق سواء كان محليا أو دوليا، على سبيل المثال شركة أبل تستخدم الابتكار كمحرك رئيس لتطوير منتجات تكنولوجية جديدة تحافظ على مكانتها الاستباقية في الأسواق العالمية، وغيرها من الشركات مثل نيفيديا ومايكروسوفت وسيسكو، وأيضا تكمن أهمية الهوية الابتكارية في تعزيز النمو الاقتصادي، فمثلا الاقتصاد الألماني يعتمد بشكل كبير على الصناعات المبتكرة مثل الهندسة الميكانيكية والتكنولوجيا العالية، ما يعزز من نموه واستقراره، وتحسين الصناعات القائمة، وأيضا من خلال تحسين الإنتاجية وخلق فرص عمل جديدة وزيادة القدرة التنافسية فقطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة يسهم وبشكل كبير في خلق فرص عمل جديدة في مجالات تقنية متعددة مثل تطوير البرمجيات، وهندسة الكمبيوتر، والذكاء الاصطناعي، أضف إلى أهميتها في تحسين جودة الحياة.

تمثل الهوية الابتكارية بعدا أساسيا لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، فالابتكارات التي تنتج عن الأبحاث الأكاديمية تسهم في تحسين الإنتاجية وخلق فرص عمل جديدة، ما يعزز النمو الاقتصادي، فالاقتصاد الصيني على سبيل المثال شهد نموا هائلا بفضل استثماراته الكبيرة في البحث والتطوير والابتكار التكنولوجي، ما جعل منه قوة اقتصادية عالمية بهويات واضحة لتلك الابتكارات والأبحاث. وأصبح من المؤكد أن هناك تكاملا مشتركا بين الهوية الابتكارية والاقتصاد فمثلا نجد أن ألمانيا تتميز بنظامها القوي في البحث والتطوير والابتكار، حيث تعتمد عديد من الشركات الألمانية على الأبحاث الأكاديمية والابتكارية لتطوير منتجاتها، ويعد قطاع السيارات مثالا بارزا، حيث تسهم بهويتها الابتكارية في تحسين كفاءة المحركات وتطوير صناعة السيارات الكهربائية.

وفي الولايات المتحدة، تعد الجامعات الأمريكية مثل ستانفورد وهارفارد من المؤسسات الرائدة في البحث والابتكار، وتسهم بشكل كبير في دفع عجلة الاقتصاد الأمريكي من خلال شراكات مع القطاع الخاص وتطوير تكنولوجيات متقدمة، أضف إلى ذلك استثمارتها في شركات رائدة في ذات هوية ابتكارية حققت من خلاله عوائد ضخمة مثل جوجل وفيس بوك وتسلا وغيرها. وفي اليابان يتم التركيز بشكل كبير على الابتكارات في عديد من مجالات التكنولوجيا والهندسة، ما أدى إلى تحقيق تقدم كبير في مجالات مثل الروبوتات والإلكترونيات، وأسهم في تعزيز الاقتصاد الياباني.

في السعودية، تُعد الهوية الابتكارية جزءا أساسيا من رؤية 2030، كونها تسعى إلى تنويع اقتصادها وتعزيز الابتكار لتحقيق مستقبل مستدام ومزدهر، وأرى أن الهوية الابتكارية تؤدي دورا حاسما ومهما في تحقيق النمو الاقتصادي والتطور المجتمعي يجب تبنيه من جميع الجهات ذات العلاقة في مجال البحث والتطوير والابتكار، فمن خلالها يمكن للدول والمؤسسات تحسين قدرتها الرياديه بهوية واضحة وهو ما يؤدي إلى نجاحها في تحقيق اقتصاد تنافسي ومستدام.            
 

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي