عمليات التسريح في كبرى الشركات تلقي بظلالها على المشهد الاقتصادي في الصين
توضح عمليات تسريح واسعة النطاق في القطاعات الصينية الرئيسة كيف يؤثر التباطؤ الاقتصادي في البلاد على القوى العاملة - حيث يقوم اللاعبون الرئيسيون في الصناعات بتقليص عدد الموظفين وتخفيض الرواتب.
وفقا لمراجعة شاملة أجرتها صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست لتقارير سنوية صادرة عن 23 شركة صينية - تضم أكبر خمس شركات من حيث القيمة السوقية في قطاع العقارات والإنترنت والسيارات والصناعات المالية، إضافة إلى ثلاث شركات بارزة في صناعة السيارات الكهربائية - قلصت 14 شركة حجم القوى العاملة لديها في 2023، بينما تخفض الأخرى النفقات المتعلقة بالموظفين للحد من التكاليف.
قال دينغ شوانغ، كبير اقتصاديين في بنك ستاندرد تشارترد: "مع انخفاض هوامش الربح وسط تباطؤ الاقتصاد، تتبع الشركات الخاصة بشكل مفهوم نهج تخفيضات القوى العاملة. ومن ناحية أخرى، قد تلجأ الشركات المملوكة للدولة إلى إجراء تعديلات على كشوف المرتبات لتوفير المال".
تضاءل النمو الاقتصادي في الصين في الأعوام الأخيرة، ومن المتوقع على نطاق واسع أن يبلغ نحو 5 % هذا العام، في حين لم ينخفض خلال الفترة من 2002 ـ 2011 قط إلى أقل من 9 %، وفي نصف تلك السنوات كان النمو في بأرقام من خانتين.
لكن لأعوام عديدة، ظلت سوق العقارات، التي كانت ذات يوم محركا للنمو، تتصارع مع أزمة ديون، بينما حولت شركات الإنترنت تركيزها إلى الربحية وسط تباطؤ نمو الإيرادات. ويواجه مصنعو السيارات والألواح الشمسية حرب أسعار قاسية بسبب السعة المحلية الفائضة المدفوعة بمنافسة شرسة. وتأثرت الشركات المالية بالأزمة أيضا.
في قطاع العقارات شهدت الشركات الخمس الرائدة من حيث القيمة السوقية انخفاضا في أعداد الموظفين في 2023. خفضت شركة بولي ريل إستيت، أكبر مطور في الصين من حيث القيمة السوقية، 16.3 % من العاملين (11 ألف وظيفة).
شهد قطاع الإنترنت، الذي يعد مصدرا مهما للوظائف، اتجاها مماثلا وسط جهود خفض التكاليف. قلصت شركة علي بابا للتجارة الإلكترونية الوظائف 12.8 % (20 ألف وظيفة)، بعد 7 % في 2022.
في الصناعة المالية، حيث تملك الدولة أغلب اللاعبين الرئيسيين، كان السماسرة والصناديق يخفضون التعويضات والمزايا إلى حد كبير، بدلا من اللجوء إلى تسريح العاملين.
ووسط حرب أسعار مؤلمة، أعلنت أكبر شركات تصنيع السيارات الكهربائية عن تخفيضات في تكاليف الموارد البشرية. وسرحت "لي أوتو" 18 % من موظفيها منذ مايو (أكثر من 5600 موظف).
ومع إيقاف الحكومة دعم شراء السيارات الكهربائية في نهاية 2022، تواجه شركات تصنيع السيارات سوقا تنافسية بشكل متزايد. أبلغت شركات تصنيع السيارات الكهربائية المتميزة "لي أوتو" و"نيو" و"إكس بانغ" عن انخفاض شهري في الإيرادات يزيد عن 35 % في الربع الأول من 2024.
على صعيد الطاقة الكهروضوئية، ذكر تقرير صحافي في مارس أن شركة لونجي جرين إنيرجي تكنولوجي، أكبر صانع لمواد الألواح الشمسية في العالم، ستسرح 5 % من قوتها العاملة. أعلنت الشركة عن خسارة صافية بلغت 2.3 مليار يوان في الربع الأول، عقب خسارتها 942 مليون يوان في الربع السابق.
قال دينغ، من ستاندرد تشارترد، إن الاتجاه المستمر لتسريح العاملين والتخفيضات المتعلقة بالموظفين في جميع أنحاء الصين سيلقي بظلاله على الطلب المحلي، حيث من المرجح أن يتبع المستهلكون نهجا أكثر حذرا في الإنفاق بسبب عدم الثقة في استقرار نمو الدخل.