تراجع أسعار النفط رغم مخاطر العرض
شهد الأسبوع الماضي تقلبات كبيرة بالأسعار مدفوعة بمزيج من التوترات الجيوسياسية، تباين البيانات الاقتصادية وانقطاع الإمدادات في ليبيا، ما أدى إلى ظهور توقعات متباينة خلال الأسبوع. ففي وقت مبكر من الأسبوع، ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 1 % مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، مع مخاوف من أن الصراع الدائر في غزة قد يعطل إمدادات النفط الإقليمية. ورغم عدم وجود تأثير فوري على الإنتاج، إلا أن المخاطر الجيوسياسية كانت كافية لدفع الأسعار إلى الارتفاع.
لكن، مع نهاية الأسبوع تراجعت الأسعار، مع توقع قيام "أوبك بلس" بتخفيف تخفيضات الإنتاج الطوعية السوق بدءا من أكتوبر. إضافة إلى تبدد الآمال في خفض سعر الفائدة بمعدل كبير في الولايات المتحدة الشهر المقبل، عقب بيانات التضخم التي أظهرت قوة في إنفاق المستهلكين الأمريكيين. تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط ا إلى 73.55 دولار للبرميل، لتنخفض 1.7% على أساس أسبوعي. وهبطت العقود الآجلة لخام برنت تسليم أكتوبر إلى 78.8 دولار للبرميل، لتنخفض 0.3% على أساس أسبوعي.
أسهمت اضطرابات الإمدادات في ليبيا في تشدد السوق. ففي يوم الخميس، ورد أن أكثر من نصف إنتاج ليبيا من النفط توقف. وأثار هذا الانقطاع، الذي يقدر بنحو 700 ألف برميل يوميا، مخاوف من تقلص الإمدادات العالمية. ولا يزال الوضع في ليبيا محفوفا بالمخاطر، رغم تلقي ثلاثة حقول نفط ليبية، هي السرير والمسلة والنافورة، تعليمات باستئناف الإنتاج، حسبما ذكره مهندسون لوكالة رويترز السبت 31 أغسطس.
قبل تدهور الوضع في ليبيا، كان من المتوقع على نطاق واسع أن "أوبك بلس" لن تتراجع عن تخفيضات الإنتاج الطوعية، مع استمرار دول خارج المجموعة مثل الولايات المتحدة، غيانا والبرازيل في زيادة الإنتاج. حيث، قالت المجموعة في أكثر من مناسبة إن خطتها لإلغاء التخفيضات تعتمد على توازن أسواق النفط.
في الوقت نفسه، أعلن العراق خططا لخفض إنتاجه إلى ما بين 3.85 و3.9 مليون برميل يوميا في سبتمبر، بعد تقارير تفيد بأنه تجاوز حصته في "أوبك بلس". ومن المتوقع أن يؤدي هذا الانخفاض في الإمدادات العراقية إلى تشدد السوق بشكل أكبر.
لكن، حتى مع هذه التطورات الصعودية، سجلت أسعار النفط انخفاضا أسبوعيا وشهريا حيث ظلت توقعات الطلب، خاصة في الصين، العامل الرئيسي المهيمن على قرارات السوق. هذا رغم حقيقة أن واردات النفط إلى آسيا في أغسطس ستكون أعلى مما كانت عليه في يوليو، ما يشير إلى تعافي الطلب.
من جهة أخرى، قدمت البيانات الاقتصادية الأمريكية صورة مختلطة للطلب على النفط، ما أثر بشكل أكبر في أسعار النفط. حيث، ارتفع إنفاق المستهلك بقوة في يوليو، ما يشير إلى وضع اقتصادي أقوى في وقت مبكر من الربع الثالث. لكن في الوقت نفسه خففت هذه البيانات من توقعات خفض أسعار الفائدة بشكل كبير من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر، ما قد يحد من التحفيز الاقتصادي الذي قد يعزز الطلب على النفط.
في الأسابيع المقبلة، ستظل سوق النفط حساس للعوامل الرئيسة التي هيمنت على تشكيل الأسعار في الأسابيع القليلة الماضية، وهي التطورات في الشرق الأوسط، انقطاعات الإمدادات، آفاق الطلب الصيني، تقلبات مخزونات الخام والمنتجات، وتطورات الاقتصاد الكلي في الولايات المتحدة.
من المرجح أن تستمر اضطرابات الإنتاج في ليبيا وخفض الإنتاج العراقي في دعم أسعار النفط في الأمد القريب. إذا استمرت هذه القضايا أو تفاقمت، فقد نشهد مزيدا من الضغوط الصعودية على الأسعار. ومع ذلك، زيادة إنتاج "أوبك بلس" المخطط له في أكتوبر قد يحد من المكاسب المحتملة.
إضافة إلى ذلك، ستراقب السوق عن كثب المؤشرات الاقتصادية القادمة من الصين والولايات المتحدة بحثا عن علامات على نمو الطلب أو الانكماش. لذلك، على المتداولين أن يظلوا يقظين ويرقبوا التطورات في ليبيا والمؤشرات الاقتصادية العالمية التي قد تؤثر في السوق بأي اتجاه.