القمة الخليجية الأوروبية .. الأهمية والفرص
قمة لها أهمية كبرى في هذه المرحلة والظروف والمتغيرات الاقتصادية التي يشهدها العالم وبين تكتلين، وإن كانا مختلفين في الحجم والخصائص، إلا أن هناك أهمية إستراتيجية تعود بالمنافع على الطرفين، ولكل تكتل ميزاته التي يحقق بها تكاملا مع التكتل في الطرف الآخر، وهذا امتداد للعمل الخليجي المشترك، الذي يعمل لتحقيق مصالح تعود على دول الخليج بالدرجة الأولى والمنطقة بما فيها من فرص وما تواجهه من تحديات، ورغم أن القمة في أساسها تنعقد لتحقيق مصالح اقتصادية إلا أن في بيانها الختامي كان للأحداث الجيوسياسية في المنطقة أهمية بالغة نتيجة لقناعة تامة بين التكتلين، أن الأمن والاستقرار ضرورة للمنطقة لتحقيق التنمية والرخاء.
أهمية القمة التي انعقدت في هذا العام 2024 في بروكسل يأتي من حجم التمثيل لكلا التكتلين، الذي حضره ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على رأس وفد رفيع من السعودية، والذي تبنى مجموعة من المبادرات لتحقيق نهضة شاملة في المنطقة، وسعى إلى مثل هذه القمم لتحقيق عمق أكبر في التنمية مع التكتلات والدول الأكثر أثرا في المشهد الاقتصادي العالمي كالاتحاد الأوروبي والصين، وهذان التكتلان بالذات هما الأكثر احتياجا إلى علاقات وثيقة مع دول الخليج باعتبار الحاجة إلى الطاقة، أثر الطاقة في هذه الدول، في تحقيق التنمية لها وزيادة في نموها الاقتصادي.
الفرص بين التكتلين كبرى جدا، خصوصا مع التقارب الجغرافي بين المنطقتين، ووجود حاجة وفرص للنمو يمكن أن تتحقق بالتعاون بينهما، فعلى جانب الاستثمارات فمحفظة الصناديق السيادية الخليجية وغيرها تراقب الفرص الموجودة في الدول الأوروبية، وقد استثمر فعليا في الفرص، هناك إضافة إلى الفرص الكبرى في قطاعات النفط والبتروكيماويات ومجموعة من المنتجات التي يمكن أن تصدرها دول الخليج إلى الدول الأوروبية، كما أن الدول الأوروبية متقدمة في الصناعة، وهي حاضنة للثورة الصناعية التي شهدها العالم، كما أنها متقدمة جدا في مختلفة الصناعات، التي يمكن أن تساند التحول الذي تشهده المنطقة الخليجية في برنامجها للتحول فيما يتعلق بتنويع مصادر الدخل، أما فيما يتعلق بالسياحة فمن المعروف أن الدول الأوروبية هي الوجهة الأهم عالميا في السياحة، إلا أن دول المنطقة تسعى إلى أن تستثمر كثيرا في هذا المجال ولديها الفرص الكبرى خصوصا في السعودية، ما يجعل التعاون في هذا المجال كبيرا خصوصا في مجال الاستثمارات الأوروبية في المنطقة، وتدفق السياح من أوروبا إلى دول الخليج كأحد الخيارات التي ستشهد واجهة مختلفة عن الوجهات السياحية الأخرى.
في قطاع الخدمات اللوجستية تعد منطقة الخليج ممرا رئيسيا يخدم الدول الأوروبية خصوصا السعودية، حيث إن جزءا من التجارة العالمية يمر بالبحر الأحمر، وهو ممر رئيسي للتجارة من الصين أو الهند وآسيا عموما، كما أن خطط الممرات البرية القادمة من الصين أو الهند تجعل السعودية ودول الخليج ممرا رئيسيا ينتهي بدول أوروبا وقارة إفريقيا، ما يجعل لهذه المنطقة أهمية بالغة على المستوى العالمي، ولدول أوروبا على وجه الخصوص.
ومن الأهمية بمكان، الاستثمار في الطاقة التي تهتم به الدول الأوروبية وتستثمر فيه دول الخليج بصورة متنامية، ما يعزز توثيق العلاقة بتصدير التقنية المتقدمة في هذه الصناعة، التي ما زال الاستثمار فيها، فيه فرص كبرى للمنطقة.
فالخلاصة، أن هذا التكتل له أهمية كبرى في هذه المرحلة، ويمكن أن تحقق منافع ومصالح للتكتلين الخليجي والأوروبي في قطاعات مختلفة تتعلق بالطاقة، والاستثمار والسياحة والقطاع اللوجستي والصناعة، ما يعزز فرص النمو الاقتصادي لكلا التكتلين.