ارتفاع الدولار الأمريكي يضغط على أسعار النفط
عمليات السحب الكبيرة من مخزونات البنزين والديزل في الولايات المتحدة ساعدت على تعويض المعنويات الهبوطية السائدة في سوق النفط، على الرغم من أنها لم تكن كافية لوقف انخفاض أسعار النفط. بالفعل، انخفضت العقود الآجلة للنفط الخام بشكل حاد الأسبوع الماضي، حيث استقر خام غرب تكساس الوسيط عند 67.02 دولار للبرميل، بانخفاض 4.77%. وعكس خام برنت هذا الانخفاض واستقر عند 71.04 دولار للبرميل، ما يعكس توقعات الطلب الضعيفة المدفوعة بتباطؤ الاقتصاد الصيني، الدولار الأمريكي القوي، وتوقعات تزايد العرض وخصوصا من الولايات المتحدة.
في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي، سلطت التقارير الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية وأوبك الضوء بشكل جماعي على توقعات هبوطية، خاصة أن نمو العرض من خارج "أوبك+" من المرجح أن يتفوق على الطلب البطيء.
ولم تؤد جهود التحفيز الأخيرة في الصين إلى الارتفاع المتوقع في الطلب على النفط، ما زاد من المخاوف بشأن ضعف طويل الأمد في استهلاك الطاقة العالمي. وأظهرت بيانات شهر أكتوبر أبطأ نمو لأسعار المستهلك في الصين في 4 أشهر، ما يسلط الضوء على ضعف النشاط الصناعي.
بالفعل، انخفض إنتاج مصافي التكرير في الصين في أكتوبر 4.6% على أساس سنوي إلى 14.02 مليون برميل يوميا. وهو الشهر السابع على التوالي من الانخفاضات على أساس سنوي، حيث تحملت مصافي التكرير المستقلة في مقاطعة شاندونج وطأة هذا التراجع مع انخفاض معدلات تشغيلها إلى 58%، أي أقل بنحو 20 نقطة مئوية عما كانت عليه قبل عام.
من جانبها، خفضت أوبك في تقريرها الشهري الأخير توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط لعامي 2024 و 2025 للشهر الرابع على التوالي، وذلك في الأساس لخفض توقعاتها لنمو الطلب في الصين إلى 450 ألف برميل يوميا من 580 ألف برميل يوميا، وتتوقع المنظمة الآن أن يبلغ نمو الطلب العالمي في 2024 نحو 1.82 مليون برميل يوميا.
إن التوقعات الضعيفة للطلب في الصين مثيرة للقلق خاصة بالنظر إلى دورها كأكبر مستورد للنفط في العالم. ومع قيام أوبك الآن بمراجعة توقعات الطلب إلى الأسفل للشهر الرابع على التوالي، فقد تضاءلت الثقة في تعافي الصين، ما أثر سلبا في أسعار النفط الخام عالميا.
وفي الولايات المتحدة، تجاوزت مبيعات التجزئة في أكتوبر التوقعات، في حين تشير المراجعات الصعودية لبيانات سبتمبر إلى بداية اقتصادية أقوى للربع الرابع. لكن، على الرغم من هذه المؤشرات الواعدة، أكد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه لا توجد حاجة ملحة إلى خفض أسعار الفائدة، ما يخفف من احتمالات التحفيز الفوري للاقتصاد لدفع الطلب على الوقود.
على جانب العرض، لم يساعد أحدث تقرير أسبوعي للمخزون من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أسعار النفط، على الرغم من أنه تضمن انخفاضا كبيرا في مخزونات البنزين والمقطرات المتوسطة. ومع ذلك، ارتفع مخزون النفط الخام بنحو 2.1 مليون برميل في الأسبوع حتى 8 نوفمبر. في حين، انخفض إجمالي مخزونات البنزين بمقدار 4.4 مليون برميل وهي الآن أقل بنحو 4% عن متوسط الـ5 سنوات لهذا الوقت من العام. وانخفضت مخزونات المقطرات المتوسطة بمقدار 1.4 مليون برميل وهي الآن أقل بنحو 5% عن متوسط الـ5 سنوات لهذا الوقت من العام.
من جانب آخر، ساعد ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي في أعقاب فوز الرئيس السابق ترامب في الانتخابات، على تقليص الطلب على النفط الخام في الأسواق العالمية. بلغ الدولار الأمريكي أعلى مستوى له في عام واحد، مدعوما ببيانات مبيعات التجزئة الأمريكية القوية وإشارات بنك الاحتياطي الفيدرالي التي تشير إلى عدم وجود حاجة ملحة إلى خفض أسعار الفائدة. كما عززت عائدات الخزانة المرتفعة الدولار، ما جعل النفط أكثر تكلفة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى. وقد أدى هذا إلى كبح الطلب العالمي على الخام المقوم بالدولار، ما أضاف إلى المشاعر الهبوطية.
من المرجح الآن أن تظل المعنويات الهبوطية مهيمنة على سوق النفط في الأمد القريب، مثقلة بالمقاومة الفنية، الطلب الصيني الضعيف، والإمدادات الأمريكية القوية. يجب على السوق مراقبة التطورات في السياسات الاقتصادية الصينية، وقرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي القادمة وسياسة "أوبك+" الإنتاجية، حيث ستؤثر بشكل كبير في معنويات السوق. ما لم يحدث تحول كبير في الأساسيات، فقد تختبر أسعار النفط الخام مستويات أدنى في الأمد القريب.