هل ينجح تحالف "العشرين" لمكافحة الفقر والجوع فيما أخفقت به مؤسسات أممية؟
أعلنت مجموعة العشرين، المنتدى الذي يجمع أكبر اقتصادات العالم، تحالفا جديدا يهدف لمعالجة واحدة من أكثر قضايا البشرية تعقيدًا وإلحاحًا، وهي الفقر والجوع.
أثارت الخطوة التي تبنتها القمة التي عقدت في البرازيل نقاشات حادة، ليس فقط بين الدول الأعضاء في المجموعة، وإنما أيضًا على الساحة الدولية، وسط تساؤلات حول جدوى التحالف والتحديات التي تواجهها.
الجدل يدور حول أن التحالف ليس الأول من نوعه ولن يكون الأخير في مسعى دولي للقضاء على الفقر والجوع.
القضاء على الجوع يقع ضمن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة التي تبنتها الدول الأعضاء في 2015، لكن المسار العالمي يسير في الاتجاه الخاطئ منذ 2019، عندما بدأ عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية في الارتفاع، وقفز العدد من 152 مليون شخص إلى 733 مليونا، أي أن واحدًا من كل 11 شخصًا على كوكبنا يواجه الجوع الآن.
ويُطرح التساؤل: ما الذي يميز التحالف عن الجهود الدولية المتعددة في هذا المجال؟
تجيب الدكتورة ربيكا إيشالوم، خبيرة التنمية الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي، لـ"الاقتصادية" بالقول: "التحالف يعمل على توحيد جهود الدول الأعضاء لتطوير إستراتيجية منسقة تستفيد من الموارد المالية والتكنولوجية والأهم الإرادة السياسية، ومن ثم يربط الاقتصادات المتقدمة والنامية بطريقة فعالة تعمل على نقل المعرفة وتعزيز التضامن بين برامج الأمن الغذائي المستدامة".
لكن السؤال الذي يحتل صدارة المشهد حاليًا هو: هل يمكن أن تنجح مجموعة العشرين في التصدي للفقر والجوع في وقت أخفقت فيه منظمات أممية مثل الأمم المتحدة في مواجهة هذا التحدي؟
يصعب القول بوجود إجابة قاطعة بين الخبراء الذين استطلعت "الاقتصادية" آراءهم في هذا الشأن، إذ تتباين وجهات النظر بشكل كبير.
الدكتور بن باول، الاستشاري في منظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، يتبنى موقفًا تفاؤليًا حذرًا بشأن الآفاق المستقبلية للتحالف.
ويقول لـ"الاقتصادية": "مصادر القوة المتعددة للمجموعة، سواء كانت مالية أو تجارية أو سياسية، تقدم فرصًا غير مسبوقة لتعبئة الموارد والسير في اتجاه محدد للقضاء على الجوع والفقر عالميًا. فالمجموعة، في نهاية المطاف، محدودة العدد وليست مثل الأمم المتحدة التي تتنازعها تيارات مختلفة ومتصارعة، ما أضعف الجهد الدولي في القضاء على الفقر والجوع".
أما جين كرافت، الباحثة في مجال قضايا التنمية الاجتماعية، فتبدو أكثر تفاؤلًا، وتقول لـ"الاقتصادية": المجموعة لن تبدأ من نقطة الصفر، فلديها خبرات دولية ضخمة متراكمة في هذا المجال، ويمكن بسهولة، وبفضل مواردها، البناء على ما مضى وسد الثغرات".
ومع ذلك، يحذر بعض الخبراء من وقوع التحالف في فخ "الالتزامات المالية" بمساعدة الدول الفقيرة أو النامية للتخلص من قضية الفقر والجوع، وأن يتحول مع مرور الوقت إلى رافد آخر من الروافد المالية التي تُقدم للدول النامية دون نتائج فعلية على الأرض.
ولـ"الاقتصادية" يحذر البروفيسور ريتشارد هولدن، أستاذ الاقتصاد الدولي، قائلاً "التحالف لحظة محورية للتعاون العالمي، وإذا تمكنت دول المجموعة من موازنة طموحها الجماعي مع التنفيذ الفعّال، فقد تحقق نتائج غير مسبوقة في مواجهة الفقر والجوع".
ويضيف "النجاح سيعتمد على التزام بلدان التحالف بأهدافها المشتركة، ومدى الشفافية والمتابعة الدقيقة للمساعدات التي ستقدمها للبلدان النامية أو منخفضة الدخل للتغلب على مشاكل الجوع والفقر، فالفساد المستشري في عديد من تلك المجتمعات يحول دون القضاء على الفقر والجوع".
ويشير إلى أن التحالف يجب أن يأخذ في الحسبان أن تكون الحلول المطروحة من جانبه ذات صلة بالثقافات السائدة، وليس عملية إسقاط من أعلى، إذا أراد بالفعل أن يحقق قفزات واضحة المعالم في مواجهة الفقر والجوع.