كيف تستفيد السعودية من كأس العالم 2034 .. قبل المونديال وبعده؟
اتفق خبيران في الاقتصاد على أن استضافة السعودية كأس العالم 2034، ستسهم في تسريع وتطوير البنية التحتية، وأن عوائد المونديال المستدامة على التنمية والاقتصاد، وغير المحسوسة تفوق في أثرها العوائد المالية الوقتية، التي تنتهي بمجرد الانتهاء من الحدث العالمي، خلال حديثهما لـ"الاقتصادية" حول الاستفادة من استضافة المونديال قبل إقامته وبعده.
الخبير الاقتصادي فضل البوعينين عضو مجلس الشورى، قال إن تنظيم كأس العالم له انعكاسات اقتصادية وتنموية وترويجية كثيرة، فمن المتوقع أن يكون محفزا للاقتصاد، ومعززا للتنمية الشاملة، وتدفق الاستثمارات المحلية والأجنبية ومعززا للنمو، وممكنا للقطاعات الاقتصادية المختلفة وفي مقدمها القطاع السياحي، التجاري، النقل والخدمات اللوجستية، وقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى أهميته في توفير الوظائف والفرص الاستثمارية الصغيرة والمتوسطة.
البوعينين، قسم رحلة كأس العالم، وانعكاساتها الاقتصادية، إلى 3 مراحل، موضحا "الأولى مرتبطة باستكمال متطلبات كأس العالم ذات العلاقة بالملاعب، والبنى التحتية، وقطاع الضيافة، وهي مرحلة الإنشاءات التي ستحفز الاقتصاد والنمو من خلال الإنفاق الحكومي التوسعي على المشاريع عموما، وستسهم أيضا في دخول شركات واستثمارات عالمية مستفيدة من الفرصة المتاحة، ما سينعكس إيجابا على الاقتصاد، وسيسهم في توفير مزيد من الوظائف للسعودين والسعوديات، والفرص الاستثمارية للمنشآت الصغيرة".
وذكر "على سبيل المثال نجح مونديال البرازيل في توفير مليون فرصة عمل، و300 ألف فرصة عمل في مونديال روسيا، إضافة إلى عوائد بلغت 7 مليارات دولار للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وعوائد كليّة بلغت 14 مليار دولار".
أضاف أن "المرحلة الثانية هي مرحلة بدء منافسات كأس العالم، واستقبال 48 منتخبا عالميا، والمشجعين الذين سيكون لهم دور كبير في تنشيط الحركة الاقتصادية والتجارية، فمن المتوقع أن يكون للإنفاق الاستهلاكي زخم كبير محرك لجميع قطاعات الاقتصاد، خاصة قطاع السياحة والترفيه والضيافة والأطعمة، والنقل والخدمات عموما".
تابع "على سبيل المثال حقق مونديال قطر عوائد قدرت بـ17 مليار دولار، وهو الرقم الأكبر بين المونديالات السابقة. على الرغم من أن عدد المنتخبات كان 32 منتخبا، في الوقت الذي تستضيف فيه السعودية 48 منتخبا، بزيادة 16 منتخبا، أي ما نسبته 50%. وهذا يجعلنا أكثر تفاؤلا بتحقيق عوائد أكثر من عوائد المونديال الأخير. ومهما بلغت عوائد كأس العالم، فهي لا تعدو أن تكون جزءا من عوائد متنوعة قد لا تكون محسوسة اليوم، غير أنها تشكل العوائد الأهم للحكومة التي تنظر لكأس العالم كجزء من منظومة ترويجية كبرى يتجاوز تأثيرها القطاع الرياضي، إلى التأثير المستدام في التنمية والاقتصاد".
أشار إلى أن "المرحلة الثالثة هي مرحلة ما بعد المونديال، وهي المرحلة الأهم بالنسبة إلى السعودية ورؤية 2030. فما تصبو السعودية لتحقيقة من خلال كأس العالم، هو الاستدامة لمشاريعها التنموية وللنمو الاقتصادي، ولتدفق الاستثمارات والسياح، ولنشر المحبة والسلام بين دول العالم، وإبراز دورها الرئيسي في تحقيق الأمن الدولي".
وبحسب البوعينين، "لم تكن روسيا قبل مونديال 2018، معروفة بالسياحة، بل كان السياح يمتنعون عن زيارتها بسبب الصورة الذهنية السلبية التي روج لها الإعلام الغربي. فكان المونديال نقطة تحول كبرى، حيث تحولت موسكو وبعض المدن الروسية إلى وجهات سياحية عالمية. استقبلت روسيا ما يقرب من 5 ملايين سائح، ونما عدد السياح بنسبة 20% في العام التالي للمونديال، أما قطر، فقد ارتفعت نسبة السياح الدوليين الذين زاروها عام 2023 بما يقرب من 40% مقارنة بعام 2022".
بدوره، قال الدكتور محمد مكني أستاذ المالية والاستثمار في جامعة الإمام، إن تنافس الدول حول العالم على استضافة الفعاليات الكبرى سواء كانت رياضية أو غير رياضية لما لها من فوائد متعددة يتجاوز العوائد المالية ليشمل تأثيرات طويلة الأمد في الاقتصاد والبنية التحتية والسمعة الدولية، ومن أبرز هذه الفعاليات كأس العالم الذي يعد من أهم الأحداث الرياضية في العالم.
وتابع "استضافة السعودية لنسخة 2034 من كأس العالم تعد فرصة استثنائية لها، حيث تحمل في طياتها فوائد كبيرة ومزايا متعددة على المديين القريب والبعيد، ولا سيما أنها ستشهد مشاركة 48 منتخبا وهو حدث غير مسبوق ويعتبر استثنائيا، إذ سيتم جذب عديد من المشجعين والزوار من مختلف أنحاء العالم".
مكني أضاف "هذا الحدث الكبير سيسهم في تسريع تطوير البنية التحتية في السعودية حيث سيتم إنشاء عديد من المنشآت الرياضية والفنادق والطرق الحديثة ويتوقع أن يوفر هذا طلبا هائلا في قطاعات مثل البناء والتشييد، ما سيسهم بشكل مباشر في تنشيط الاقتصاد المحلي من خلال توفير فرص عمل جديدة وزيادة الاستثمارات، كما أن السعودية قبل كأس العالم لديها أكسبو 2030 وهذا حدث عالمي آخر سيعزز من الرغبة في إنجاز كثير من المشاريع النوعية الرأسمالية".
وذكر "من الجوانب المهمة التي ستؤثر في الاقتصاد المحلي هو تطوير قطاع الضيافة، حيث ستتم إضافة نحو 230 ألف غرفة فندقية، ما يعزز من قدرة السعودية على استيعاب الزوار من مختلف أنحاء العالم. كما أن السعودية ستستفيد بشكل كبير من فرص استقطاب الاستثمارات الأجنبية التي ستسهم في بناء هذه المنشآت الحيوية".
وأشار إلى أن استضافة البطولة في مدن غير المدن الرئيسية مثل نيوم وأبها ستسهم في توزيع الفرص الاقتصادية عبر مختلف أنحاء السعودية، وزيادة الجذب السياحي ما بعد المونديال 2034 وهذا هو المستهدف الرئيسي (الاستدامة) في كل القطاعات الاقتصادية".
ورأى "أن استضافة كأس العالم 2034 ستكون بمنزلة نقطة انطلاق إستراتيجية للسعودية لتحقيق طموحاتها التنموية في عديد من القطاعات غير النفطية مثل السياحة، الرياضة، والبنية التحتية، بما ينعكس إيجابًا على مكانتها على الساحة العالمية".