مكاسب محدودة لمؤشرات "وول ستريت" قبيل تقرير الوظائف
حققت مؤشرات الأسهم الأميركية مكاسب محدودة مع تحليل المستثمرين لتقارير الأرباح المتباينة قبل صدور بيانات الوظائف. في الوقت نفسه، قلصت السندات خسائرها بعدما أعاد وزير الخزانة، سكوت بيسنت، التأكيد على رؤيته بشأن مسار منخفض لعوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات في ظل إدارة دونالد ترمب.
تراجعت أسهم "أمازون" في التداولات الممتدة بعد إغلاق السوق، وذلك بعد توقعات أرباح أقل من التقديرات، مما يشير إلى استمرار الشركة في زيادة الإنفاق لدعم خدمات الذكاء الاصطناعي.
في التداولات العادية، انخفضت أسهم "كوالكوم"، وسط مخاوف من تباطؤ الطلب على الهواتف الجديدة، بينما قفزت أسهم "بيلوتون" بفضل توقعات إيجابية. في المقابل، سجلت "فيليب موريس إنترناشونال" مستوى قياسياً جديداً بفضل مبيعات قوية لمنتج "زاين" (Zyn) من عبوات النيكوتين. أما "فورد موتور"، فقد هبطت أسهمها بعد تحذير بشأن الأرباح.
صرح وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، في مقابلة مع "بلومبرغ" أنه سيمتنع عن انتقاد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، مشدداً على أن إدارة ترمب تركز على السياسات التي تؤدي إلى خفض عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، بدلاً من التركيز على ما إذا كان المسؤولون سيقررون خفض أسعار الفائدة. كما أكد أن الولايات المتحدة لا تزال تتبنى سياسة "الدولار القوي" تحت قيادة ترمب.
قبل صدور تقرير الوظائف الأميركي، أظهرت البيانات ارتفاع مطالبات البطالة الأولية، لكنها بقيت عند مستويات منخفضة، فيما أظهرت بيانات أخرى تحسناً في إنتاجية سوق العمل.
وإلى جانب تقرير الوظائف يوم الجمعة، ستركز وول ستريت على مراجعة بيانات نمو الوظائف، والتي يتوقع الاقتصاديون أن تكون كبيرة، ولكن ربما ليست بالسوء الذي تم تقديره في البداية.
قال كريس لاركين من "إي تريد" (E*Trade) التابعة لـ"مورغان ستانلي": "حتى الآن، تعكس الأرقام هذا الأسبوع سوق عمل لا يبدو أنها تقوم بتوظيف أو تسريح العمال بشكل كبير. سنرى ما إذا كان تقرير الوظائف الشهري الجمعة سيرسم الصورة ذاتها. في الوقت الحالي، قد يفضل المتداولون الانتظار".
تحركات الأسواق المالية
راهنت أسواق الخيارات على حدوث تقلبات بنسبة 0.9% في مؤشر "إس آند بي 500" بعد تقرير الوظائف، وهو ما يتماشى مع متوسط التغير في يوم الوظائف خلال العام الماضي.
ارتفع المؤشر بنسبة 0.4%، في حين أضاف "ناسداك 100" نسبة 0.5%، وتراجع "داو جونز الصناعي" بنسبة 0.3%، بينما قفز مؤشر "العظماء السبعة" (ألفابت، أمازون، إنفيديا، أبل، ميتا، مايكروسوفت، تسلا) بنسبة 0.7%. وانخفض "راسل 2000" للشركات الصغيرة بنسبة 0.4%.
اقرأ أيضا: السوق تدرس تأثير بيانات الوظائف الأميركية.. والتضخم يهيمن على أوروبا
في سوق السندات، ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار نقطتي أساس إلى 4.44%، بينما لم يشهد مؤشر بلومبرغ للدولار تغيراً يُذكر.
في الوقت نفسه، انخفض الجنيه الإسترليني بنسبة 0.5% بعد أن حذر محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي المستثمرين من الإفراط في تحليل تصويت صانعي السياسة النقدية، بعد تغيير مفاجئ في موقف أحد المسؤولين دفع الأسواق إلى زيادة التوقعات بمزيد من تخفيضات أسعار الفائدة.
وقال توم إساي من "ذا سيفين ريبورت" إن تقرير الوظائف يوم الجمعة مهم للأسواق، وأضاف: "إذا كانت الأرقام متوازنة بشكل جيد، فسيكون ذلك داعماً للأسواق وسط ضوضاء التعريفات والسياسات الجمركية. ولكن إذا لم يكن كذلك، فسيضيف عقبة جديدة للأصول عالية المخاطر، وقد يضغط على الأسهم".
تأثير المراجعات السنوية
يصدر مكتب إحصاءات العمل في يناير مراجعات سنوية لبيانات الوظائف عن الاثني عشر شهراً السابقة حتى مارس. عادةً لا تحظى هذه التعديلات بالكثير من الاهتمام، لكن هذه السنة مختلفة، حيث أشار التقدير الأولي في أغسطس، إلى مراجعة هبوطية محتملة بـ818 ألف وظيفة، وهي الأكبر منذ عام 2009.
يتوقع الاقتصاديون أن يكون التخفيض الفعلي في تقرير يناير ما بين 600 ألف إلى 700 ألف وظيفة، مما قد يكون بمثابة تخفيف للقلق في الأسواق. في الوقت نفسه، تشير التوقعات إلى أن بيانات الوظائف القياسية الشهرية ستظهر زيادة في الوظائف بمقدار 175 ألف وظيفة خلال الشهر الماضي، مقارنة بأكثر من 200 ألف وظيفة في الشهرين السابقين، وهو ما يعكس جزئياً تعافي سوق العمل بعد إعصارين شديدين.
توقعات الفيدرالي وأسعار الفائدة
بالنسبة لمسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي، من المحتمل أن تعكس نتائج تقرير الوظائف لشهر يناير والتعديلات المرجعية، رؤيتهم بأن الطلب على العمالة يتراجع تدريجياً لكنه لا يزال قوياً بما يكفي لدعم الاقتصاد.
قال غوراف ماليك من "باللاس كابيتال أدفيسورز" (Pallas Capital Advisors): "طالما أن تقرير الوظائف يظهر إضافة 170 ألف إلى 200 ألف وظيفة خلال الشهر، فمن المرجح أن تستوعب السوق هذه الأرقام دون تقلبات كبيرة. لكن إذا كانت الأرقام أعلى من ذلك بكثير، فقد يقلل ذلك من احتمالات خفض الفائدة هذا العام، وإذا كانت الأرقام أقل بكثير، فقد يثير ذلك مخاوف بشأن ضعف سوق العمل".
أظهر استطلاع أجرته شركة "22 في ريسيرش" أن 24% فقط من المشاركين يتوقعون أن يكون تقرير الوظائف إيجابياً للأسواق، بينما يعتقد 30% أنه سيكون سلبياً، في حين أن 46% يرون تأثيراً "مختلطاً أو ضئيلاً".
قال دينيس ديبوشير من "22 في" إن المستثمرين هذا الشهر يركزون بشكل أكبر على متوسط الأجور بالساعة، بعدما كان التركيز في الشهر الماضي على الوظائف ومعدل البطالة.
بحسب ماثيو ويلر من "فوركس دوت كوم"، و"سيتي إندكس"، فإن أحد المؤشرات الحاسمة التي يجب متابعتها هو متوسط الأجور بالساعة، والذي ظل مستقراً في نطاق بين 3.9% و4.0% خلال الأشهر الخمسة الماضية.
وأضاف: "أي انحراف عن هذا النطاق قد يكون له تأثيرات متتابعة على التضخم وسياسات الفيدرالي".
في الأسبوع الماضي، أكد جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، أن المسؤولين بحاجة إلى رؤية قراءات متتالية تُظهر انخفاض الضغوط التضخمية، قبل التحرك نحو خفض الفائدة.
توقعات الأسواق
رغم استمرار التوقعات بأن الفيدرالي سيتجه نحو خفض الفائدة، إلا أن الأسواق ترى أن ذلك لن يحدث على الأرجح قبل منتصف العام. في هذا السياق، وصلت عوائد سندات الخزانة إلى أدنى مستوياتها لعام 2025 هذا الأسبوع، مما يعكس استمرار الترقب في الأسواق المالية.
قال نيكولاس كولاس من "داتا تريك ريسيرش" (DataTrek Research) إن انخفاض عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات على المدى القصير، يجب أن يكون إيجابياً للأسهم الأميركية.
وأوضح أن الأسواق اقتربت ثلاث مرات من مستوى 5% في العوائد خلال السوق الصاعدة الحالية، وفي المرتين السابقتين، كان أداء الأسهم قوياً خلال الأشهر التالية لانخفاض العوائد.
كما أشار كولاس إلى أن هناك الآن مستوى كافٍ من القلق حول نمو الاقتصاد الأميركي لدفع العوائد نحو الانخفاض، لكن دون التأثير سلباً على تقييمات الأسهم، مما يخلق بيئة مواتية للأسواق المالية.
ورغم التقلبات في بداية العام التي أثارت قلق المستثمرين المحترفين، إلا أن المستثمرين الأفراد لا يزالون متحمسين للأسهم الأميركية، لا سيما شركات "العظماء السبعة".
وفقاً لتحليل إيما وو من "جي بي مورغان"، فإن ثقة المستثمرين الأفراد وصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، متجاوزة ذروة جنون أسهم الميم في عام 2021. كما أظهر تحليل ألكسندر ألتمان من "باركليز" أن تعرض المستثمرين الأفراد للأسهم أصبح عند أعلى مستوى منذ عام 1997.
توقعات السوق لعام 2025
قالت سوليتا مارسيللي من "يو بي إس غلوبال" لإدارة الثروات إنهم لا يزالون يرون مزيداً من الفرص في الأسهم، رغم حالة عدم اليقين في السياسة الاقتصادية.
وأضافت أن السيناريو الأساسي لديهم هو أن مؤشر "إس آند بي 500" سيصل إلى 6600 نقطة بنهاية العام، مع تفضيلهم لقطاعات التكنولوجيا، المالية، والمرافق العامة.