أمريكا تصّعد .. فرض رسوم جمركية بـ 25 % على واردات الصلب والألمنيوم
أمر الرئيس دونالد ترمب بفرض تعريفة جمركية بنسبة 25 % على واردات الصلب والألمنيوم، ما يصعد جهوده لحماية الصناعات الأمريكية ذات الأهمية السياسية عبر فرض رسوم تطال بعضا من أقرب حلفاء البلاد، ابتداء من 12 مارس المقبل.
ستطبق التعريفات الجمركية بشكل واسع على جميع واردات الولايات المتحدة من الصلب والألمنيوم، بما في ذلك من كندا والمكسيك، وهما أكبر موردين أجنبيين للمعادن إلى البلاد. وتشمل الرسوم أيضا المنتجات المعدنية الجاهزة، وتهدف إلى التصدي لما وصفه مسؤولو الإدارة بمحاولات دول مثل روسيا والصين للالتفاف على الرسوم الجمركية الحالية.
قدم ترمب هذا الإجراء باعتباره خطوة لتعزيز الإنتاج المحلي وتوفير مزيد من الوظائف في الولايات المتحدة، محذرا من أن نسبة الرسوم على المعادن "قد ترتفع أكثر".
قال ترمب يوم الاثنين أثناء توقيعه على الإجراءات في المكتب البيضاوي: "في الأساس، نحن نفرض تعريفة جمركية بـ25 %، دون استثناء، على جميع منتجات الألمنيوم والصلب، وهذا سيؤدي إلى فتح عديدمن الأعمال التجارية في الولايات المتحدة".
إمكانية استثناء أستراليا
في حين أن الإجراءات التي تم الكشف عنها يوم الاثنين لم تتضمن أي استثناءات للشركاء التجاريين، حيث قال المسؤولون الأمريكيون إنهم حذرون بشأن منح أي تسهيلات، أشار ترمب إلى أنه قد يفكر في استثناء أستراليا، مشيداً باستيرادها للطائرات الأمريكية الصنع.
كان التحرك بعد ساعات التداول محدوداً في أسهم كبرى شركات إنتاج الصلب والألمنيوم الأمريكية. وارتفعت أسهم شركة "ألكوا كورب"، أكبر منتج أمريكي للألمنيوم، بنحو 1%، بينما صعدت أسهم شركة "نيوكور كورب"، أكبر شركة أمريكية لصناعة الصلب، 0.5%.
يأتي إجراء ترمب ليكون بمنزلة خطوة إضافية إلى تعريفات جمركية الجديدة بـ10% التي فرضها على السلع الصينية، ورسوم 25% على كندا والمكسيك التي تم تعليقها مؤقتاً، وخطته لفرض رسوم مماثلة على دول أخرى.
كما كرر الرئيس تهديده بفرض تعريفات جمركية مماثلة على الدول التي تفرض رسوماً على الواردات من الولايات المتحدة، مشيراً إلى أنه قد يتم الإعلان عن هذه الإجراءات خلال اليومين المقبلين. وأضاف أن الإدارة ستبحث في فرض رسوم على السيارات وأشباه الموصلات، إلى جانب قطاعات أخرى محتملة.
تصاعد التعريفات الجمركية
تمثل تعريفات المعادن التي وافق عليها الرئيس يوم الاثنين الإجراء الأكثر شمولاً حتى الآن من قبل ترمب لمواجهة العجز التجاري الأمريكي واستغلال التجارة الدولية كمصدر للإيرادات.
وأقر ترمب التعريفات الجديدة بموجب المادة 232 من قانون توسيع التجارة، التي تمنح الرئيس سلطة واسعة لفرض قيود تجارية لأسباب تتعلق بالأمن القومي. وهي الصلاحية نفسها التي استخدمها ترمب لفرض تعريفات على الصلب والألمنيوم في 2018 خلال ولايته الأولى. ومن خلال قراراته يوم الاثنين، فإنه يعيد إحياء تلك التعريفات ويوسع نطاقها.
شهدت الولايات المتحدة زيادة في التوظيف في قطاع التصنيع نتيجة لتخفيضات ترمب الضريبية في بداية إدارته السابقة. ولكن الوضع بدأ يتغير بعد أن فرض تعريفات جمركية على الصلب والألمنيوم في مارس 2018، وشن حرباً تجارية ضد الصين. ففي 2019، وهو العام الكامل الأول بعد دخول تعريفات ترمب الأصلية حيز التنفيذ، فقدت الولايات المتحدة وظائف في قطاع التصنيع، ودخل القطاع الصناعي الأوسع في حالة ركود مع تراجع الإنتاج الصناعي.
وقال مسؤول كبير في الإدارة إن هذا الإجراء الجديد ضروري لأن مصدري الصلب والألمنيوم أساءوا استخدام الاستثناءات في السياسة السابقة، ما أضر بالمنتجين الأمريكيين. وأوضح المسؤول هذه الإجراءات في مكالمة مع الصحفيين يوم الاثنين بشرط عدم الكشف عن هويته.
تأثير واسع المدى
يعد قرار ترمب بضم المنتجات النهائية المصنعة خطوة مهمة سيكون لها تأثير واسع في الأسعار لمجموعة كبيرة من المستهلكين الأمريكيين. في حين ركزت تعريفات ترمب لـ2018 بشكل أساسي على صناعة الصلب الخام وإنتاج الألمنيوم الأولي، فإن التعريفات الجديدة ستشمل منتجات مثل الأعمدة والصفائح التي يتم تحويلها إلى منتجات ذات قيمة مضافة وتُستخدم في كل شيء، من السيارات إلى إطارات النوافذ وناطحات السحاب. ويمثل هذا التحرك تحقيقاً لما سعى إليه أكثر دعاة الحماية التجارية تشدداً لسنوات.
سيوجه ترمب أيضا هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية لتشديد الرقابة لمنع الدول الأجنبية من إعادة تصنيف منتجات الصلب للتحايل على التعريفات الجمركية، وفقا للمسؤولين.
يعيد هذا الإجراء إستراتيجية تبناها ترمب خلال ولايته الأولى، عندما فرض تعريفات جمركية بـ25% على الصلب و10% على الألمنيوم، ما أدى إلى انخفاض واردات الولايات المتحدة من المعادن.
وأثارت هذه التعريفات إجراءات انتقامية من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، الذي فرض تعريفات على سلع أمريكية أيقونية مثل دراجات "هارلي-ديفيدسون" وسراويل "ليفي شتراوس" الجينز.
انتهى الأمر بترمب إلى منح الإعفاء الجمركي لدول عدة مصدرة رئيسية، بما في ذلك كندا والمكسيك والبرازيل. ووسع الرئيس السابق جو بايدن هذه الإعفاءات.
لا يزال من غير الواضح كيف سترد الدول على قرار ترمب الأخير بشأن المعادن، رغم أن تعريفات صينية انتقامية جديدة على التعريفة الجمركية الأمريكية البالغة 10% على السلع دخلت حيز التنفيذ يوم الاثنين.
انتهاك قواعد التجارة
يقول المعارضون في الخارج إن التعريفات الجمركية الواسعة النطاق تنتهك قواعد التجارة العالمية، وتمثل إهانة لحلفاء الولايات المتحدة في الخارج. ويحذر الاقتصاديون من أن تعريفات ترمب تخاطر بزيادة التكاليف داخل الولايات المتحدة لكل شيء، من المواد الغذائية إلى البنزين، ما قد يؤدي إلى تأجيج الضغوط التضخمية نفسها التي تعهد الرئيس بمكافحتها خلال حملته الانتخابية.
لكن مسؤولي الإدارة يجادلون، في المقابل، بأن هذه الرسوم الجمركية جزء من إستراتيجية اقتصادية أوسع تشمل تخفيضات ضريبية ممتدة وتوسيع إنتاج الطاقة المحلية، وهو ما سيساعد على خفض التكاليف بشكل عام.
تعتمد الولايات المتحدة بشكل كبير على واردات الألمنيوم لتلبية الطلب المحلي، حيث تأتي عديد من هذه الإمدادات من كندا والإمارات والصين. ووفقا لشركة "مورجان ستانلي"، فقد تجاوز صافي واردات الألمنيوم 80% في 2023.
وعلى الرغم من أن الصلب الأجنبي يمثل جزءا أصغر من إجمالي الاستهلاك، فإن قطاعات الطيران وتصنيع السيارات والطاقة تعتمد على أنواع خاصة من الصلب المستورد.
زيارة مودي
تأتي هذه الخطوة أيضا قبل زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي هذا الأسبوع. وتعد الهند أحد موردي الصلب للولايات المتحدة، وقد حثت جمعية الصلب الهندية، وهي مجموعة ضغط، الحكومة على اتخاذ إجراءات دبلوماسية لضمان إعفاءات من القيود التجارية الأمريكية.
جعل ترمب إحياء صناعة الصلب الأمريكية هدفا رئيسيا في أجندته، وكان أيضا وعدا سياسيا قويا في الولايات التي تأثرت بشكل كبير بفقدان وظائف التصنيع الصناعي مثل أوهايو وبنسلفانيا. وبينما دعم اتحاد عمال الصلب الأمريكيين، الذي له تأثير في هذه الولايات، منافسة ترمب في الانتخابات العامة - نائبة الرئيس السابقة كامالا هاريس - إلا أن عديدا من فروع النقابة المحلية دعموا ترمب.
يوم الجمعة، أعلن ترمب أنه سيواصل منع عرض شركة "نبيون ستيل" اليابانية للاستحواذ على شركة "يونايتد ستيل كورب". وهو اتفاق يعارضه أيضا اتحاد عمال الصلب. بدلاً من ذلك، قال الرئيس بعد اجتماع مع رئيس الوزراء الياباني شغيرو إيشيبا إن "نبيون ستيل" قد تقوم باستثمار كبير في صانع الصلب الأمريكي، مما يسمح لها بالبقاء كشركة أمريكية مع دعم أجنبي كبير.