الطموح ركيزة التنافسية والنمو
أظهرت مؤشرات أداء الاقتصاد الكلي للاقتصاد السعودي نمواً جيداً خلال 2024، وصل معه النمو الحقيقي عن العام كاملاً إلى 1.3%، مدفوعاً بالنمو الجيد للقطاع الخاص بمعدلٍ حقيقي بلغ 4.3% للعام الثاني توالياً، الذي سجل بدوره ارتفاعاً في نسبة إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي للعام الثالث توالياً إلى 48.2% كأعلى إسهام تاريخي له في عمر الاقتصاد السعودي، وتمكّن معها القطاع غير النفطي من النمو الحقيقي بمعدلٍ بلغ 3.9% (ارتفاع نسبة إسهام في الناتج المحلي الإجمالي إلى 69.1%)، ما أدّى في مجمله إلى امتصاصٍ أكبر للتراجع الذي طرأ على القطاع النفطي للعام الثاني توالياً بنحو 4.4%، وبما يؤكّد نجاح السياسات الاقتصادية الكلية تحت مظلة رؤية السعودية 2030، في الدفع بركائز النمو الاقتصادي الكلي نحو مزيد من التنوع على مستوى القاعدة الإنتاجية، وتجاوز بمنجزاته المتحققة مجرد تخفيف الاعتماد على النفط كمصدرٍ وحيد للإنتاج والدخل.
إلى أبعد من ذلك بمحطاتٍ أكبر امتدت إلى منح القطاع الخاص مزيداً من المزايا التنافسية وقيادة زمام النمو الاقتصادي المحلي، وتمكينه من استثمار الكثير من الفرص الاقتصادية الكبيرة التي يحظى بها واحد من أكبر 20 اقتصادا حول العالم، بما يؤهله لأن يكون الرافد الأكبر عاماً بعد عامٍ لتعزيز إيرادات المالية العامّة، التي وصلت مع نهاية العام المالي الماضي إلى أعلى مستوى تاريخي لها عند 502.5 مليار ريال (نحو 40% من إجمالي الإيرادات الحكومية)، ويؤمل أن تستمر في النمو السنوي وصولاً إلى مستهدفها النهائي بحلول نهاية 2030 البالغ تريليون ريال، بما يعني مزيداً من النمو والازدهار للقطاع الخاص والاقتصاد الكلي على مسار تسارع معدلات نموه واتساعه عموماً، وتسارع إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي.
كما تكمن الأهمية الأخرى لتسارع إسهام القطاع الخاص في الاقتصاد الكلي؛ أن تتعاظم قدرته على توليد مزيد من فرص العمل المجدية والملائمة أمام الموارد البشرية المواطنة ذكوراً وإناثاً، بما يحسّن ويعزز من مستوى دخل المواطنين والمواطنات، ويسهم في زيادة إسهامهم في الاقتصاد الوطني من جانبٍ، ومن جانبٍ آخر يسهم في زيادة الادخار والاستهلاك المحلي، وتخفيف الاعتماد على الموارد البشرية غير المواطنة، ويخفف من التسرب الاقتصادي على جميع المستويات، وهي المتغيرات الاقتصادية ذات الأهمية القصوى في الأجلين المتوسط والطويل التي تعزز من استقرار الاقتصاد الوطني ورسوخه، وضمان نجاح بقية مبادرات وبرامج رؤية السعودية 2030 التي تعتمد بالدرجة الأولى على تعزيز وتطوير دور الإنسان السعودي، وهي المستهدفات الإستراتيجية التي باستمرار تحققها عاماً بعد عامٍ، ستكفل بمشيئة الله تعالى انتقال الاقتصاد والمجتمع في منظور العقود المقبلة إلى مستوياتٍ أكثر تقدما وتحضرا على المستوى الدولي، الذي يتوائم مع رؤية القيادة الحكيمة لبلادنا الغالية وإلى مجتمعها الكريم جيلاً بعد جيل.
إنّها المنجزات التي تضيف رصيداً متجدداً إلى أرصدة المنجزات السعودية التي تم تحقيقها منذ انطلاق رؤية السعودي 2030، فهي أيضاً ستضيف مزيدا من الطموحات والممكنات لدى جميع شرائح المجتمع السعودي، وتلتقي مع رؤية وطموح القائد الملهم للرؤية ممثلاً في ولي العهد الأمين، التي اتسمت رؤيته بعدم وجود سقفٍ لها منذ انطلاق الرؤية المباركة، وهو الأمر الذي حفّز الشرائح الشابة من المجتمع السعودي الطموح، نحو مزيد من الإنتاجية والتنافسية محلياً وعالمياً، وهذا بحد ذاته هو المصدر الأول لطاقة الإنجاز والتقدم التي تسعى إليها جميع بلدان العالم المعاصر.