أثر حرب الرسوم الجمركية في الاقتصاد العالمي

منذ تولى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ولايته الرئاسية الثانية زاد ترقب حول ما الذي سيتجه إليه الرئيس دونالد ترمب من زوايا متعددة سياسية، اقتصادية وكيف سيكون انعكاس هذا الأثر على الاقتصاد الأمريكي أولا، وبشكل مؤكد كيف سيكون هذا الانعكاس على الاقتصاد العالمي، ورغم الحماسة والترقب لما سيقر كانت الرسوم الجمركية على رأس أولويات القرارات الاقتصادية المتخذة من قبل الإدارة الأمريكية.
فرضت أمريكا رسوما بنسب متفاوتة على مجموعة متنوعة من الواردات السلعية، بما يمكن تفسيره بأنه خطوة لدعم الاقتصاد المحلي وتعزيز الطلب على المنتجات المحلية وتقليل جاذبية المنتجات الواردة إلى البلاد بسبب التكاليف الإضافية التي ستمرر إلى المشتري النهائي لأي من هذه المنتجات والسلع، هذا يمثل الصورة الكبرى لهذا التوجه. يعزز الإنتاج المحلي فتخلق الوظائف ويزداد النمو الاقتصادي الأمريكي.
في الجهة الأخرى تربك هذه القرارات النظرة العامة للاقتصاد العالمي، حيث لا يتوقع أن تبقى الدول المتعرضة لهذه الرسوم مراقبة دون أن تبدأ باتخاذ خطوات دفاعية لحماية مصالحها الاقتصادية، فالصين مثلا قد تم مضاعفة الرسوم الجمركية على واردتها السلعية إلى أمريكا بمعدل 100% وهنا نأخذ ثاني أكبر اقتصاد عالميا مثالا لحرب الرسوم الجمركية الجارية التي شملت كذلك دولا أوروبية مثل فرنسا، وآسيوية أخرى مثل اليابان، وجنوب أمريكية متعددة مع تعليقها الآن على المكسيك وكندا. تعد هذه البداية ساخنة لأكبر الشركاء التجاريين لأمريكا، حيث تمثل واردات هذه الدول المذكورة من السلع إلى أمريكا 53% من إجمالي وارداتها من السلع بشكل سنوي.
تضع هذه التفاصيل الأثر على أنه أثر داخل دائرة ضيقة ضمن مجموعة الدول المتحاربة اقتصاديا إلا أن الحقيقة أن دائرة هذه الأثار تطول الاقتصاد العالمي بشكل واسع، كذلك تطول السياسية النقدية الأمريكية التي ظلت في 3 سنوات تكافح التضخم برفع أسعار الفائدة التي أثرت بدورها في شريحة واسعة من البنوك المركزية والشركات حول العالم فأثرت هذه السياسة في معدلات النمو الاقتصادي بمراجعته سلبيا بشكل متكرر من صندوق النقد الدولي والجهات المراقبة للاقتصاد.
تعاملت الأسواق المالية العالمية مع هذه الأحداث سلبا فشهدت مؤشرات الأسواق تراجعات مستمرة خصوصا الشركات الكبرى ذات الوجود الدولي وكذلك السلع باستثناء الذهب الذي سجل رقما قياسيا بتجاوزه معدل 3000 دولار للأونصة الواحدة، هذا يعطي دلالة أوسع إلى حجم السلبية الطاغية على المشهد الاقتصادي الآن، فالذهب يعد الملاذ الآمن للمستثمرين.
كذلك فإن التوتر وصل إلى الخوف من الانتكاسة في معدلات التضخم، ما أعاد تقديرات خفض أسعار الفائدة للعالم الحالي من 4 مرات إلى مرتين فقط إضافة إلى 95% تصويت بألا يجري الفيدرالي الأمريكي أي تغيير في سعر الفائدة في اجتماعه القادم، أما على صعيد النفط فتميل التقديرات إلى بقاء أسعاره في منطقة تتوسط 70 – 75 دولار لخام برنت للعام الحالي، وهذا يعطي صناعة النفط استقرارا في المنظور القصير.
بشكل عام تمتد آثار هذه الحرب التجارية لأسعار السلع، التضخم، التجارة الدولية وأسواق العملات، تزيد أركان الآثار هذه حيرة المستثمرين حول توزيع استثماراتهم عبر الأصول المتنوعة وتنويعها جغرافيا، وحتى يظهر أثر تلك الرسوم في حجم التجارة والتضخم سيستمر المنظور العام ضبابيا، فالفيدرالي الأمريكي نفسه لا يزال يترقب الأثر في التضخم والاقتصاد، وهذا كله مرة أخرى يعزز الاستثمار في القطاعات الدفاعية وتلك التي تعتمد الطلب المحلي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي