مسؤول خليجي: ننافس أمريكا والصين وأوروبا على تعزيز الحضور الاقتصادي في آسيا الوسطى
دخلت دول الخليج في تنافس محموم مع أمريكا وروسيا والصين وأوروبا لتعزيز حضورها الاقتصادي في دول آسيا الوسطى الحيوية، التي تمتلك فرصا واعدة في مجالات متعددة، بحسب ما ذكره لـ"الاقتصادية" الدكتور عبدالعزيز العويشق، الأمين المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات في مجلس التعاون لدول الخليج.
وقال: "إن القمة المقبلة مع دول آسيا الوسطى تمثل محطة مهمة تعكس الاهتمام المتزايد من قادة دول الخليج بتوطيد العلاقات مع دول آسيا الوسطى، في مواجهة تحديات اقتصادية وجيوسياسية تتطلب تنسيقا أعمق وتعاونا أكثر مرونة".
وأكد العويشق على هامش ندوة "علاقات دول مجلس التعاون مع دول آسيا الوسطى- أهداف ومرتكزات التعاون الشامل" في الرياض اليوم، أن هناك اهتماما كبيرا على مستوى القادة، حيث يتضح ذلك من القمة المقبلة التي ستجمع دول مجلس التعاون مع دول آسيا الوسطى، مبينا أن تلك المنطقة أصبحت محور تنافس دولي، فهناك حضور واضح لروسيا، والولايات المتحدة، وأوروبا، وتركيا، وكل منها يسعى لتوسيع نفوذه في تلك المنطقة.
وعقدت القمة الأولى بين قادة دول مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى يوليو 2023 في مدينة جدة، على أن تعقد القمة الثانية في 5 مايو 2025، في مدينة سمرقند في أوزبكستان، التي تمثل محطة رئيسية في مسيرة العلاقات المتميزة بين الجانبين، وأن هذه القمة ستسهم في تحقيق مزيد من الإنجازات والتقدم في مختلف مجالات التعاون.
وتشهد التحولات الجيوسياسية والتنافس الدولي المتصاعد على منطقة آسيا الوسطى من روسيا وأوروبا وأمريكا، حيث برزت جهود دول مجلس التعاون الخليجي لتعزيز حضورها الاقتصادي والسياسي في هذه المنطقة الحيوية، من خلال شراكات إستراتيجية تتجاوز الاعتبارات التقليدية وتستند إلى مصالح متبادلة وقواسم مشتركة.
العويشق أوضح، أن دول آسيا الوسطى تمثل اقتصادات ناشئة تملك فرصا واعدة في مجالات متعددة، مثل الطاقة والبنية التحتية، و"لهذا نرى جميع دول مجلس التعاون تستثمر فيها حاليا، إضافة إلى ذلك، هناك قواسم مشتركة مهمة، منها أن هذه الدول، مثل دول الخليج، تسعى للابتعاد عن الاستقطابات الجيوسياسية ولا ترغب الدخول في تحالفات اقتصادية ضد أطراف أخرى، وهذا يشكل أرضية مشتركة للتعاون".
وذكر أن أحد التحديات الرئيسية هو ضعف البنية التحتية للنقل، سواء البري أو البحري، وهو ما يعوق التبادل التجاري المباشر، مبينا أن القمة الأولى التي عُقدت في جدة ركزت على هذا الجانب، ووجهت بعقد اجتماعات لوزراء النقل، وتم بالفعل تحقيق تقدم ملموس، رغم أن بعض الطرق المقترحة تمر عبر دول غير مستقرة مثل إيران والعراق، وهو ما يشكل عائقًا مؤقتًا نأمل تجاوزه.
وتضاعف التبادل التجاري 10 مرات خلال 8 سنوات فقط، وهذا رقم إيجابي جدا- بحسب العويشق-، مشيرا إلى أنه رغم أن مستويات التجارة والاستثمار ما زالت متواضعة، إلا أن وتيرة النمو سريعة، وهذا مؤشر مشجع.
ولفت إلى أن هناك كذلك رغبة متبادلة في تعزيز هذه العلاقة على مختلف الأصعدة، بما في ذلك التعاون الثقافي، الذي يستند إلى تاريخ مشترك يمتد لمئات السنين، قبل أن تنقطع هذه الروابط بفعل السيطرة الروسية ثم السوفياتية على آسيا الوسطى حتى استقلالها عام 1991.
العويشق، أشار إلى أن فرض الولايات المتحدة أخيرا رسوما جمركية على عدد من الدول، ومن بينها دول آسيا الوسطى ودول مجلس التعاون العربي بنسب مختلفة، سيؤثر في صادراتها إلى السوق الأمريكية، موضحا أن هذه الخطوة ستدفعها حتما إلى البحث عن أسواق بديلة، وهو ما يعزز فرص التعاون مع دول الخليج، وسط مساع صينية أيضا للاستفادة من هذه المتغيرات لتعزيز موقعها التفاوضي.
وأضاف " الأمر الإيجابي أن أمريكا أعلنت تعليق هذه الرسوم لمدة 90 يوما، لكن في الغالب أتوقع أنها ستفرض، ما يجعل العلاقات الاقتصادية بين هذه الدول الـ11 وواشنطن ستتأثر صادراتها إلى أمريكا".
وقال "إن هذه التحديات تفتح المجال لحوارات اقتصادية جديدة وتشكيل تكتلات إقليمية بين آسيا الوسطى ودول مجلس التعاون، وهناك حماسة واضحة من الطرفين. يكفي أن نذكر أنه خلال أقل من عامين عُقدت قمتان على مستوى رؤساء الدول، إلى جانب اجتماعات وزارية وفنية مستمرة. هذا يعكس وجود إرادة سياسية حقيقية، ويبقى الدور الآن على الفنيين لترجمة هذه التطلعات إلى شراكات واقعية على الأرض".
مناقشة مجالات الاستدامة والطاقة
يشار إلى أنه تم خلال الندوة تقديم ورقة عمل من قبل الأمانة العامة المساعدة للشؤون السياسية والمفاوضات حول سير العمل والحوار الإستراتيجي القائم بين مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى، وخطة العمل المشترك للأعوام 2023-2027، وتم استعراض تجربة الصندوق السعودي للتنمية، وأبرز المشاريع التي يقوم على تمويلها في دول آسيا الوسطى.
ونتج عن الندوة عدة توصيات أبرزها، الدور المركزي لآلية الحوار الإستراتيجي بين مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى، تحقيقاًً للتعاون بين المجموعتين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وعقد حوارات منتظمة بين كبار المسؤولين الحكوميين والخبراء السياسيين من الجانبين، تشمل القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، والنظر في تعزيز التعاون الأمني لمجلس التعاون مع دول آسيا الوسطى، في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتهريب المخدرات في إطاره الثنائي والدولي، وكذلك تعزيز التعاون الاقتصادي القائم بين الجانبين، وتوظيف ما لدى الجانبين من موارد وإمكانات متاحة، واستكشاف فرص جديدة للتعاون المشترك.
تأتي هذه الندوة قبيل القمة الثانية بين قادة دول مجلس التعاون وقادة دول آسيا الوسطى، التي ستعقد بتاريخ 5 مايو 2025 في أوزبكستان.