التحديات العالمية تخفض توقعات «صندوق النقد لنمو اقتصادات الشرق الأوسط

التحديات العالمية تخفض توقعات «صندوق النقد لنمو اقتصادات الشرق الأوسط

للمرة الثانية هذا العام، أبدى صندوق النقد رؤية متشائمة بشأن آفاق نمو اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في ضوء التباطؤ المتوقع للاقتصاد العالمي، الناتج عن استمرار التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها، والتأثيرات السلبية للرسوم الجمركية المتبادلة، بالإضافة إلى تصاعد الضبابية في بيئة التجارة العالمية.

وفي تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر في أبريل، خفّض الصندوق تقديراته لنمو اقتصادات المنطقة إلى 2.6% لعام 2025، و3.4% في 2026، أي بانخفاض قدره 0.9 و0.5 نقطة مئوية على التوالي مقارنة بتوقعاته السابقة مطلع العام الجاري.

وكان الصندوق قد راجع توقعاته نزولاً أيضاً في يناير، بعد أن أظهرت بيانات العام الماضي أن اقتصاد المنطقة حقق نمواً محدوداً بلغ 1.8%.

ورغم هذه النظرة المتحفظة، كانت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، قد أشارت في فبراير الماضي إلى احتمال انتعاش النمو في المنطقة إلى نحو 3.6% بحلول 2025، مستندة إلى تعافي إنتاج النفط وتراجع حدة الصراعات الإقليمية. إلا أنها أكدت في الوقت ذاته أن النمو سيظل أدنى من مستويات ما قبل الجائحة في الأجل المتوسط.

تأتي التوقعات الخاصة باقتصاد المنطقة تزامناً مع تقديرات الصندوق لتراجع متوسط سعر النفط 15.5% في العام الجاري، و6.8% في العام المقبل، مما سيؤثر إيجاباً على الدول المستوردة، وسلباً على تلك المصدرة. يُتوقع نمو اقتصاد الدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، التي تضم من بينها السعودية والإمارات والعراق والجزائر وقطر، 2.6% في العام الجاري ترتفع إلى 3.1% في العام المقبل.

في المقابل، يرى الصندوق وتيرة نمو أقوى في الدول المستوردة، ومن بينها مصر والمغرب وتونس والأردن، عند 3.6% في 2025 تزيد إلى 4.1% في 2026.

تنتج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو 35% من صادرات النفط العالمية و14% من صادرات الغاز بحسب تقديرات الصندوق الصادرة في 2024. وتمثل عائدات النفط رافداً أساسياً لميزانيات الحكومات في المنطقة بالدول المنتجة للخام.

يستخدم الصندوق متوسطاً لسعر النفط يستند إلى خامات برنت ودبي وغرب تكساس الوسيط الأميركي. يرى الصندوق أن متوسط سعر النفط بالدولار للبرميل، بناء على أسواق العقود المستقبلية، يبلغ 66.94 دولار في 2025 و62.38 دولار في 2026.

بحسب الصندوق، تراجعت أسعار النفط 9.7% بين أغسطس 2024 ومارس 2025، إذ عوضت مخاوف الحرب التجارية، والنمو القوي للإمدادات من خارج أوبك+، وتخفيف إمدادات تحالف أوبك+، أثر المخاطر المستمرة منذ مدة على صعيد الإمدادات. وقال الصندوق إن أسعار النفط تراجعت بشدة في أوائل أبريل، في ظل تصاعد التوترات التجارية، مما عزز التوقعات السلبية في الأصل للخام.

"المحفز الأحدث فاقم العوامل الأساسية الضعيفة، فيما من المتوقع أن يتجاوز نمو المعروض وتيرة نمو الطلب العالمي الضعيف خلال 2025 و2026" وفق تقرير المؤسسة الدولية. وأشار التقرير إلى تفاقم مخاوف الطلب بسبب تباطؤ الطلب الصيني، والذي تأثر جزئياً بانتشار السيارات الكهربائية.

تراجع النمو العالمي
نمو الاقتصاد العالمي يُتوقع أن يتراجع إلى 2.8% في 2025 قبل أن يتعافى إلى 3% في 2026 في خفض للتقديرات بواقع 0.5 نقطة مئوية و0.3 نقطة مئوية للعامين الجاري والمقبل على التوالي، مقارنة مع التوقعات السابقة الصادرة في يناير الماضي، ليعكس التأثير المباشر للتدابير التجارية الجديدة، وكذلك تأثيراتها غير المباشرة عبر تأثيرات الروابط التجارية، وارتفاع الضبابية، وتدهور معنويات الأسواق.

فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترمب سلسلة من الرسوم الجمركية منذ توليه الرئاسة، بلغت أوجها في الثاني من أبريل، قبل أن يعلق الفئات الأعلى منها، مما تسبب في هزة بالأسواق المالية، ومحا مئات المليارات من الدولارات من القيمة السوقية للكثير من فئات الأصول.

يرى الصندوق أن تأثيرات التعريفات الجمركية الأميركية على النمو يختلف من دولة لأخرى اعتمادا على علاقاتها التجارية، ومكونات التصنيع، ورد فعلها على مستوى السياسات، وفرص التنويع التجاري، وكذلك مدى تعويض الدعم المالي الذي يمكن أن تقدمه لبعض الأثر السلبي على النمو.

انتعاش في العراق والسودان
يتوقع صندوق النقد أن ينتعش نمو اقتصاد العراق إلى 1.4% في العام المقبل، من انكماش 1.5% في العام الجاري، وذلك مقارنة مع نمو 0.3% في العام الماضي.

وفي السودان، الذي يشهد حرباً منذ 2023، يتوقع الصندوق أن ينتعش الاقتصاد بقوة إلى نمو بوتيرة 8.8% في 2026 من انكماش 0.4% في العام الجاري، و23.4% في العام الماضي.

أبرز توقعات صندوق النقد لنمو اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
في السعودية، أكبر اقتصاد في المنطقة، خفض الصندوق توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3% في العام الجاري على أن يتحسن إلى 3.7% في العام المقبل، وذلك من تقديرات سابقة لنمو 3.3% و4.1% على الترتيب في العامين الجاري والمقبل. ونما اقتصاد المملكة 1.3% في العام الماضي.

آفاق اقتصادية متباينة داخل المنطقة

الإمارات: يتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 4% هذا العام، و5% في العام المقبل، ارتفاعاً من 3.8% في 2024.

قطر: من المنتظر أن يحقق الاقتصاد نمواً بنسبة 2.4% في 2025، قبل أن يتسارع إلى 5.6% في 2026.

الكويت: يتوقع نمو الاقتصاد 1.9% في 2025 و3.1% في 2026، بعد انكماش قدره 2.8% في 2024.

سلطنة عُمان: من المرتقب تحقيق نمو بنسبة 2.3% في 2025، و3.6% في العام الذي يليه.

مصر: يُتوقع أن يسجل الاقتصاد نمواً بنسبة 3.8% في 2025 و4.3% في 2026، ما يعكس تحسناً في التوقعات.

الجزائر: يتوقع الصندوق نمواً بنسبة 3.5% في 2025 و3% في 2026.

المغرب: يُتوقع أن ينمو الاقتصاد 3.9% في 2025 و3.7% في 2026، مقارنة بـ 3.2% في 2024.

العراق: من المرتقب أن يتعافى الاقتصاد من انكماش 1.5% في 2025 إلى نمو نسبته 1.4% في العام المقبل.

السودان: رغم استمرار النزاع المسلح منذ 2023، يتوقع الصندوق انتعاش الاقتصاد بقوة ليصل إلى نمو 8.8% في 2026، بعد انكماش حاد بلغ 23.4% في العام الماضي.

الأكثر قراءة