شركات الشحن الأوروبية والأمريكية تحت ضغط رسوم ترمب رغم هدنة الـ 90 يوما
قبل أيام، علق الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فرض الرسوم الجمركية "المتبادلة" على معظم دول العالم 90 يوما، لكن هذا لم يحل دون وقوع الضرر وخلط أوراق التجارة العالمية، وفقا لما قاله لـ"الاقتصادية" محللون مختصون.
قرار فرض الرسوم ثم تعليقها، أثر بشكل مباشر في حركة الشحن البحري بين والولايات المتحدة وأوروبا، وانعكس سلبا على الخطط المستقبلية لشركات النقل، حتى إن كانت الأمور قد هدأت نسبيا بعد الجولة الأولى من العاصفة الجمركية.
المشهد القائم وضع شركات الشحن الأوروبية والأمريكية في موقف معقد، إذ باتت تعمل على قدم وساق استعدادا لعاصفة أخرى قد تضرب الأسواق التجارية مجددا بعد انتهاء مهلة التسعين يوما.
فالخوف من عاصفة جديدة منتظرة دفع أغلب شركات الشحن على ضفتي الأطلسي إلى تكثيف اتصالاتها مع كبار المصدرين والمستوردين للإسراع بنقل بضائعهم، من أجل تجنّب ارتفاع تكاليف النقل في المستقبل.
ارتباك أحدثه الخوف
أدى سعي شركات الشحن البحري إلى نقل البضائع بين ضفتي الأطلسي قبل انتهاء مهلة ترمب إلى تأخير في الحصول على مساحة على متن السفن المتجهة إلى الولايات المتحدة، وفقا لما قاله لـ"الاقتصادية" بول دانيل، رئيس قسم الشحن الدولي في شركة "هاوليستيك" المحدودة للنقل البحري.
التغييرات التي تجريها شركات الشحن في جداول التشغيل أحدثت ارتباكا في مواعيد التحميل والتفريغ، فضلا عن أن حجم طلب العملاء بات الآن أكبر من سعة سفن النقل، وكانت النتيجة ارتفاع الأسعار وزيادة التأخيرات والإلغاء، بحسب دانيل.
تحذر الدكتورة سوريتشا ديكن، أستاذة مادة اقتصادات النقل، من أن الرسوم الجمركية على التجارة الأطلسية تؤدي إلى "إعادة تشكيل جوهرية في سلاسل القيمة العالمية وانتقال مركز التجارة العالمي إلى جنوب شرق آسيا".
يدفع هذا التطور شركات النقل البحري الأمريكية والأوروبية إلى إعادة هيكلة عملياتها وتطوير إستراتيجيات جديدة للتكيف مع البيئة التجارية المتغيرة، وهو ما يتطلب من وجهة نظرها استثمارات إضافية "لتفادي خسارة المزايا النسبية التي تتمتع بها حاليا في التعامل عبر ضفتي الأطلسي"، وفقا لما قالته ديكن لـ"الاقتصادية".
وتتوقع أستاذة اقتصادات النقل أن تعيد شركات النقل البحري الأوروبية والأمريكية ترتيب أوضاعها، وقالت إن هذا سيكون مكلفا للغاية "وفي كثير من الأحيان لن تستطيع تلك الشركات منافسة شركات النقل البحري المتوطنة في منطقة شرق وجنوب شرق آسيا".
يدفع هذا البعض إلى الاعتقاد بأن ما يحدث حاليا ليس أزمة عابرة، وإنما مؤشر على انتقال تدريجي من العولمة التقليدية إلى عولمة متعددة الأقطاب، حيث تتعامل كل شركة مع منطقة جغرافية وفقا للشروط الخاصة بالمنطقة.
ولا شك في أن شركات الشحن التي ستنجح في التكيف مع هذا الواقع الجديد هي التي ستهيمن على السوق العالمية في السنوات القادمة.
"وضع حرج" قريبا
لن تقف المشكلة عند حدود شركات الشحن وارتفاع التكاليف، إذ أوضح لـ"الاقتصادية" إل.دي مونسو، نائب رئيس اتحاد شركات الشحن البريطانية، أن الموانئ الأوروبية والأمريكية ستواجه وضعا حرجا في الأشهر المقبلة.
وقال: "عديد من الشركات الأوروبية التي تصدر الصلب والألمنيوم والسيارات إلى الولايات المتحدة أوقفت عمليات التصدير مؤقتا، والنتيجة تكدس البضائع في مجموعة من الموانئ الأوروبية حاليا".
في الوقت ذاته، فإن الشركات الأوروبية التي تواصل التصدير للولايات المتحدة تسعى للإسراع بإرسال صادراتها إلى الأسواق الأمريكية للاستفادة من فترة الـ90 يوما، ما يشير إلى إمكانية وجود مشكلات تكدس البضائع في الموانئ الأمريكية أيضا، بحسب إل.دي مونسو.
في ظل تلك التطورات، لا تجد شركات الشحن العالمية الكبرى مثل "ميرسك" خيارات كثيرة سوى إعادة رسم خرائط الشحن والإمداد، في محاولة للبقاء فوق سطح أمواج متلاطمة في الاقتصاد والتجارة.