سلطان عندما يكون الحدث أكبر من الفرحة

الحياة رحلة من العطاء والعمل والألم والأمل نعيشها جميعا في رحلتنا الدنيوية ويبرز عطاء ومحبة الإنسان منا عندما تحول ظروف الحياة بينه وبين محبيه والمتأثرين بعطائه المادي والمعنوي المباشر وغير المباشر, وعندما يجمع هذا الإنسان بين روح العطاء والعمل والحرص الدائم على راحة وسعادة واستقرار الآخرين يكون تأثير غيابه, ولو بشكل مؤقت, تأثيرا كبيرا لأثره الأكبر.
هذا الإحساس وأكثر منه كثير يدور في خلدي وخلد كل مواطن سعودي عن الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد - يحفظه الله - لما له من أيد بيضاء داخل المملكة وخارجها, وقليل جدا من لم يصلهم عطاؤه ودعمه وأريحيته, ولهذا جاء حب الناس ودعاؤهم الدائم له بالعودة بالصحة والعافية, حبا ودعاء صادقا ونقيا يعي دور ومسؤولية سموه الذاتية والرسمية وأثره العظيم في حياة المجتمع السعودي بشكل خاص والعالمي بشكل عام.
الأمير سلطان بن عبد العزيز - حفظه الله ووفقه -مدرسة إنسانية عملية متحركة يتعلم منها الجميع القدرة على التفكير والعمل والهدوء والعطاء والتجاوز والرحمة والحزم والإنجاز والرؤية الملكية والإنسانية بعيدة المدى والقادرة على فهم متطلبات المجتمع وظروفه. حضوره الإنساني وعطاؤه السلطاني يفوق كل وصف. وعندما غادرنا سموه الكريم قبل عام تركنا جميعا مثل الأطفال الأيتام ليس بسبب عطفه وحنانه وكرمه وعطائه فقط, لكن لمكانته السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المملكة وخارجها, والكل يعرف الدور العظيم الذي يقوم به سموه في توحيد الجهود وتقريب الأنفس وإصلاح ذات البين بالقول والعمل.
الأمير سلطان أظهر الحب الحقيقي الذي يعيش في قلوب وعقول الإنسان السعودي في المملكة العربية السعودية, الجميع يتسابق في إبراز ذلك الحب من خلال الدعاء لسموه المستمر وعمل جميع الأعمال الخيرة التي يجعلها الله - سبحانه وتعالى - دفعا للبلاء عن سموه, وعندما يظهر المجتمع السعودي هذه الفرحة بسلامة سموه ثم عودته إلى أرض الوطن, فإن هذه الفرحة لم يقف خلفها شرطة عسكرية سرية تدفع الناس للتعبير عن فرحتها أو تراقب من لا يشارك في هذه الفرحة, أو أن هذه الفرحة والتعبير عنها جاء نتيجة الرغبة في الحصول على مال أو شهرة أو ظهور إعلامي وإنما جاءت عفوية وصادقة عبر عنها الشيخ الكبير والمرأة الأمية والأطفال والمعوقون كل بطريقته التي منحها الله - سبحانه وتعالى - لهم. ولعل المتابع خلال الأيام الماضية فقط يلاحظ عمق ودفء ذلك الحب والفرحة بعودة سموه إلى أرض الوطن بعد رحلة العلاجية التي لم تنقطع علاقة سموه أثنائها بالوطن والمواطنين وهموم التنمية ومتابعة الأعمال الموكلة لسموه وكان - يحفظه الله - حاضرا في ذهن وقلب كل مواطن ومسؤول وكثير من الأعمال حظيت برعايته حتى وهو غائب بجسده عنا.
إن المتأمل في شخصية الأمير سلطان يجد أنها مدرسة يمكن التعلم منها وتقديمها كنموذج للأسلوب القيادي الإداري لعديد من القيادات الشابة التي تبحث عن النموذج المثالي للتعلم منه, هذا النموذج يحتاج إلى المحلل أو المحللين الصادقين المنصفين لاشتقاق الدروس والعبر والتجارب والنماذج التي يمكن تقديمها للمدارس والكليات والجامعات المهتمة ببناء القيادات الشابة في مختلف مناحي الحياة وقطاعات الدولة المختلفة الحكومية والخاصة والأهلية والخيرية والإعلامية, خصوصا عندما نعلم أننا في مجتمعنا العربي والإسلامي المعاصر نفتقد النماذج التي عاشت المرحلة التي نعيشها وتعاملت معها بكل واقعية وفهم واشتقّت منها المعارف والدروس ووضعتها ضمن برنامجها المعاصر للاستفادة منها نحو مجتمع أكثر قدرة على التعلم والعطاء والعمل.
الحمد لله على السلامة أبا خالد ونهنئكم على هذا الحب الحقيقي الذي يحمله لكم كل مواطن سعودي في المدن والقرى, الشيوخ والنساء, الكبار والصغار حتى إن هذا الأثر للحب الغالي انعكس بشكل إيجابي على المقيمين على أرض المملكة لأنهم ممن استفاد من عطائك وخيرك ورحمتك, ومنهم عن رأى أن هذا الحب الكبير والعظيم من الجميع لم يأت من فراغ ولكن جاء من مجتمع وشعب يقدر العطاء والحب الذي تحمله في قلبك لإنسان ومكان المملكة العربي السعودية. رسالة تهنئة صادقة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على هذه العودة الحميدة لسموكم الكريم لأن الكل يعرف ماذا يعني سلطان لعبد الله والكل يعرف الحب العظيم الصادق الذي يحمله خادم الحرمين لكل أبناء المملكة من الأسرة والشعب, وأسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يمدكم جميعا بالصحة والعافية وأن يجعل أعمالكم خالصة لوجهه الكريم وأن تتحقق لكم الأمنية من جعل المملكة العربية السعودية دولة إشعاع ونور للعالم أجمع.

وقفة تأمل
إذا أردت أن تعرف معنى الحب الحقيقي في قلوب الناس, فعليك أن تتعلم المعنى الحقيقي للعطاء دون كلل أو ملل.
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
  لا يذهب العرف بين الله والناس

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي