التحفيز الحكومي للصناديق العقارية يرفع كفاءة السوق واستثماراتها
عدّ اقتصاديون وماليون الصناديق الاستثمارية العقارية نقلة تنظيمية للسوق العقارية في السعودية، بعد أن عانت السوق العقارية لسنوات طويلة من الفراغ التشريعي، مؤكدين أنها البديل المناسب للمساهمات العقارية كونها مرخصة من هيئة السوق المالية، وتضمن الشفافية بين المستثمر والمطور، كما أنها تفرض على المطور العقاري الالتزام بالوقت المحدد لتصفية الصندوق، مؤكدين أن قلتها في الوقت الحالي تعود إلى استمرار النظام القديم للمساهمات العقارية وعدم وجود آلية فعلية لإيقافها إلا بمنع الإعلان.
#2#
يقول عبدالله الرشود الرئيس التنفيذي لمجموعة كسب المالية: ليس هناك عزوف من الشركات المالية والعقاريين عن الاستثمار في الصناديق العقارية، بل هي متوجهة للاستثمار فيها بحذر شديد، والصناديق المعلنة ليست مقياساً حقيقياً لحجم الصناديق الموجودة في السوق، فتوجد صناديق رسمية ومرخصة من هيئة السوق المالية ولم يعلن عنها، لأن نظام الهيئة لا يشترط الإعلان عن الصناديق الخاصة، وهي لفئة معينة حيث إن أقل مبلغ يدفعه المستثمر للاشتراك فيها مليون ريال.
ويضيف الرشود: أما الصناديق العامة فمبالغ الاشتراك فيها مفتوحة وهي مازالت قليلة، لأن المطورين العقاريين قادرون على جمع أموال من المواطنين بالنظام القديم للمساهمات العقارية، حيث لا توجد آلية فعلية لإيقاف المساهمات العقارية إلا بمنع الإعلان، مؤكداً أنها مازالت موجودة.
وكشف الرئيس التنفيذي لمجموعة كسب المالية: أن إجراءات الحصول على ترخيص إطلاق صناديق استثمارية عقارية من هيئة سوق المال بسيطة وليست معقدة كما يراها بعض المطورين العقاريين، والهيئة فسحت المجال للإجابة على أسئلة المطورين العقاريين، لكن لابد أن تقوم الشركات المالية بدور المنسق بين هيئة السوق المالية والمطور العقاري وهذه وظيفتها.
وبين: أن الصناديق العقارية تضمن الشفافية بين المستثمر والمطور العقاري ، كما تضمن أن المال الذي يجمع للصندوق لا يصرف إلا له ، ويحتاج القطاع العقاري إلى عدد كافٍ من الصناديق العقارية لتزيد المصداقية في السوق وتحقق الفوائد التي كانت تحققها المساهمات العقارية وتلافي سلبياتها الكثيرة، لوجود النظام الذي يحدد وقت تصفية الصندوق، حيث تفرض هيئة السوق المالية على مطور المشروع الالتزام بالوقت المحدد لتصفية الصندوق مع إعطاء مدة ستة أشهر إضافية للتمديد بعد ذلك تتدخل الهيئة وتصفي الصندوق.
وبين أن الصناديق بإمكانها الاستثمار في المجالات العقارية المختلفة كالمجمعات السكنية والمباني الفندقية والمكتبية والمستودعات إضافة إلى المضاربة في الأراضي.
#3#
من جهته، يرى الدكتور محمد أبا الخيل أستاذ الاستثمار و التمويل العقاري ورئيس قسم الاقتصاد في جامعة القصيم: أن نظام الصناديق الاستثمارية العقارية يعد نقلة حضارية للسوق العقارية في المملكة، بعد أن عانت السوق المالية العقارية لسنوات طويلة الفراغ التشريعي، حيث كان أهم مورد مالي للقطاع هو المساهمات العقارية ، التي كانت تدار بأساليب وضوابط شخصية بحتة دون رقابة حقيقية ، مما أدى إلى ضياع ثروات كبيرة جدا ، وهذا أساء إلى سمعة السوق، حيث كان مطور المساهمة العقارية يستطيع أن يجمع مئات الملايين دون ضوابط مالية أو رقابة خارجية.
في المقابل فإن الموافقة على تأسيس شركة مساهمة رأسمالها لا يتعدى 20 مليون يحتاج إلى إجراءات معقدة جدا ومجلس إدارة.
وأبدى رئيس قسم الاقتصاد في جامعة القصيم تفاؤله بمستقبل الصناديق الاستثمارية العقارية في المملكة ، ولكن التحول من نموذج المساهمات العقارية إلى هذا النظام الجديد سيتطلب بعض الوقت، إضافة إلى أنه يتطلب أيضا نوعية مختلفة من المستثمرين.
وأضاف أبا الخيل: استبعد نظام الصناديق العقارية جزءا كبيرا من مطوري المساهمات العقارية قديما، حيث يشترط النظام أن يكون مدير الصندوق مرخصا له في أعمال الإدارة من قبل هيئة السوق المالية ، وهذا ما يفتقده العاملون في القطاع العقاري في الفترة الحالية.
وبين أبا الخيل: أن مثل هذه التغيرات في السوق تحتاج إلى التحفيز من قبل الهيئات الرسمية، بعد أن كانت السوق العقارية تعمل لفترة طويلة دون أنظمة، لذا من المتوقع حينما توضع الأنظمة عدم قبولها أو حتى فهمها سريعاً، ولهذا عادة ما يحتاج السوق إلى عوامل جذب للتوسع في نشاط معين.
وهنا يأتي دور المؤسسة الرسمية وأدواتها في التحفيز ، حيث إن كثيرا من دول العالم تستخدم نظام الضرائب للتشجيع على توجه معين لدى المستثمرين ، وإذا أردنا من الصناديق الاستثمارية العقارية تجميع المدخرات لتمويل مشاريع الإسكان، فعلينا أن نتنازل كمؤسسة رسمية ونقدم محفزات، والحكومة بإمكانها تقديم الكثير لتحقيق ذلك مثلاً: تمويل مجاني للصندوق، أو منح للصندوق من الأراضي الحكومية وهكذا.
مضيفاً: لا نتوقع أن يقبل السوق النموذج الجديد بشكل سريع كبديل للمساهمات العقارية، الأمر يتطلب مزيداً من الوقت والتحفيز.