قلة المخاطر في الصناديق العقارية ترشحها لتصدر روافد السوق المالية خلال السنوات المقبلة
وصف متخصص في الشأن العقاري السعودي الصناديق العقارية بأبرز القنوات الاستثمارية التي تعمل على دعم القطاع العقاري في ظل شح السيولة وعزوف المستثمرين عن الدخول في أدوات استثمارية ذات أخطار عالية خاصة فيما يتعلق بقطاع إنشاء المساكن وتأجيرها، الذي بلغ فيه حجم الديون المتعثرة نتيجة الايجارات المتراكمة التي باتت شبه معدومة على المستأجرين لتلك الوحدات السكنية وحتى نهاية العام الماضي بنحو خمسة مليارات ريال.
وأفاد العقاريون أن الصناديق تعد من الأشكال المهمة لتمويل السوق العقارية، ذلك من خلال إنشاء شركات تابعة لها لتنفيذ مشاريعها العقارية وطرح أسهمها للاكتتاب العام، وبالتالي توفر لها سيولة تمكنها من تنفيذ مشاريعها المختلفة القادرة على توفير الحاجة إلى المساكن، خاصة أن أكثر من 70 في المائة من المواطنين السعوديين وفقاً للدراسات لا يملكون مساكن، داعين بضرورة تقليل الفترة الزمنية بين تقديم أوراق تحويل الشـركة إلى مسـاهمة مقفلة وطرح أسهمها للاكتتاب العام حتى لا يؤثر عامل الوقت في المشروع.
وقال عبد الله الأحمري رئيس لجنة التثمين العقاري في الغرفة التجارية الصناعية في جدة إن الصناديق العقارية تعتبر الملاذ الآمن للاستثمار في النشاط العقاري، رغم وجود العقبات، التي من أبرزها طول الإجراءات الروتينية لطرح الصندوق، كما أن مدة الصندوق تعد من العقبات، حيث إن التخلص من الحصة في الصناديق العقارية ليست بسهولة بيع الأسهم ذاتها في الشركات المساهمة.
#2#
إلا أن الأحمري استدرك بالقول: «الصناديق العقارية هي عملاق صناعة العقار المقبل، والنبض الحقيقي لمجرى التمويل للشركات العقارية في الوقت الحالي بشكل نظامي، حيث إن سوق التمويل العقاري في السعودية لا تزال متأخرة عن مواكبة الطفرة العقارية التي يعيشها القطاع، واصفاً محاولات البنوك في منح القروض التمويلية للمشاريع في المنطقية، خاصة في ظل غياب الضمان الذي يحقق لها القدرة على استرداد حقوقها المالية، كما أنها – يقصد المصارف – تعتمد في التمويل على تسييل الحسابات الشخصية دون أن يكون لديها أي توسع في ظل ضعف إجراءات الحماية.
#3#
وأوضح الأحمري أن قطاع العقاري خاصة فيما يتعلق بقطاع تأجير المساكن يشكل نوعا من الخطورة على المستثمرين، إذ إن حجم المديونيات التي قد تدخل في إطار المعدومة في السوق العقارية السعودية وحتى نهاية العام الماضي تبلغ أكثر من خمسة مليارات ريال، وأن أصولها تعود إما إلى مصارف أو شركات أو أفراد، لافتاً إلى أنها لم تجد آلية مناسبة لاستعادتها ممن هم عجزوا عن القيام بسدادها.
وأبان رئيس لجنة التثمين العقاري في غرفة جدة أن صناديق الاستثمار العقاري شكلت حيزاً كبيراً من اهتمام المستثمرين في المملكة, إذ إنها تصنف على أنها الضيف الجديد على القطاع بتنظيماته وتشريعاته وطريقة أداء عمله، وأن الكثير من المهتمين بالاستثمار العقاري باتوا يطالبون ويترقبون إمكانية التوسع في الصناديق العقارية بعد إثباتها كفاءتها بدلا من المساهمات الوهمية التي مازالت غالبيتها منظورة على طاولات الجهات المعنية بتصفيتها.
#4#
ويرى الأحمري أن الاستثمار في الصناديق العقارية مع نهاية 2007 وتحديداً منذ أن أقرت هيئة سوق المال اللائحة التنظيمية الخاصة بها بعدة أشهر، بدأت تشهد نموا متزايداً وتكتسب ثقة المساهمين فيها، قياساً على الازدهار الكبير الذي يشهده سوق العقارات السعودي والارتفاع المتلاحق في الأسعار، مرجعاً ذلك لتأقلم المستثمرين تجاه اللائحة التنظيمية الجديدة والرغبة في التوجه لتحقيق عوائد أكثر أمناً، لافتاً إلى أن نجاح الصناديق العقارية خلق ثورة جديدة في صناعة العقار من حيث إمكانية أن نرى مستقبلا التوسع في توفير المساكن والأبراج السكنية والتجارية بشكل عام ولا سيما إذا واكبها تطبيق الأنظمة العقارية المتوقع تطبيقها بنهاية الربع الأول من العام الجاري، مشيرا إلى أن الاستثمار في الصناديق تأخذ حيزا كبيرا من اهتمام المستثمرين في المملكة، بسبب توافر التنظيمات والتشريعات وطريقة أداء عملها.
وأكد الأحمري أن إيجاد الصناديق العقارية وتنظيم آليات العمل فيها أوجد قنوات استثمارية لتنمية مدخرات الأفراد مهما كانت أحجامها، بدلا من بقائها في حسابات بنكية لا يحقق لهم أي مكاسب، مرجعاً ضعف آليات التمويل من السابق أو عدم نظاميتها إلى اعتماد الشركات على البنوك بينما هي في حاجة إلى قنوات تمويلية مختلفة، أو اعتمادها على المساهمات التي باءت غالبيته بالفشل لأسباب متعددة.
وتطل الصناديق العقارية برأسها شامخة في السوق العقارية السعودية، معلنة أنها ليست كالمساهمات الوهمية التي أضاعت الكثير من رؤوس الأموال خاصة لمن تعود لذوي الدخل المحدود أو المتوسط، وأنها أيضا لن تكون أحد طرق النصب والاحتيال على صغار المستثمرين أو أنها ستجمد السيولة من جديد في عقارات غير مدروسة، وذلك لأنها قبل طرحها تعمل على دراسة المشروع بشكل علمي ومفصل وترفعه بعد ذلك إلى هيئة سوق المال لدراسة جدواه ويتم التدقيق على المشروع من عدة جهات اعتبارية تمنع أو على الأقل تقلل بشكل كبير الأخطاء في دراسة أي مشروع عقاري، وهي تحدد مدة الاستثمار بعدد محدود من السنوات وبشكل واضح قبل البدء في الاكتتاب وتكون الشركة المالية مطالبة بإنهاء المشروع وتسويقه قبل انتهاء المدة المحددة وإلا ستكون عرضة للمساءلة، وأن لديها إمكانية التداول لوحدات الصندوق العقاري طوال فترة عمله، ما يجعل خروج المساهمين في أي وقت سهلا، وأنها لا تستطيع التلاعب بالمبالغ المكتتبة بها، لأنها تكون في حساب بنكي باسم الصندوق تصرف لحساب تطوير العقار المراد تطويره والمُراقب بشكل كامل من قبل هيئة سوق المال، كما أنه لا توجد أي مصالح مشتركة بين مطلق الصندوق ومالك العقار فهناك تعارض في المصالح.
وكانت مجموعة كسب المالية قد أعلنت أخيرا وسط تأكيدات صحافية من المهندس عبد الله بن سعود الرشود الرئيس التنفيذي لمجموعة كسب المالية أن 2010 سيكون عام الصناديق العقارية، موضحة أن زيادة عدد الصناديق العقارية جاءت مواكبة لمنع المساهمات العقارية وتصفيتها، وأن المجموعة تسعى خلال العام الجاري إلى إيجاد خمسة صناديق عقارية، وأن إيجادها سيكون مربوطا بانتهاء الأزمة المالية العالمية ووجود الفرص العقارية المربحة، مؤكدا أن الأوضاع الحالية أجبرتهم على دراسة الفرص الاستثمارية بعناية أكثر والتركيز على القطاعات الأقل تضررا، مشيراً إلى أنه على الرغم من تأثر قطاعات العقار كافة، إلا أن قطاع الإسكان ما زال يحقق طلبا كبيرا ومستمرا، مضيفاً أن مدينة الرياض تحتاج سنوياً إلى 30 ألف وحدة سكنية خلال السنوات العشر المقبلة، على خلفية نمو سكاني تبلغ نسبته 4.2 في المائة.
ومن المعلوم أن هناك فجوة كبيرة في مختلف المنتجات العقارية بين حجم الطلب والعرض في الوقت الحالي، حيث إن في السعودية أكثر من 70 في المائة من أفراد المجتمع السعودي لا يملكون مساكن، كما أن 60 في المائة من المتقاعدين الذين عملوا في القطاعات الحكومية يعيشون تحت خط الفقر، وهم في حاجة إلى برامج تمويل مسيرة تكون قادرة على بناء المسكن لهم، في ظل العجز الذي يعانيه صندوق التنمية العقاري وتأخر الفترة التي يتم من خلالها منح القرض بعد أن تعثر الكثير من المستفيدين منه عن سداده.