مسؤوليات مشتركة

إن البحث عن المسكن الملائم سواء من إيجار أو تملك شقق طبعا بعد اتجاه العديد إلى الشقق نظرا لغلاء أسعار الفلل والأراضي، ورغم أنه كان من المفاهيم المرفوضة في السابق والآن يواجه فيه الكثيرون عديداً من الصعوبات ويواجهون المفاجآت خلال البحث فمن شقق تخلو من نظافة بالمداخل إلى شقق تغص مداخلها بالأطفال والخادمات وكأنك دخلت حضانة للتو! و ليس بناية! وهم يقضون معظم يومهم في الممرات مشكلين إزعاجا كبيرا للسكان من كبار السن أو الطلاب أو المرضى (و أنا لست ضد لعب الأطفال مع أبناء الجيران ولكن لفترة محددة وليس طوال اليوم)، ولأن السكن يترتب عليه مسؤوليات مشتركة سواء البائع أو المشتري فالبائع عليه مسؤولية التأكد من معايير الجودة والسلامة قبل الشروع في البيع خصوصا لمن يرغب بالحفاظ على اسمه في هذا المجال والمشتري عليه مسؤولية لا تقل أهمية فعليه مسؤولية تتعلق بالعلاقات الإيجابية مع بقية السكان سواء كنت مشترياً أو مستأجراً فعليك بالتأكيد مسؤوليات تجاه المبنى الذي ستسكن فيه ولو لفترة مؤقتة، فقد لوحظ أن الملاك الذين أدوا ما عليهم من مسؤوليات تجاه المبنى من الجودة والسلامة والجمال (ولا يخفى علينا التكلفة الكبيرة التي يتكبدها صاحب البناء خصوصا إذا بنى بذمة) يتجهون مجبرين إلى تفضيل التأجير لأسر ليس لديها أطفال، كما اشترط البعض دفع مبلغ تأمين قبل السكن يتم تسليمه للمستأجر عند انتهاء فترة التأجير بدون أضرار أو سيتم خصم المبلغ لتعديل الأضرار التي لحقت بالمسكن خلال فترة الإيجار، مع العلم أن ديننا الحنيف يشجع على احترام الآخرين وملكياتهم إلا أن البعض يتساهل من باب أنه بيت إيجار!
ولأن مفهوم الملكية المشتركة ظهر في عديد من الدول الأجنبية منذ عشرات السنين وهو مستخدم في بعض الدول العربية كمصر مثلا وهي من الأفكار التي ظهرت لتسهيل السكن لعدد أكبر من المواطنين ولكن هذا المفهوم طرح لنا بدون الاستفادة من خبرات الذين سبقونا في هذا المجال كما أنه لم يحكم بقوانين واضحة وصريحة للطرفين البائع والمشتري رغم وجودها إلا أنها مجهولة للكثيرين ولأننا نفتقد للتنظيم الذاتي وكما علمنا من ضعف الإحساس بالمسؤولية لدى البعض فإن فكرة الملكية المشتركة خلقت عديدا من المشكلات لدى المشترين للشقق الذين هم بحاجة إلى إدراك مفهوم التعاون للتعايش في بيئة مشتركة وسليمة.
فمن الحلول التي طرحت في مدينة جدة مثلا (على اعتبار أنهم سبقونا في تطبيق هذا المفهوم) إلا أنهم قرروا تطبيق نظام اتحاد السكان لكل منشأة بحيث يدفع السكان مبلغاً سنوياً يقوم المجلس من خلاله بتوفير كافة المتطلبات للسكان, كما يجب تفعيل قرار فرز الوحدات الذي يقتضي وضع أنظمة لتملك العقار المنافع العامة وهذه المنافع تشمل كافة الخدمات التي يحتاجها السكان سواء الصيانة أو المواقف أو المياه أو الصرف الصحي وغيرها.
أو من الممكن إيجاد شركات تعمل على توفير هذه الخدمات لكافة السكان بمبالغ سنوية بشكل أن يمثل العمارة شخص واحد يعمل على جمع المبالغ أو يتم التنسيق بين الملاك، ونظرا لأن الملكية المشتركة تشمل الاشتراك بالخزانات وغيرها فنجد أن البعض عند انقطاع الماء يرفض الدفع كمبالغ طارئة وهذه ليست المشكلة الوحيدة ولكن لأن هذه المباني جديدة نسبيا قد لا تطرأ عليها مشكلات كبيرة ولكن هذه المشكلات ستظهر بوضوح مستقبلا.
لذا مهما كانت القوانين فلا يحق لأحد قطع الماء مثلا عن من لم يدفع (وأتعجب لماذا ؟!) لذا أعتقد أن الإحساس بالمسؤولية المشتركة والتعامل مع بقية السكان كأسرة واحدة لا يمكن تعليمها لأحد ولا يمكن لقانون أن ينظمها ما لم ننظمها بدوافعنا الشخصية وبتطبيق ديننا الحنيف، أو الاستعانة بنظام صارم يعتمد الغرامات في كل قانون، ودمتم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي