رسالة الخطأ

  • Notice: unserialize(): Error at offset 8 of 9 bytes in variable_initialize() (line 1202 of /var/www/html/includes/bootstrap.inc).
  • Search is temporarily unavailable. If the problem persists, please contact the site administrator.


نشوة النصرِ "لنشوى" ولمْلَمَ الفوزُ "لما"

بعد فوز نشوى طاهر ولما سليمان في انتخابات الغرفة التجارية في جدة، يجب الوقوف قليلاً وتحليل مجريات الأمور. لا بد من احترام رأي العلماء الأفاضل في أمور الدين ودعم دورهم في التوعية الدينية، ولكن أن يصدر إمام مسجد وبعض الأفراد بيانات من على المنبر أو عبر الإنترنت برفض مشاركة النساء في انتخابات الغرفة، فهذا خارج عن اختصاصهم. بيان إمام مسجد السيدة رقية في جدة، وهو بالمناسبة معلم سابق للتربية الإسلامية في قطاع التعليم، يفتي بأن المرشح لانتخابات الغرفة التجارية يجب ألا يكون من الداعمين لدخول المرأة للغرفة. ويستند الإمام النبيه في اجتهاده إلى بند "سد الباب الذي تدخل منه ريح التغريب للمجتمع، ولأن اجتماع المال والنساء بغير هدى شرعي يؤدي إلى فساد وميل المجتمع عن الصراط المستقيم." إن هذا التدخل دون وجه حق في العملية الانتخابية يندرج تحت بند التطعيس والتفحيط الأحادي غير المنظم ويعتبر تشكيكاً في نزاهة نصف مجتمع هذا الوطن.
الدور الذي يمكن أن تلعبه عضوية المرأة في مجلس إدارة الغرف التجارية يتمثل في فتح قنوات مهمة بين المنشآت التجارية مع مراكز التدريب لاعتمادها في التوظيف من خلال السعودة الفعلية. إن دخولنا أخيراً إلى منظمة التجارة العالمية تنبثق منه حاجات وظيفية جديدة، ما يدعم مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية، خاصة أن هناك فرصاً لمساهمة المرأة في سوق العمل من خلال التوجه العام للدولة. لذلك أرى أنه يجب تشجيع المرأة السعودية لخوض مسيرة التنمية وإعطائها الفرصة للمشاركة الفاعلة في انتخابات الغرف التجارية مع التقيد بتعاليم الشريعة الإسلامية.
أريد أن أسجل هنا بعض الأمثلة التي أثبتت فيها المرأة السعودية أخيرا جدارتها في تحمل المسؤولية، فقد أبدعت المرأة السعودية عندما اقتحمت مجال عمل هندسي جديداً لأول مرة في برنامج تدريبي من تقديم وإخراج وإنتاج كلية عفت وجامعة دوك. يتيح هذا البرنامج للمرأة السعودية فرصاً وظيفية جديدة ومهمة مثل تصميم وتصنيع شبكات وبرامج الحاسب الآلي. أبدعت المرأة السعودية عندما استعدت أول خمس فتيات سعوديات لتسلم وظائفهن في أحد أكبر فنادق المنطقة الشرقية بعد أن تم تعيين موظفات سعوديات في فنادق الرياض وجدة. أبدعت المرأة السعودية عندما اختيرت الإعلامية السعودية منى أبو سليمان سفيرة للنوايا الحسنة، وعندما رأست الدكتورة السعودية لبنى الأنصاري وفد الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لمركز حقوق الإنسان في الدنمارك. أبدعت المرأة السعودية عندما شاركت الدكتورة فاديا البيطار في مؤتمر "التعددية الثقافية" في منظمة اليونيسكو الأسبوع الماضي في باريس. لا أعتقد أن أياً من الأمثلة القليلة السالف ذكرها يؤدي إلى "فساد وميل المجتمع عن الصراط المستقيم"، بل أكاد أجزم أن وصف المرأة السعودية بتلك الصفات يُعتَبَر قذفاً للمحصنات وإهانة لنصف الوطن ومتناقضاً مع قرارات الدولة بخصوص عمل المرأة. وزير الشؤون الإسلامية الشيخ صالح آل الشيخ قطع الشك باليقين وحذر الأئمة والخطباء من تقمص شخصيات المفتين لأنه من الخطأ أن يكون هناك "تداخل في عمل المفتين مع عمل الأئمة والخطباء"، معللاً ذلك بأن "الإمام والخطيب ليسا فقيهين".
تباينت المواقف من ترشيح المرأة لانتخابات الغرف التجارية. وديان الرياض ونخيلها تضامنت مع رواشين جدة وشواطئها فطالبت مجموعة من السعوديات بعضوية المجالس البلدية سواء بالتعيين أو الانتخاب. جاءت تلك الصرخة المستحقة في منتدى الإدارة الذي نظمته جامعة الأمير سلطان وبرنامج الأمم المتحدة الأسبوع الماضي في الرياض. في المقابل، تقول إحدى سيدات الأعمال في المنطقة الشرقية إنها ليست من أنصار ترشيح المرأة في الانتخابات وتؤكد أن سيدة الأعمال السعودية لم تصل بعد لمستوى أن تتحمل دورا عاما ومهما في مجالس الغرف التجارية.
لا أرى مانعاً أن تشارك المرأة في صُنع القرار ووضع رؤية استراتيجية لدورها في المجتمع. إن ذلك يعتبر مثالاً راقياً لدعم مؤسسات المجتمع المدني ولتشجيع التنمية المتوازنة بالمشاركة الشعبية. لا بد من مساهمة المرأة في التنمية الوطنية والاقتصادية بجانب دورها في رعاية الطفولة وإنشاء جيل جديد متعلم ومتفتح. وأكرر مطالبتي هنا لمجلس الشورى الموقر أن يعين مستشارات للانضمام للمجلس، وأن تشارك المرأة في تأسيس وإدارة اللجنة الوطنية للأسرة، وأن يُفتح لها المجال لخوض انتخابات الغرف التجارية الأخرى، إن هي أرادت ذلك. لا أعلم كيف استنتج إمام المسجد الفاضل أن مشاركة المرأة في التنمية لها علاقة "بريح التغريب"، وأن "اجتماع المال والنساء بغير هدى شرعي يؤدي إلى فساد وميل المجتمع عن الصراط المستقيم". الحسبة في الإسلام هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا تعني قذف المحصنات، لعل الإمام الفاضل يهتم بمسؤولياته ويترك الفتاوى لأهلها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي