التدقيق الشرعي في المؤسسات المالية
برزت في الفترة الأخيرة مع ظهور المصارف الإسلامية مهنة المراقب الشرعي أو ما يسمى بالمدقق الشرعي، حيث يقوم بالتأكد من تطبيق قرارات الهيئة الشرعية في أرض الواقع بشكلها الصحيح وعدم وجود ما يخالفها، كما يعني بعدم وجود أي ممارسات فيها مخالفة شرعية يتم العمل بها داخل المؤسسة المالية، كل هذا يتم وفق أدلة عمل وإجراءات بدأت تتطور مع ظهور هذه المهنة في المؤسسات المالية، ومن ثم يتم الرفع إلى الهيئة الشرعية وإلى إدارة المؤسسة المالية بتقارير تبين نتائج الزيارات الميدانية والمخالفات الشرعية التي تم رصدها للعمل على معالجتها وتصويبها. بل لا يقف دور المراقب الشرعي عند هذا الحد بل يتعداه إلى رفع مستوى الوعي داخل المؤسسة المالية عن طريق إقامة الدورات التدريبية والإجابة عن الأسئلة والاستفسارات من الموظفين والعملاء على حد سواء.
ومن تأمل الأدوار التي يقوم بها المراقب الشرعي أدرك أن مثل هذه المهنة التخصصية تحتاج إلى شخصٍ مؤهلٍ تأهيلاً شرعياً ومصرفياً في وقت واحد حتى يسهم بفاعلية داخل المؤسسة المالية وحتى ينال عمله استحسان الهيئة الشرعية ورضا العملاء الذين يتطلعون إلى الضبط الشرعي وعدم وجود أي ممارسات أو تطبيقات مخالفة للناحية الشرعية، خاصة أن العملاء يثقون بالفتاوى التي تصدر من العلماء المعروفين، غير أنهم قد يشككون في الآلية والطريقة التي يتم بها تطبيق المنتجات والتي ربما يوجد بها مخالفات شرعية ومن هنا يظهر أهمية ودور المراقب الشرعي فيما يسمى بالجودة الشرعية، حيث يعمل على ضبط المنتج وإخراجه للعميل خالياً من الشوائب الشرعية مما يضفي مزيداً من المصداقية والثقة بالمؤسسة المالية وبالمنتجات التي تقدمها.
ووجود الرقابة الشرعية داخل المؤسسة المالية من الأمور المهمة لمراقبة العمليات وتدقيقها بشكلٍ يومي، ومع هذا أيضاً نحتاج منعاً للتضارب ولإضفاء مزيدٍ من الشرعية على مكاتب خارجية للتدقيق الشرعي مماثلة لمكاتب المحاسبة القانونية يتم من خلالها المراجعة والتدقيق لأعمال ومنتجات المؤسسات المالية الإسلامية في أوقات متفاوتة ومن ثم يتم رفع تقارير المراجعة الشرعية إلى إدارة المؤسسة المالية والهيئة الشرعية، كما يتم إعلانه في الجمعية العمومية أمام المساهمين حتى يتأكدوا من سلامة مؤسستهم من الناحية الشرعية وحتى يتأكد العملاء أيضاً من وجود الضبط الشرعي والذي يعود على المؤسسة بالثقة والاطمئنان من جانب العملاء والمساهمين على حد السواء.
كما يمكن بعد ذلك أن تقوم شركات للتصنيف الشرعي - أسوة بشركات التصنيف الائتماني - وذلك بالاستفادة من تقارير مكاتب التدقيق الشرعي ومن خلال عدة ضوابط تساعدها على إعطاء تصنيفات مختلفة للمؤسسات المالية الإسلامية، فمن حق العميل أن يعرف ما هو أفضل مصرف يقدم المنتجات الإسلامية؟ وما درجات المصارف في القرب والبعد عن التطبيق الصحيح للمصرفية الإسلامية؟ وما أفضل مصرف يقدم منتج التمويل الشخصي بطريقة ليس فيها مخالفات شرعية مثلاً؟ وما أفضل مصرف يقدم منتج البطاقات الإسلامية بطريقة شرعية؟ وقس على ذلك بقية المنتجات الإسلامية.
لقد أضحت مهنة الرقابة الشرعية مهنة مهمة مع تزايد الطلب على المنتجات الإسلامية والتوجه العالمي نحو المصرفية الإسلامية مما يغض الطرف عن الالتفات لتطوير هذه المهنة لتقف جنباً إلى جنب مع المهن الأخرى ذات الأهمية في المؤسسات المالية.