الاعتراف بالإيراد في ظل الأزمة العالمية (2 من 2)

يلوح في الأفق نوع من الاتفاق بين مجلس معايير المحاسبة الأمريكي والدولي على ضرورة تعديل أنموذج الاعتراف بالإيراد، ومرد ذلك أساساً إلى الاقتناع باستنباط حلول المشكلات العملية التي أحدثها وبرزت بشكل واضح خلال الأزمة العالمية وتكمن مشكلة أنموذج الاعتراف بالإيراد كلاسيكياً كما فصّل في المقال السابق اتباعه إجراءات محددة تمليها معايير المحاسبة عموماً، ويتم تعديل المشكلات تباعاً للحالات الاستثنائية طبقاً لنموذج الأعمال، مما أدى إلى تراكم حالات الاستثناء بحيث طغت على القاعدة الأساسية، بل أحيانا ألغتها. يعتقد كثيرون أن النموذج الجديد المقترح قد يكون هو الحل خلال العقد القادم، هذا النموذج سمي «العقد مع العميل» «Contracts with Costumers»، حيث يتم تحديد الإيراد طبقاً لنموذج «العقد مع العميل» باعتبار أن الإيراد يمثل الزيادة في أصول التعاقد أو الانخفاض في خصوم التعاقد (أو كليهما) الناتج من توفير السلع والخدمات للعميل، ويعطي هذا التعريف تحديداً دقيقاً للزيادة في الأصول أو النقص في الخصوم (أو كليهما معاً) الناتج فقط من وجود تعاقد ملزم مع عميل معين، لذا فإنه يختلف عن نموذج إجراءات الاعتراف بالإيراد سواء بالقاعدة أو الاستثناء، وكذلك عن أسلوب الزيادة في صافي الأصول الناتج عن النشاط الرئيس، وذلك بزيادة شرط أساسي للاعتراف بالإيراد، وذلك باشتراط توافر عقد من العميل عندئذ ينشأ حق للعميل بتوفير السلع والخدمات كما ينشأ أيضاً حق للوحدة المحاسبية للحصول على أصول مقابلها أو تخفيض في خصومها مستقبلاً.
عليه، تتم معاملة العقد كأصول إذا كانت الحقوق أعلى من الالتزامات كما يعتبر العقد خصوماً إذا كانت التزامات الوحدة أعلى من حقوقها. وينتج الإيراد من الفرق بين تلك الالتزامات والحقوق، قد يقول قائل إن هذا ليس بجديد فالمؤسسات المالية تعالج إيرادات المشتقات المالية طبقاً لهذا التصور؛ على كل وبكل بساطة، فإن الإيراد يتم تحديده طبقاً لهذا النموذج عندما تزيد الحقوق التعاقدية عن الالتزامات، فعلى سبيل المثال عند توقيع عقد مع عميل لتنظيف مكتبة، فإن شركة النظافة عليها التزامات تعاقدية ولها حقوق محددة، وتتساوى لحظة التعاقد، فإن دفع العميل مقدماً فالتزامات الوحدة المحاسبية تزيد على حقوقها ولا يتحقق الإيراد، ولن يتحقق الإيراد إلا إذا تمت عملية التنظيف، فإذا تم تنظيف المكتب مثلاً يوماً واحداً، فإن التزامات الوحدة المحاسبية ستقل وستكون أقل من حقوقها، وهنا يتحقق الإيراد في ذلك اليوم، وعلى الرغم من سهولة ووضوح هذا التوجه الذي كما يعتقد كثيرون أنه توجه المستقبل، إلا أنه سهل في التنظير وقد يكون صعب التطبيق في الواقع العملي ؛ وما زال الجدل مستمراً؛ أتمنى أن يشارك محترفونا في هذا الجدل أكاديمياً ومهنياً، وسيشمل لب قياس عناصر القوائم المالية للشركات في العقد القادم، وقد يغيرها تماماً والله أعلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي