أنشتاين والتوظيف
لا يكاد يمر أسبوع دون أن التقي شاباً سعودياً يبحث عن عمل، وخاصة في مجالات الإدارة والمالية والمحاسبة، وقد لاحظت أن أعداد هؤلاء في تزايد خصوصاً مع بدء عودة الشباب السعودي حاملين شهادات تخرج هي ثمرة برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث. وفي الوقت نفسه لاحظت من خلال زياراتي وعلاقاتي بشركات القطاع الخاص دون استثناء أن نسبة السعوديين في القطاع المالي لأي شركة منخفضة جداً، رغم ما تبذله الحكومة وصندوق تنمية الموارد البشرية في سبيل تدريب وتوظيف السعوديين في هذه المجالات. هذا تناقض غريب، شباب سعودي لديه تأهيل عال وحديث يبحث عن عمل ولا يجد فرصة العمل، وأعداد هائلة من غير السعوديين تتربع على وظائف مالية على مختلف المستويات، وذات مزايا مالية عالية تتجاوز حتى ما يطمح إليه المؤهل من الشباب السعودي. إنها معادلة لم أجد لها الحل، مع يقيني بأن كثيراً من الشباب السعودي لديهم من المهارات والـتأهيل ما يفوق نظراءهم من غير السعوديين خصوصاً التعليم العالي في جامعات معتبرة في دول الابتعاث، إضافة إلى حداثة التأهيل، كما أن لدى أكثرهم من المهنية والالتزام ما يكفل نجاحهم بكل المعايير.
يرجع البعض المعضلة إلى أن الشاب السعودي غير ملتزم وغير جاد، ولكن الرد على ذلك بسيط وهو بالنظر إلى قياديي العمل البنكي في المملكة ونجاح السعوديين في قيادة أكثر القطاعات حساسية لاقتصادنا. البعض يرى أن عدم توافر الخبرة هو المشكلة، وقد تكون هذه المقولة صحيحة، ولكن يجب أن ينظر أرباب العمل إلى المسألة بوطنية وأن يتقبلوا التضحية بإتاحة الفرصة للشاب السعودي لبداية حياته المهنية، وألا ينظر إلى الأمر بأنانية، فمصلحة الوطن ككل تكون في توظيف الشاب السعودي المؤهل لإكسابه الخبرة وإحلاله محل غيره، حتى وإن ترك الشاب العمل وانتقل إلى جهة أخرى، فخراج المطر سيكون على الوطن أينما عمل هذا الشاب. إن مصلحة الوطن في توظيف أبنائه، لذلك فالتضحية مطلوبة من طرفي المعادلة، الشاب الذي يبحث عن عمل وكذلك أرباب العمل. ومن دون هذه التضحية، المعادلة تحتاج إلى أنشتاين آخر يقوم بحلها دون تضحيات ولا تنازلات، والله أعلم.