مشايخ وأكاديميون: «الدولة والدين»..«سياسة وشريعة» تحرم تمويل الإرهاب

مشايخ وأكاديميون: «الدولة والدين»..«سياسة وشريعة» تحرم تمويل الإرهاب
مشايخ وأكاديميون: «الدولة والدين»..«سياسة وشريعة» تحرم تمويل الإرهاب
مشايخ وأكاديميون: «الدولة والدين»..«سياسة وشريعة» تحرم تمويل الإرهاب
مشايخ وأكاديميون: «الدولة والدين»..«سياسة وشريعة» تحرم تمويل الإرهاب
مشايخ وأكاديميون: «الدولة والدين»..«سياسة وشريعة» تحرم تمويل الإرهاب

اتفق أكاديميون شرعيون على أن خطاب الشكر والتقدير الذي وجهه خادم الحرمين الشريفين أخيرا إلى هيئة كبار العلماء وأعضائها، يشكرهم فيه على بيانهم الشرعي حيال تحريم التمويل للإرهاب، هو خطاب يبين مدى التلاحم بين القادة والشعب على الرغم من أن الأمر ليس بجديد، وأن مثل هذا الخطاب تتلقاه الهيئة عند إصدارها لأي بيان، وأن الخطاب جاء ليؤكد أن المملكة دولة قامت سياستها على الدين ولم يأت يوم وانفصلت عنه.

ويرى الأكاديميون أن السبب خلف تناقل وسائل الإعلام المحلية للخطاب أمر طبيعي، ولكن الاختلاف يعود في اهتمام وكالة الأنباء العالمية بمثل هذا النوع من خطابات الشكر، مؤكدين أن اهتمام الوسائل الإعلامية بالخطاب هو أبعد من مجرد وصف لمدى حجم التلاحم بين القيادة وهيئة كبار العلماء، ولكنه يأتي كشهادة يجب على وسائل الإعلام المحلية أن ترفعها أمام الوسائل الإعلامية المغرضة والصهيونية التي تدين علماء الدين في المملكة وتصورهم بأنهم خلف الإرهاب أو تلك التي تدين الفكر السلفي الذي أحياه في الجزيرة العربية الإمام محمد بن عبد الوهاب.

وتباينت آراء الأكاديميين حيال إمكانية أن يردع البيان الذي أصدرته الهيئة توضح فيه موقفها من تحريم تمويل الإرهاب وخطاب الملك الذي ثمن به البيان من اعتنق فكر الفئة الضالة وأن يعيده إلى جادة الصواب، مشيرين في تباينهم إلى أن الخطاب لن يسهم في إرجاع من اعتنق الفكر الضال إلى جادة الصواب، وذلك لأن من اعتنق ذلك الفكر الإجرامي لم يعد يجعل هيئة كبار العلماء والقرار السياسي في المملكة رافداً فكرياً له، في حين ذهب آخرون إلى أن القرار سيسهم في خلق نوع من الصحوة الدينية لدى الضالين وسيعيدهم إلى جادة الصواب.

#3#

ولم يستبعد الأكاديميون أن يسهم البيان في منع من كان يمول العمليات الإرهابية بسذاجة وضحالة تفكير ودون النظر في عواقب الأمور، على الرغم من أنهم يدينون لعلماء المملكة ولقادتها ولسياستها الشرعية المبنية على دين الإسلام الحق.

وأكد الدكتور سعد الشهراني، المدير التنفيذي للملتقى العالمي للعلماء والمفكرين المسلمين، أن خطاب الشكر والتقدير الذي وجهه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء ولأصحاب الفضيلة أعضاء الهيئة، رداً على كتاب المفتي المرفق به قرار هيئة كبار العلماء المتضمن تجريم تمويل الإرهاب، جاء ليؤكد حجم التلاحم مابين القيادة السياسية والقيادة الفكرية في المملكة، مشيراً إن الظروف الراهنة التي تمر بها الأمة الإسلامية في هذا العصر يجعل من مثل هذا الخطاب امرأ حتميا يؤكد على التلاحم بين العلماء وولاة الأمر.

وقال الشهراني: '' إن الواجب في هذه المرحلة من الزمن استوجبت أن يظهر الموقف الشرعي لدين الإسلام وموقفه من الإرهاب ومن الإجرام الذي نراه يفسد في الأرض ولا يبني، وإن الإرهاب حين يجد أنه بات أمام أرضية صلبة وقاعدة راسخة ترفضها وتجرم أعماله من قبل العلماء و أولي الأمر فأنه سيتشتت ويضعف ويشعر بأنه ليس له موقع يمكنه من الوقوف عليه''.

#4#

وأوضح الشهراني أن العلماء عليهم واجب كبير تجاه محاربة الإرهاب والجرائم التي تنتج عنه، وإنهم ببيانهم الأخير والبيانات السابقة التي صدرت عنهم يظهرون مدى سلامة دين الإسلام من العنف، ويوضحون موقف الإسلام من الإرهاب لعامة الناس اللذين هم في أمس الحاجة إلى مثل هذه الفتاوى من قبل هيئة شرعية كهيئة كبار العلماء معترف بها في جميع بلدان المسلمين، وذلك حتى لا يصبح الناس في حيرة من أمرهم وقد يقود فكر الشباب حينها في ظل انعدام الموقف تجاه الإرهاب إلى الشبهات الضالة.

وأبان الشهراني أن انقطاع التمويل والدعم المالي عن الإرهاب وتجفيف منابعه يجعله يموت نظير انقطاع المياه التي تغذيه لينمو وتتسع رقعته، وأن تحريم الإرهاب واجب على علماء المسلمين جميعهم، مستدركاً بالقول: '' ولله الحمد فكثير من الناس يكرهون الإرهاب، وأن مجتمعنا ينبذ مثل هذه الظواهر التي تهدم المجتمعات وتعوق البناء والتطور، وأن المجتمع هنا مفطور على المحبة والسلام، والإرهاب ليس له جذور في مجتمعنا ولكن ما حدث يشير إلى أن هناك فئة ضالة وهي محدودة وشاذة ولا تشكل نسبة تذكر في المجتمع السعودي، ولكن مثل هذا البيان الذي جاء في مثل هذه المرحلة سيكون منقذا لتلك الفئة التي التبست عليها الأمور وسقطت في الشبهات، وأن البيان سيكون رادعا لمن قد تلبس عليه الأمور ويقع في شراك الأعمال الإرهابية أو تمويلها''.

ويرى الشهراني أن وسائل الإعلام الغربية تصف الإسلام بالدين الدموي، وذلك يفعل من أجل تشويه صورة الإسلام لإنفار الناس من الدخول فيه واعتناقه، وأن الإعلام يصور أي حادثة تقع في أحد أركان المعمورة فإن المتهم الأول هو دين الإسلام، وذلك يخالف أن عمل الجرم الإرهابي أي شخص لا ينتمي للإسلام، فحينها يجرم الشخص نفسه ولا يذكر دينه وهو أمر يدل على عدم وجود الإنصاف، مشدداً على أن البيان الذي وضح موقف الإسلام الذي استمد من القران الكريم ومن السنة النبوية تجاه الأعمال الإرهابية وتمويلها سيصفي صورة الإسلام في أذهان العالم، ويجعلهم مطلعين على حقيقة الدين الإسلامي الذي حاولت أن تشوه صورته وسائل الإعلام الغربية، والتي هي في الوقت نفسه دفعت بالكثير للدخول إلى الدين الإسلامي بعد أن قرؤوا عن حقيقة الدين الذي شوهت حقائقه بطريقة غريبة.

وقال الدكتور عبد العزيز الحربي، مدير مركز أحياء التراث الإسلامي التابع لمعهد البحوث العلمية وأحياء التراث الإسلامي في جامعة أم القرى: '' كل من القرار والتثمين دليل ينطقه الحق على أنه لا اختلاف بين العقلاء على تجريم الإرهاب وتحريمه، حيث إن الإرهاب ليس من الإسلام في شيء، والذي اتخذ منه أعداء الإسلام مطعنا في الإسلام وأهله، فالإرهاب الآثم فكرا وتنفيذا وتخطيطا وتمويلا مستنكر دينا وعقلا وإنسانية وحضارة وعرفا، وليس في هذه البلاد من تشرب فكر الإرهاب إلا من خرج عن هذه المعاني كلها''.

ويرى الحربي أن القرار القاضي بتحريم التمويل للإرهاب لا يعد جديدا إلا من حيث أنه صدر في بيان جماعي يضم تحته جميع أعضاء هيئة كبار العلماء، مفيدا بأن التحريم لمثل تلك الأعمال الإجرامية مغروس في ذهن كل سوي معتدل، وفي كل قلب مؤمن بالله ويتعاون على البر والتقوى.

#5#

وأردف الحربي: ''لا شك أن هذا القرار له أبرز الأثر في إقناع من لديهم مثل هذا الفكر وإن كان بعضهم لا يقنعه إلا الجدال والمحاورة والمناظرة وبعضهم لا يقتنع إلا بالسيف''.

من جهته يرى الدكتور محمد السعيدي استاذ أصول الفقه في جامعة أم القرى، أن خطاب الشكر والتقدير الذي وجهه خادم الحرمين الشريفين إلى هيئة كبار العلماء وأعضائها بعد إصدارهم بالإجماع بياناً يوضحون فيه موقفهم تجاه تمويل الإرهاب، ليس بالخطاب الجديد الذي تتلقاه الهيئة، وأنها تتلقى مثله عند إصدار أي بيان لها في فتوى شرعية لأي قضية كانت، وأن الشكر يأتي من الديوان الملكي الذي يأتي على هرمه ولي الأمر كرد فعل مباشر، مشيراً إلى أن رأي هيئة العلماء بأفرادها هو التحريم منذ زمن طويل، ولم يكن هناك أي من أعضاء هيئة كبار العلماء أفتى بجواز التمويل، بل إن لهم مواقفهم الصارمة التي تحرم العمل من خلال مواقعهم الإلكترونية أو من خلال إبداء آرائهم عند استيضاح مواقفهم عبر وسائل الإعلام أو أي وسيلة أخرى.

وتابع: ''إن هذا الخطاب الذي بعث به خادم الحرمين الشريفين أخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام في أوساط الوسائل الإعلامية ووكالات الأنباء الدولية، ذلك لحساسية الموضوع الذي تطرق إليه البيان''، مبيناً أن سر تناقل الوسائل الإعلامية جميعها لهذا الخطاب على وجه الخصوص هو أبعد من مجرد وصف لمدى وحجم التلاحم بين القيادة وبين هيئة كبار العلماء، لكنه يأتي كشهادة يجب على وسائل الإعلام المحلية أن ترفعها أمام الوسائل الإعلامية المغرضة والصهيونية التي تدين علماء الدين في المملكة وتصورهم بأنهم خلف الإرهاب أو تلك التي تدين الفكر السلفي الذي أحياه في الجزيرة العربية الإمام محمد بن عبد الوهاب، لافتاً إلى أن وسائل الإعلام الصهيونية منها أو تلك التي وصفها بالبدعية تركز دائماً على أن العلماء في المملكة والتوجه السلفي هو وراء حركات الإرهاب في العالم أجمع.

وأبان السعيدي أن التلاحم بين الملك وهيئة كبار العلماء هو أمر معهود منذ أن تأسست المملكة، معللاً ذلك بأن المملكة هي دولة قامت على الدين منذ نشأتها ولم تفصل بين السياسة والدين، بل إنها جعلت من الدين دستوراً تمشي على نهجه وتسًير به أمورها.

وأوضح السعيدي أن البيان الذي أصدرته هيئة كبار العلماء توضح فيه موقفها من تحريم تمويل الإرهاب وخطاب خادم الحرمين الشريفين الذي ثمن به البيان، لن يردع من اعتنق فكر الفئة الضالة ولن يسهم في إرجاعه إلى جادة الصواب، وذلك لأن من اعتنق ذلك الفكر الإجرامي لم تعد تجعل هيئة كبار العلماء والقرار السياسي في المملكة رافداً فكرياً له، وأن الأثر الكبير سيكون كالأثر التحصيني لمن يعتنق الفكر الضال بعد من الشباب، والذين مازالوا وهم كثر في ساحة الحق وفي ساحة إدانة الإرهاب.

ولم يستبعد السعيدي أن يكون هناك من يمول العمليات الإرهابية بسذاجة وضحالة تفكير دون النظر في عواقب الأمور، على الرغم من أنهم يدينون لعلماء المملكة ولقادتها ولسياستها الشرعية المبنية على دين الإسلام الحق، لكن السذاجة هي التي جعلتهم يقعون في فخ التنظيمات الإرهابية، وأن هؤلاء الناس من هذه النوعية سيردعهم البيان عن التمويل لمصلحة المنظمات الإرهابية، لافتاُ إلى أن المتشربين بالفكر الإرهابي ويمنون به ويقومون بتمويله فإنهم لن تردعهم أي بيانات شرعية تؤيدها القرارات الساسية، ولن يردعهم سوى مراقبة تحركات أموالهم.

وعلى الصعيد ذاته قال الدكتور عبد الله سمبو، أستاذ كلية الدعوة وأصول الدين في جامعة أم القرى: ''لا شك أن الملك رجل مفكر ويأخذ الأمر بمنتهى الروية والجدية، وأن الخطاب الذي بعث فيه شكره وتقديره لهيئة كبار العلماء ولأعضائها جاء يجدد هذا الأمر وقوة الولاء والحب بين الراعي والرعية، ويوضح مدى التلاحم والتناغم والتشاور فيما بينهم، وهو أمر يدل على تواضع الراعي حينما يعود إلى العلماء ورعيته في كل صغيرة وكبيرة ويأخذ بأفكارهم ولا يرمي بآرائهم أبدا سواء كان صغيرا أو كبيرا في هذه البلاد أو غيرها، ولا شك أن الإسلام دين إصلاح وفعل خير وقول الحق''.

ويرى سمبو أن اتهام الإسلام بأنه دين إرهاب هو اتهام عار من الصحة وباطل، إذ إن كل التعليمات الإسلامية تنص وتدعو إلى وسطية الدين وتقبله للآخر عن طريق حوار حضاري إسلامي ينبثق من مشكاة السنة النبوية، كما أن الإسلام ينهي عن قتل الشيخ والمرأة والطفل وسفك دماء الأبرياء في الحروب حسبما جاءت به توجيهات نبي الأمة محمد ـ صلي الله عليه وسلم، إذ إن نبي الأمة عندما نهى أصحابه عن التمثيل بالجثث أو قتل مسن أو عاجز أو امرأة أو طفل أو قلع الأشجار أو حرقها, فهذا أمر يشدد على أن الإسلام دين سلام لا دين إرهاب.

وأردف سمبو: '' لعل الضروريات الخمس التي حث عليها الدين الإسلامي من حفظ العرض والنسب كلها تدل على أن الإسلام يحمي الحمى، ويحمي كل ما من شأنه أن يحافظ عليه سواء كان للمسلمين أو غيرهم من الكفار أعداء الدين المحاربين وحتى الذميين، إذ إننا نجد أن الدين وفر لهم حقوق المعاملة الصحيحة التي تعكس سماحة الدين ويوضح الحقوق والواجيات التي لهم وعليهم''.

وأكد سمبو أنه لا شك هناك في أن الآخر سيجد في هذا الخطاب المليء بالشكر والثناء والتقدير الذي وجهه الملك لأعضاء الهيئة أريحية كبيرة بعد نظر طويل، ذلك لكونه صدر من علماء وسطيين ومقسطين في بلد نزل فيه شرع الله، ويرغبون أن تنتهج الأمة نهج محمد صلى الله عليه وسلم في اجتناب النواهي وفعل الأوامر التي تنص على تحريم الإرهاب, والرفق وحسن المعاملة، وأن الإسلام ما دخل في أمر إلا زانه وما اختفى من آخر إلا شانه.

وزاد سمبو: ''إن طائفة الإرهابيين هم من المغرر بهم ولقد دأبت الدولة على إعداد برامج لمحاولة إعادتهم فكريا إلى شرع الله وسنة رسوله، خصوصا أن مصادرهم وتشريعاتهم نبعت من أهواء مريضة ولم تكن يوما من كتاب الله أو سنته، بل إنها كانت من الخوارج الخارجين عن الملة، ويستبيحون الآيات ويؤلونها على حسب أفكارهم وآرائهم وحسب مشتهياتهم وأهوائهم''.

#2#

يشار إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وجه أخيراً خطاب شكر وتقدير للشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإلى أعضاء الهيئة رداً على كتاب المفتي المرفق به قرار هيئة كبار العلماء المتضمن تجريم تمويل الإرهاب لما فيه من الإفساد وزعزعة الأمن والجناية على الأنفس والأموال والممتلكات الخاصة والعامة.

وكانت الهيئة قد قررت بتحريم ''تمويل الإرهاب'' باعتبار أن الإرهاب جريمة تستهدف الإفساد بزعزعة الأمن، والجناية على الأنفس والأموال والممتلكات الخاصة والعامة، كنسف المساكن والمدارس والمستشفيات والمصانع والجسور ونسف الطائرات أو خطفها والموارد العامة للدولة كأنابيب النفط والغاز، ونحو ذلك من أعمال الإفساد والتخريب المحرمة شرعاً، وأن تمويل الإرهاب إعانة عليه وسبب في بقائه وانتشاره.

وقررت الهيئة بعد النظر حينها أن تمويل الإرهاب أو الشروع فيه محرم وجريمة معاقب عليها شرعاً، سواء بتوفير الأموال أم جمعها أو المشاركة في ذلك، بأي وسيلة كانت، وسواء كانت الأصول مالية أو غير مالية، وسواء كانت مصادر الأموال مشروعة أو غير مشروعة، مشيرة إلى أن من قام بهذه الجريمة عالماً فقد ارتكب أمراً محرماً، ووقع في الجرم المستحق للعقوبة الشرعية بحسب النظر القضائي.

وأكدت الهيئة أن تجريم تمويل الإرهاب لا يتناول دعم سبل الخير التي تعنى بالفقراء في معيشتهم، وعلاجهم، وتعليمهم لأن ذلك مما شرعه الله في أموال الأغنياء حقاً للفقراء.

الأكثر قراءة