قطاعنا المصرفي والقدرة على التغيير!!

ما من شك في أن القطاع المصرفي يلعب دوراً بارزاً في حركة التطوير والتغيير على الخريطة الاقتصادية، حيث يتمتع بكاريزما خاصة تجعله أكثر ديناميكية وتجاوباً مع المتغيرات المحلية، الإقليمية، والدولية. فبُعيد الأزمة المالية العالمية وبعد أن تم تجاوز أغلب الآثار المالية بفضل وعي وحكمة ساما، انبرى القطاع المصرفي يُفاخر بأنه لم يتأثر بالأزمة المالية، ولا أدل من ذلك إلا صمته المطبق أثناء وبعد الأزمة فلم، يتجرأ على قول ما حدث بالفعل، فأخذت التكهنات والتوقعات تحوم حوله وهذا بالتأكيد لا يتناسب مع سمعة المملكة ولا مع إمكاناته المالية العالمية اليوم.
في عصرنا الحاضر، حصل المزيد من الحريات الاقتصادية والانفتاح العالمي يقابله دور قوي وفعال للقطاع المصرفي. ومن المتعارف عليه أن النمو الاقتصادي يتحقق من خلال المزيد من الإنتاج ورفع الإنتاجية وفي الوقت نفسه لا يتأتى إلا من خلال نظام مصرفي يمتاز بالكفاءة وتكون لديه القدرة على تحويل مدخرات الأفراد إلى استثمارات قائمة وفعالة في مشاريع ذات صبغة إنتاجية من بُنى تحتية وآلات إنتاجية وما تحمله في ثناياها من تحسن في مستويات المواطنين المعيشية. بيد أن المؤسسات المالية وفي الظروف الحالية، يجب ألا ينحصر دورها في تقديم ضمانات على شكل قروض واعتمادات للقطاعات الاقتصادية المختلفة طبقاً لقواعد وقوانين يحددها البنك المركزي، إنما في تأثيرها في الاستثمار والتمويل وما ينتج عنه من سلع وخدمات وبالتالي استقرار الأوضاع المالية والنقدية وما يتبعها من حصول تقدم وتنمية مرسومة. نتج عن الانفتاح العالمي وتوافر التكنولوجيا الحديثة وانتشارها تقدم كبير في الصناعة المصرفية الحديثة، إضافة إلى الانفتاح الكبير على الأسواق العالمية وما توفره من أدوات مالية جديدة فكان لزاماً على قطاعنا المصرفي مواكبة التطورات الحديثة وما يترتب عليها من دخول وخروج للاستثمارات المحلية والأجنبية وهو ما يشهده مسرحنا الاقتصادي. ولعله من نافلة القول، إن الاقتصاد الوطني مفتوح، وعليه فإن النظام المصرفي عليه عبء كبير في تيسير الحركة التجارية والمالية، حيث يعتمد بشكل أساس على الواردات من الأسواق الخارجية لتلبية احتياجاته فعلى سبيل المثال لا الحصر، تستورد المملكة ما نسبته 15 في المائه من الأغذية وما نسبته 24 في المائه من المعدات والمكائن من إجمالي الواردات لعام 2005، أما الصادرات فيهيمن عليها النفط الذي بلغ 74في المائة من إجمالي الصادرات لعام 2004. إذا اقتصادنا في الأساس يعتمد على الصناعة الاستخراجية مع تدني الأهمية النسبية للقطاعات الاقتصادية الأخرى وتتحكم فيها الأوضاع السياسية والاقتصادية الدولية حيث إن عوائدنا تعتمد على ظروف العرض والطلب الدولي ووضع السوق النفطية العالمية، وهذا معناه أن تقلبات الطلب العالمي تؤثر مباشرة في قيمة صادراتنا، كذلك تتأثر وارداتنا بالأوضاع السائدة وما ينتج عنها من تغيرات لأوضاعنا المالية والنقدية والأسعار المحلية. وللإنصاف، وجب علينا إيضاح بعض الأدوار التي تقوم بها الصناعة المصرفية لدينا، فعلى سبيل المثال لا الحصر، ارتفع النقد لدى المصارف من 7201 مليون ريال عام 2005 ،ليصل إلى 11265 مليونا في الربع الأول من عام 2010م، أما مطلوبات المصارف من القطاع الخاص فقد ارتفعت من 435926 مليونا عام 2005 م ليلامس 745758 مليون ريال للربع الأول من عام 2010 م وفي إشارة واضحة إلى تنامي دور القطاع المصرفي وحاجة القطاع الخاص إليه.
ومن ناحية أخرى، مطلوبات المصارف من المؤسسات العامة غير الخاصة ارتفع من 31672 مليونا عام 2005م ليصل إلى أعلى قيمة له 35677 للربع الثاني من عام 2008 م، أما إجمالي المطلوبات ومنها الودائع تحت الطلب فقد قفزت من 219251 مليونا ريال عام 2005 لتصل إلى 452188 مليون ريال للربع الأول 2010، وكالعادة في إشارة واضحة إلى تنامي القطاع المصرفي مع التوسع والنمو الاقتصادي. من ناحية أخرى، لو نظرنا إلى المركز المالي الموحد للمصارف التجارية للاحظنا ارتفاع موجوداتها من 759075 مليونا عام 2005 لتصل إلى ما يقارب 1,4 تريليون ريال في الربع الأول من عام 2010، وهذه الأرقام لا تشمل الفروع الخارجية للمصارف، ومتضمنة النمو الهائل للقطاع المصرفي ما يعكس الحاجة الماسة إلى هذا القطاع ودوره الحيوي في تسهيل النشاطات التجارية والمالية، مع التأكيد على الرعاية التامة التي يحظى بها من قبل حكومتنا. أما الائتمان المصرفي الذي يعكس الدور التجاري والمالي فقد ارتفع من 452501 مليون ريال عام 2005 م ليلامس 746876 مليون ريال للربع الأول من عام 2010.
وبنظرة سريعة، لا جدال في دور القطاع المصرفي ومدى الحاجة إلى وجوده في هذا العصر حيث يتطلب وجود مصرفية راقية وواعية تواكب المستجدات المحلية والدولية من خلال إحداث تغييرات هيكلية جذرية لإدارات الاستثمار، التنبؤات، والتوظيف من أجل خلق بيئة مصرفية واعية. ومع أن هذا القطاع أخذ قسطا وافرا من الرعاية والتسهيلات من قبل الجهات المالية والنقدية، إلا أن واقعه أقل من المأمول حيث يُنتظر منه القيام بدور حضاري،و ثقافي، ومادي أكبر مما هو عليه. نشر الوعي الثقافي الاقتصادي من خلال تبني برامج تمويلية توعوية تعكس أهمية المشاركة الوطنية في التنمية من خلال برامج ادخارية، أعمال خيرية، إضافة إلى التعليم والتدريب, وفي الجعبة الكثير، لكن :قليل مستمر خير من كثير منقطع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي