التحدي الوحيد .. العمالة المحلية
أثارت السياسة الاحترازية النقدية من طرف مؤسسة النقد العربي السعودي والسياسة المالية الإنفاقية للحكومة السعودية إعجاب مقيم حيادي مهم على الساحة العالمية، وخرجت بالتالي السلطات المسؤولة في السعودية بنوع من التقدير العالمي حول أدائها في أحلك الظروف التي مر بها العالم ولم تصمد خلاله عدد من الأنظمة المتقدمة. حيث قام المجلس التنفيذي في صندوق النقد الدولي بإجراء تقييم عام حول سياسة السعودية النقدية والمالية والأداء الاقتصادي السعودي لفترة غطت 2006 حتى 2009 وأصدر توقعاته لعام 2010. واستطاع التقرير أن يوضح عددا من الحقائق المهمة حول السياسات النقدية والمالية التي اتخذت وطبقت في السعودية, والتي كانت لها انعكاسات إيجابية (قطاع مالي قوي) خلال فترات عصيبة على المستوي العالمي أثرت في دول متقدمة وفي اقتصادات قوية ما قبل الأزمة سرعان ما انهارت منها وبصورة خيالية. ويعد التقرير شهادة قوية لمصلحة السلطات السعودية في تطبيقها مجموعة الأنظمة والقوانين التي استطاعت أن تعطي نوعا من الحماية الإيجابية للكيان الاقتصادي.
ركز التقرير في مجمله على عدد من الأبعاد المهمة التي شملت فترة أزمة الرهن العالمية والفترة اللاحقة له، التي تعد من أكبر الصدمات التي عاناها الاقتصاد العالمي. ويبدو أن هذه الإجراءات كان لها الأثر الإيجابي في النظام البنكي ومختلف القطاعات الاقتصادية. التقرير أرجع الفضل في اتجاهات السعودية ومناعة أجهزتها المختلفة, إلى المنحنى التعليمي التي استفادت منه السلطات والأزمة التي مرت بها السعودية خلال عقد الثمانينيات, ما أسهم في تخطي الأزمة التالية التي تعرض لها العالم وجعل الاقتصاد السعودي وأجهزته المختلفة أكثر مناعة. واعتبر التقرير أن سياسة الحيطة والحذر هي السمة (الاحترازية) في السياسات المطبقة التي أسهمت في تخطى العقبات والاستمرار فيها. كما أشاد التقرير بالسياسة المالية (الإنفاقية) التي تبنتها الدولة في استمرار تطور وتحسن الاقتصاد السعودي في ظل الأزمات التي عايشها الاقتصاد السعودي خلال الحقبة الماضية.
وأشار التقرير أيضا إلى تحسن الوضع لباقي مؤسسات الاقتصاد السعودي, خاصة الشركات المساهمة, وتحسن رتم الأداء في ظل الظروف العالمية وانخفاض تأثرها السلبي على الرغم من الضغوط العالمية. كما أشار التقرير إلى انخفاض الضغوط التضخمية على الرغم من التوسع والإنفاق الحكومي وانخفاض أسعار الفائدة, ما أسهم في نجاح السياسة المالية في تحقيق أغراضها خلال الفترة الماضية. كما ركز التقرير على أن التحدي الوحيد الذي يواجه الاقتصاد السعودي هو العمالة المحلية ونسبة التوظيف في ظل النمو السكاني وزيادة أعداد الداخلين في سوق العمل. ونجاح السعودية في تخطي هذه العقبة ربما سيسهم في استمرار التحسن الاقتصادي ومناعة الاقتصاد السعودي في الفترات القادمة. وبالتالي يرى المراقبون الدوليون أن التحدي الوحيد لا يعد صعب المنال, وأن السعودية ومن خلال تجاربها, تستطيع تخطي هذا الحاجز الوعر في ظل النمو والتحسن الاقتصادي المستقبلي المتوقع.
ختاما ركز التقرير على بيانات وتوقعات عام 2010, حيث ركز على أن هذا العام سيحوي عددا كبيرا من النتائج الإيجابية على مستوى الاقتصاد المحلي. حيث تظهر البيانات المجدولة وفي التقرير أن معدلات النمو عام 2010 ستكون أفضل بكثير من عام 2009 ومضاهية لعام 2008 الذي يعد الأفضل من بين السنوات السابقة والقمة خلال العقد الحالي.
الوضع الذي يعطي المستثمر ومؤسسات الاقتصاد السعودي نوعا من الثقة والإيجابية تجاه الاقتصاد السعودي. ومع تحسن أرقام 2010 يتوقع استمراره في الفترات اللاحقة نظرا لأن الآلية والأجهزة والسياسات تدعم تطور الاقتصاد السعودي ونموه. وتضيف هذه الشهادة مع الأداء الحالي ورقة إيجابية تجاه المشككين في تحسن نمو الاقتصاد المحلي واستمراريته ودرجة مناعته.