الشركات العائلية .. حان الوقت

<a href="mailto:[email protected]">Abdulmohsen@albadr.ws</a>

كانت الشركات العائلية، ولا تزال، تقوم بدور كبير في بناء أي وطن من النواحي الاقتصادية والاجتماعية، وهي تسهم إلى حد ما في خلق شركات صغيرة ومتوسطة الحجم تسهم في سد فراغ مهم في تكوين الأسواق والاقتصاديات، ومنها سوقنا المحلية التي تفتقد إلى حد كبير هذا النوع من الشركات ذات الثقل الاقتصادي المهم.
والباحث في بدايات الشركات العائلية يدرك مدى الأهمية والخطورة في آن واحد التي تسببها هذه الشركات، فالأهمية تكمن في سدها فراغاً كبيراً من ناحية الدخل لأصحابها، وكذلك من ناحية إيجاد فرص وظيفية لأبنائها ولشريحة كبيرة من الشعب، كذلك دعمها للناتج المحلي، وما إلى هنالك من فوائد اقتصادية لوجود تلك الشريحة من الشركات.
وهنا أود أن أركز بشكل أكبر على الخطورة التي قد تنتج عن استمرار الملكية العائلية التي أرى أنها تكمن في خطورة التوريث لملكية الشركة، وهذا الخطر نقصد به الخطر الخارجي الذي يسببه أي تحول في ملكية الشركة، وذلك نتيجة تعاقب أجيال العائلة على الملكية والإدارة، وهي نظريا تبدأ مع الجيل الأول، ويعتبر مؤسسها صاحب السلطة وصاحب القرار فيها، ومن ثم تنتقل هذه السلطة عبر الأجيال. فعند الجيل الثاني، يتقاسم الإخوة الملكية بروح الشراكة ويتفقون بالإجماع حول استراتيجية الشركة، ومن ثم تنتقل إلى الجيل الثالث الذي يضم مجموعة بقية الورثة، وتصبح الملكية متباينة وقد يجر هذا التباين إلى ضعف الشركة من النواحي المالية والاستراتيجية، مما يجعلها عرضة للتفكك والخروج من السوق، خصوصا أن هناك بعض الدراسات التي تشير إلى أن التوريث يسبب تفككاً للشركات، خصوصا بعد الوصول إلى الجيل الثالث تحديدا.
الأمر الثاني في الخطورة الذي أحب أن أركز عليه في هذه الفترة بالذات، هو أن الشركات العائلية تواجهها تحديات عدة، خصوصا في ظل التحولات الاقتصادية المتسارعة، وتوسيع برامج التخصيص، والمنافسة الشرسة بين الشركات العالمية وما قد ينتجه الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية واقتصاديات السوق المفتوح. وجميع تلك الأسباب تجعل من الضرورة بمكان إعادة النظر في وضعية هذه الشركات عن طريق اتخاذ قرارات استراتيجية تخدم مصالحها وبالتالي الصالح العام، وذلك بعدة طرق، يمكن رفع كفاءة تلك المنشآت والتقليل من احتمالات تعرضها لضغوط قد تؤثر في بقائها واستمراريتها في السوق، مما قد يؤدي إلى تفككها وتشتتها. ولتفادي تلك الانعكاسات فإنه أصبح من الضروري على الملاك الحاليين إعادة هيكلة الشركات من خلال التركيز على الفصل بين الملكية والإدارة، وبالتالي ضخ دماء جديدة تسهم في فتح الطريق إلى عمل تجاري متكامل عن طريق اندماج مع الشركات المحلية للمساعدة في تنويع القاعدة الإنتاجية وإنشاء كيان اقتصادي أكبر قادر على المنافسة أو القيادة إلى تحالفات استراتيجية مع شركات دولية بهدف تحقق مزايا متعددة، أهمها فتح أسواق دولية لمنتجاتها من دون تحمل تكاليف إنشاء فروع تعزز قدرة الشركة إداريا وتقنياً.
الخيار الأهم في هذه الفترة الذهبية يكمن في التحول إلى شركات مساهمة عامة كأفضل استراتيجية خروج لملاك الشركة الأصليين على جميع الأصعدة المادية والإدارية والتجارية، فهذا التحول سيساعد على تنظيم ونمو الشركة وضخ أموال كافية نتيجة الاكتتاب الذي يضمن استمرارية وتطوير حجم العمل، ومن ثم الحفاظ على استمرار نشاطها من خلال إدخال تكنولوجيا متطورة وأساليب تسويقية نشطة وفاعلة. وبذلك نكون قد قللنا من إمكانية تعرض الشركة لمخاطر الجيل الثاني من خلال توسيع قاعدة الملكية في رأس المال، وعدم قدرة أي شريك تنفيذي بالانفراد في السلطة.
أما وقد ذكرنا الفوائد التي يجنيها الملاك من تحويل الشركة إلى ملكية عامة، فإن الفائدة تمتد إلى أداء الشركة نفسها وإنتاجية موظفيها وتوسعها في السوق، وأخيرا أصبحت الشركات العائلية الكبيرة اليوم بمختلف أشكالها القانونية تشكل مؤسسات اقتصادية محورية تؤثر بشكل كبير في مسار الاقتصاديات الوطنية، وبالتالي فإن بقاءها واستمراريتها وتطورها تعتبر مصلحة وطنية عامة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي