الأمن الغذائي في المملكة ومبادرة الملك عبد الله
في مواجهة أزمة الغذاء العالمية الأخيرة وتداعياتها، أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مبادرته البارزة للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج، حرصا منه على المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي الوطني والعالمي، وبناء شراكات تكاملية مع عدد من الدول في شتى أنحاء العالم، وعلى وجه الخصوص مع الدول التي تتمتع بمقومات وتمتلك إمكانات زراعية عالية في مجال تنمية وإدارة الاستثمارات الزراعية في عدد من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، بكميات وأسعار مستقرة ومستدامة.
وفى إطار المبادرة صدرت التوجيهات السامية بتقديم التسهيلات كافة للمستثمرين السعوديين في الخارج في المجال الزراعي، وعقد شراكات واتفاقيات ثنائية بين المملكة والدول المضيفة في مجال تشجيع هذا الاستثمار، وتنفيذا للتوجيهات السامية قامت الجهات المعنية بالعديد من الفعاليات، واتخذت العديد من القرارات والإجراءات التي تستهدف أن يكون قرار الاستثمار الزراعي في الخارج وفقا لمبادئ ومعايير استثمارية زراعية محددة، تكفل في مجملها أن يتحقق الاستثمار في دول جاذبة استثمارياً من حيث توافر الموارد الزراعية الواعدة، والأنظمة والحوافز الإدارية والحكومية المشجعة على الاستثمار معها.
ويتحقق الأمن الغذائي عندما يكون إنتاج الغذاء وتسويقه وتنظيم تجارته في الدولة قادراً على إمداد كل المواطنين بالغذاء الكافي، والآمن في كل الأوقات حتى في أوقات الأزمات، وانخفاض الإنتاج المحلي وظروف السوق الدولية، وهذا يعني أن الأمن الغذائي يأتي في المرتبة الأولى بين وظائف الدولة الأساسية بحيث تتبنى سياسات قادرة على تلبية احتياجات مواطنيها وتوفير الإمكانيات المالية التي تسمح لها باللجوء إلى الخارج.
ويرتبط الأمن الغذائي ارتباطا وثيقا بالأمن المائي انطلاقا من حاجة الإنتاج الزراعي الحالي والمستهدف إلى المياه، ومدى وجود رؤية لتحقيق هذا الإنتاج في ظل محددات الإنتاج الزراعي المعروفة، أخذا في الاعتبار أن حالة تحقيق الأمن الغذائي لم تعد تعني الاكتفاء الذاتي الكامل من المنتجات الغذائية كافة حيث لم يعد هذا المفهوم متحققا على إطلاقه في أية دولة من دول العالم.
الفجوة الغذائية في المملكة
حققت المملكة اكتفاء ذاتيا من محصول القمح خلال العقود الثلاثة الماضية، حتى جاء القرار بأن تكون للأمن المائي الأولوية الاستراتيجية وبالتالي تخفيض مساحته بنسبة 12.5 في المائة سنويا، مع التأكيد على وجود خلل في هذه السياسة التي أدت إلى انخفاض في مستوى الأمن المائي نتيجة تحويل أغلب هذه الحيازات إلى إنتاج الأعلاف الدائمة التي تستهلك في المتوسط ثمانية أضعاف القمح للوحدة؛ على أن يتم تحقيق الأمن الغذائي وفق رؤية جديدة تعتمد على عدة محاور أهمها بالنسبة للمحاصيل الأساسية التوجه نحو الاستثمار الزراعي في الخارج استنادا إلى قدرات المملكة الاقتصادية، وما لديها من خبرات كبيرة في مجال الاستثمار الزراعي.
وباستعراض حالة الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية يتبين من الجدول (1) أن المملكة تنتج نحو 18.4 في المائة من احتياجاتها من إجمالي الحبوب، ووفقا للتوجهات الحالية، فمن المتوقع انخفاض هذه النسبة إلى حد كبير بسبب قرارات تقليص زراعة القمح التزاما باستراتيجية تحقيق الأمن المائي.
على جانب آخر استطاعت المملكة أن تحقق معدلات مرتفعة من الاكتفاء الذاتي من محاصيل الخضر، فبلغت نسبة الاكتفاء الذاتي من البطاطس أكثر من 158 في المائة، كما تعدت هذه النسبة 100 في المائة في كل من الباذنجان، والخيار، والبطيخ، والشمام، والباميا، وبلغت نسبة الاكتفاء الذاتي من إجمالي الخضراوات عام 2008م نحو 91.2 في المائة، جدول (2).
#2#
حققت المملكة أيضا معدلات عالية من الاكتفاء الذاتي من محاصيل الفاكهة، وبصفة خاصة التمور، والعنب وبلغت نسبة الاكتفاء الذاتي من إجمالي الفاكهة عام 2008م نحو 62.4 في المائة، جدول (3).
#3#
استطاعت المملكة أن تحقق الاكتفاء الذاتي من بيض المائدة 104.5 في المائة، والحليب الطازج 102.6 في المائة، كما استطاعت أن تحق معدلات مرتفعة من الاكتفاء الذاتي من فروج اللحم 50.8 في المائة، حيث تطورت صناعة الدواجن تطوراً كبيراً واتسعت أحجام مشروعاتها وحُدثت أساليب إنتاجها ومن المتوقع استمرار قطاع الدواجن في المملكة في النمو خاصة بعد أن تكاملت حلقات الإنتاج والتسويق من حيث إنشاء مشاريع أمهات الدجاج اللاحم ومصانع الأعلاف والأدوية البيطرية واللقاحات وصناعة معدات الدواجن وتجهيزاتها وصناعة مواد التعبئة والتغليف وغيرها من مستلزمات الإنتاج، كما حققت المملكة اكتفاء ذاتيا من اللحوم الحمراء عام 2008م بنسبة نحو 37.9 في المائة، والأسماك نسبة 48.1 في المائة جدول(4).
#4#
أسباب الفجوة الغذائية في المملكة
تتعدد أسباب الفجوة الغذائية ويختلف الدور الذي تلعبه هذه الأسباب في تعميق هذه الفجوة، فندرة المياه، وتدهور الأراضي وتصحرها، والظروف المناخية القاسية من أهم أسباب انخفاض الإنتاج الزراعي في المملكة، خاصة من المحاصيل الغذائية الأساسية، وتعتبر مشكلة ندرة المياه العذبة من أكبر التحديات التي تواجهها المملكة، إذ تقع في منطقة ذات ظروف مناخية تعتبر من أقسى الظروف المناخية وبالتالي فهي تعتبر من أكثر الدول التي تعاني الفقر والإجهاد المائي في العالم.
وارتباطا بمشكلة المياه، تعتبر مشكلة تدهور الأراضي وتصحرها، أي فقد إنتاجيتها ووظائفها الحيوية وتنوعها الحيوي تحديا آخر، إذ إن غالبية مساحة المملكة أراض جافة معرضة للتدهور وذات أنظمة بيئية هشة وتنوع حيوي حساس، كما تعود بعض أسباب تدهور الأراضي إلى عديد من الممارسات البشرية غير المستدامة من أهمها الممارسات الزراعية المتمثلة في عملية التكثيف والتوسع الزراعي لتلبية الطلب على الغذاء بدرجات تفوق طاقة الأراضي الزراعية والموارد المائية الجوفية التي تعتمد عليها أساساً في الري، وبالتالي تملح المياه والتربة وفقدان إنتاجيتها وخروجها من دائرة الإنتاج الزراعي.
يضاف إلى ما سبق الاستخدام المكثف للأسمدة الكيميائية، لتعويض نقص خصوبة التربة الصحراوية فقيرة المحتوى العضوي، واستخدام المبيدات الحشرية والعشبية بشكل كبير لزيادة الإنتاج الزراعي، ومع ظهور الطفرة الاقتصادية خلال النصف الثاني من القرن الميلادي العشرين، وتزايد السكان والأنشطة الاقتصادية، الزراعية، والصناعية، والعمرانية، فقد ازداد الطلب على موارد الحياة الفطرية، وبدأ الضغط عليها واستنزافها فضلا عن ازدياد تلوث البيئة الذي تسبب في مزيد من تدهور وانقراض بعض الأنواع الفطرية الرئيسة واستمرار مسلسل التدهور البيئي، ما حدا بالمملكة إلى التدخل لإيقافه وإعادة تأهيل البيئة وتنظيم استخدام مواردها الطبيعية، حيث أنشأت المملكة هيئة حماية الحياة الفطرية بموجب المرسوم الملكي الكريم رقم 22/م وتاريخ 12/9/1406هـ وهي هيئة تتولى حماية الحياة الفطرية، وتنظيم المحميات الطبيعية لحماية بعض أنواع الحيوانات المهددة بالانقراض.
وتهدف إلى تطوير وتنفيذ خطط للتصدي للأخطار المحدقة بالحياة الفطرية في البر والبحر وإعادة تأهيل الأنواع التي انقرضت من الحياة البرية والأنواع المهددة بخطر الانقراض، مستهدفة إعادة التوازن البيئي للنظم البيئية الطبيعية.
الأمن الغذائي في المملكة (رؤية للمستقبل)
إذا كانت ندرة المياه العذبة تعتبر من أكبر التحديات التي تواجه المملكة، حيث تقع في منطقة ذات ظروف مناخية تعتبر من أقسى الظروف المناخية في العالم، ما يعنى أن وضع رؤية مستقبلية لتنمية القطاع الزراعي وإنتاج الغذاء وتحقيق الأمن الغذائي في المملكة يجب أن تنطلق من المعطيات الجغرافية، والبيئية، والموارد الزراعية، والاقتصادية الراهنة والمرتقبة، وتعظيم الاستفادة من تلك الموارد، دعما بما لدى المملكة من عناصر إنتاج كالطاقة، والعمالة، والملاءة المالية، في تحقيق أكبر قدر ممكن من إنتاج الغذاء وتصنيعه وفقا لمبدأ المزايا النسبية، والانطلاق مما حققته المملكة من تطور كبير خلال العقدين الآخرين في مجالات متعددة، وبصفة خاصة ما يتعلق منها بإنتاج وتصنيع الغذاء، والاستفادة من خبرات النجاح وتجنب خبرات الإخفاق، والاستمرار في دعم التجارب والنماذج الناجحة، سواء على مستوى المشروعات الإنتاجية، أو الخدمية الزراعية، والاستفادة مما حققته المملكة من علاقات ومكانة دولية.
وفى ضوء ذلك يصبح تأمين احتياجات السكان الغذائية من خلال منظومة واضحة ومستمرة ومستقرة رهنا بنجاح العمل على ثلاثة محاور: الأول وهو محور داخلي، ينطلق من الأوضاع الجغرافية، والبيئية السائدة، والموارد الزراعية، والاقتصادية المتاحة في المملكة، في إنتاج أكبر قدر من الغذاء في إطار مبدأ المزايا النسبية، وهنا لا يمكن تجاهل الجهود التي بذلتها، وتبذلها المملكة للتغلب على الظروف المناخية والموارد المائية المحدودة والتربة الفقيرة لتأمين جزء معنوي من احتياجاتها الغذائية من خلال تبني أحدث التقنيات، والمعدات، وتوفير التمويل للقطاع الزراعي، والاستعانة بأحدث الخبرات الزراعية.
حيث وكما سبق الإشارة حققت المملكة إنجازات كبيرة، في مجال إنتاج عديد من السلع الغذائية الزراعية، وبصفة خاصة الخضر والفاكهة، واللحوم، والألبان ومنتجاتها.
والمحور الثانى يعتمد على تطوير نظم استيراد أكثر كفاءة وتدبير الموارد المالية اللازمة لاستيراد جزء من الغذاء من الخارج، ويتطلب العمل بكفاءة على هذا المحور الانطلاق من الإدراك الجيد بأن التعامل مع العالم الخارجي تصديرا واستيرادا يستند إلى تحقيق مصالح أطراف التعامل، وأن يتم ذلك وفق القواعد الدولية تخطيطا وتنفيذا، ويتمثل العمل على هذا المحور في دراسة الاحتياجات الغذائية الحالية، والمستقبلية، ووضع استراتيجيات وخطط وبرامج استيراد السلع والمدخلات والمنتجات الزراعية والغذائية، على اختلاف أنواعها، وتبنى نظم استيراد وفق برنامج زمني مدروس يأخذ في اعتباره حركة التداول العالمي للسلع الغذائية، في البورصات والأسواق الدولية عند عقد الصفقات الحالية والعقود الآجلة، لتحقيق الشراء على دفعات بهدف الحصول على أفضل الأسعار، وتجنب حدوث أزمات واختناقات في الإمدادات، التي غالبا ما تحدث بسبب تركز الواردات من عدد محدود من الدول، وهو ما يعني ضرورة بناء شبكة متنوعة وآمنة من مصادر الاستيراد وفق اتفاقيات اقتصادية واضحة تجنب بقدر الإمكان حدوث أي أزمة أو اضطراب في الإمدادات يمكن أن يعرض الأمن الغذائي للمملكة للخطر، أما المحور الثالث فيعتمد على الاستثمار الزراعى فى الخارج انطلاقا من مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.
مبادرة الملك عبد الله للاستثمار الزراعي في الخارج
ترشيدا لزراعة المحاصيل عالية الاستهلاك للمياه، وإعادة هيكلة التركيب المحصولي في المملكة من خلال التوجه نحو زراعة المحاصيل الزراعية ذات الكفاءة المائية العالية، استلزم التفكير في إيجاد بديل لتأمين المحاصيل الزراعية اللازمة لاستهلاك المملكة، التي لا تتناسب ولا تتوافق مع الظروف المناخية، والجغرافية، خصوصاً بالنسبة لمحاصيل الغذاء الأساسية كالأرز والقمح والشعير والذرة والأعلاف الخضراء والسكر، ومن هذا المنطلق جاءت مبادرة الملك عبد الله للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج، التي تستهدف المساهمة الفاعلة في تحقيق الأمن الغذائي الوطني والعالمي، وبناء شراكات تكاملية مع عدد من الدول في شتى أنحاء العالم، وعلى وجه الخصوص مع الدول التي تتمتع بمقومات وتمتلك إمكانات زراعية عالية في مجال تنمية وإدارة الاستثمارات الزراعية في عدد من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، بكميات وأسعار مستقرة، إضافة إلى ضمان استدامتها، على أن يتم اتخاذ قرار الاستثمار الزراعي في الخارج، وفقا لمبادئ ومعايير استثمارية زراعية محددة، تكفل في مجملها أن يتحقق الاستثمار في دول جاذبة استثمارياً من حيث توافر الموارد الزراعية الواعدة، والأنظمة والحوافز الإدارية والحكومية المشجعة على الاستثمار، وفى إطار المبادرة والقرارات والإجراءات الحكومية ذات الصلة تقوم حكومة المملكة بما يلي:
- مشاركة القطاع الخاص في تمويل مشاريع الاستثمار الزراعي الخارجي.
- توفير التسهيلات الائتمانية اللازمة للاستثمار الزراعي في الخارجي.
- تتحمل الدولة تكلفة بعض مشاريع البنية الأساسية في الدول المضيفة في حالة عدم توافرها، وبما يدعم نجاح الاستثمارات الزراعية السعودية في تلك الدول.
- الالتزام بحماية الاستثمارات السعودية الزراعية الخارجية من خلال عقد معاهدات أو اتفاقات مع الدول المضيفة.
- تقوم الدولة بشراء المحاصيل التي تزرع في الخارج بأسعار تعادل الأسعار العالمية.
- تقوم الدولة بتكوين مخزون استراتيجي للسلع الرئيسية بالمشاركة مع القطاع الخاص.
- تسهم فرق المبادرة في تحديد الدول المستهدفة بالاستثمار الزراعي السعودي الخارجي، بإعداد الدراسات اللازمة وبحث فرص الاستثمار، والتعرف على مناخ، وآليات وإجراءات الاستثمار في الدول المستهدفة.
- الاتفاق مع الدول المستهدفة على المزايا والضمانات والحوافز الممنوحة للمستثمر السعودي.
تجدر الإشارة إلى أن المبادرة لم تأت وفق اعتبارات سياسية، ولكنها حملت الكثير من الجوانب الإنسانية، والاقتصادية، لتحقيق مصلحة أطراف التعامل الوطنية والخارجية، استنادا إلى عدد من المبادئ الأساسية التالية:
واقع الاستثمار الزراعي السعودي في الخارج
يؤكد عدد من الخبراء عدم توافر إحصاءات دقيقة عن عدد الشركات السعودية التي تستثمر في الزراعة في الخارج، وأماكن وحجم استثماراتها، إلا أن بعض الأرقام المتاحة والمنشورة حول هذا الاستثمار يعكس بعض دلالات هذا التوجه.
- استثمار100 مليون دولار لزراعة القمح والشعير والأرز في أراض تم تأجيرها من قبل الحكومة الإثيوبية وقد حصل المستثمرون على إعفاء من الضرائب في السنوات القليلة الأولى، وقد تم بالفعل نقل باكورة إنتاج هذه الاستثمارات من الأرز إلى المملكة خلال عام 2009م.
- تجاوزت الاستثمارات السعودية الزراعية الخارجية في السودان نحو سبعة مليارات ريال في مختلف المجالات، (وزير الثروة السمكية والحيوانية السوداني).
- أعلنت شركة حائل للتنمية الزراعية ''هادكو'' البدء في تنفيذ مشروعها في السودان في الولاية الشمالية، على مساحة 250 ألف هكتار بإيجار (ثلاثة جنيهات سودانية للفدان) على مدى 48 عاما وتتوقع أن تبلغ استثماراتها في السودان 170 مليون ريال.
- اتفق مستثمرون سعوديون وأوكرانيون على الاستثمار في زراعة القمح والشعير على مساحة إجمالية تصل إلى 150 ألف هكتار لتصدير القمح إلى المملكة، وذلك ضمن المباحثات الأولية التي أجراها الجانب الأوكراني خلال جولة للتعرف على فرص الاستثمار في المملكة.
- تم إطلاق شركة جنات كشركة ذات مسؤولية محدودة يشارك فيها عدد من الشركات السعودية (جازان للتنمية - تبوك الزراعية - الشركة الغذائية)، وتستهدف الحصول على مساحة تراوح بين 100 و215 ألف هكتار من الأرض لإنتاج القمح والأرز والخضراوات والأعلاف ولدى الشركة خطط لاستثمار 40 مليون دولار في البلدان الإفريقية، وقد بدأت شركة رخاء المنبثقة عن شركة جنات في إدارة أول مشروع في مصر والذي يقع في شرق العوينات، حيث تم الانتهاء من حفر 50 بئرا وتزرع حاليا الشعير والأعلاف والقمح باستثمار يصل إلى 80 مليون ريال. وتخطط الشركة للتوجه إلى كل من السودان وإثيوبيا.
- شركة الراجحي الدولية للاستثمار تعمل على زراعة 94500 هكتار باستثمارات تتجاوز 1.5 مليار ريال منها 42 ألف هكتار في مشروع توشكي في مصر، و52521 هكتارا في مشروع الكفاءة في السودان إضافة إلى مشروع الشركة في أوكرانيا الذي بدأته الشركة قبل سنوات
.
- اتفق مسؤولون من الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي الإماراتية وكل من شركات ''القدرة'' القابضة الإماراتية، و''جنات'' للاستثمار الزراعي السعودية في اجتماع عقد في مدينة دبي أمس على تأسيس شركة مساهمة خاصة قابضة للاستثمار في المجال الزراعي برأسمال مليار دولار.
- تكتل نحو 25 شركة ورجال أعمال لتأسيس شركة سعودية للاستثمار الزراعي في أربع دول آسيوية هي باكستان وفيتنام وكمبوديا والفلبين لزراعة الأرز بشكل رئيسي، إضافة إلى منتجات زراعية أخرى كبعض أنواع الفاكهة الاستوائية، والإنتاج الحيوانى، ويصل رأسمالها إلى 100 مليون ريال، وتستهدف العمل بنظام التعاقد مع المزارعين في البلدان المستهدفة، وتوفير كل ما يحتاجون إليه من فنيين وخبراء، ومستلزمات إنتاج وخدمات لوجستية على أن يقوم المزارعون بتسليم الإنتاج للشركة، وتستهدف الشركة الحصول على الدعم اللازم من خلال صندوق الاستثمارات العامة.
دور المستثمر الزراعي السعودي
تبذل حكومة المملكة ومع صدور الأمر السامي بمبادرة الملك عبد الله كافة الجهود اللازمة لتنفيذ المبادرة، وفق آليات وفعاليات مستدامة تضمن تحقيق الأمن الغذائي للمملكة وتجنب نشوء أزمات غذائية مستقبلاً، إضافة إلى الحفاظ على استقرار أسعار المواد الغذائية طوال العام، وعلى الجانب الآخر يصبح المستثمر الزراعى السعودى فى الخارج شريكا أساسيا في إنجاح المبادرة، وتحقيق أهدافها من خلال قيامه بما يلي:
1. أن يعتمد المستثمر الاتفاقيات التي تعقدها حكومة المملكة مع الدول الضيفة كمرجعية أساسية له حماية لتلك الاستثمارات واستدامتها واستقرارها.
2. أن تكون اتفاقياته وعقوده في الدولة المضيفة واضحة وعادلة، وأن يستفيد قدر الإمكان من العمالة المحلية في الدولة المضيفة للاستثمار، وأن يدرك المستثمر أن الدور الاجتماعي للمشروع طريق معروف للحصول على الدعم والتأييد الشعبي.
3. التعرف على الخبرات السابقة للاستثمار الزراعي في الدولة المستهدفة.
4. الاهتمام بإعداد دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية للمشروع.
5. أن ينطلق من الدراسات والتقارير التي تعدها فرق المبادرة في التعرف على بيئة ومناخ الاستثمار في الدولة المستهدفة، ومنها مستوى الاستقرار السياسي والاقتصادي، والسياسات والإجراءات، والبيانات والمعلومات الاقتصادية، ومنها: (السياسات الضريبية، سياسات تحويل العملة، سياسات التجارة الداخلية، استراتيجيات دخول السوق، نظم التأمين على الممتلكات والأفراد، سياسات التجارة الخارجية، طرق تأسيس وتسجيل الشركات، شروط وقواعد ومتطلبات استقدام العمالة، منظمات الأعمال، النقابات، وحقوق العمال.
6. التعرف على مميزات وحوافز الاستثمار الأجنبي في الدولة المستهدفة، ومنها: عدم وجود قيود على جنسية رأس المال، وحرية اختيار مجال الاستثمار، وعدم وجود حدود دنيا أو عليا لرأس المال المستثمر، وحرية اختيار الشكل القانوني للمشاريع، وحرية تحويل رأس المال المستثمر وأرباح المشاريع إلى الخارج، وحرية تحديد أسعار المنتجات وهامش الربح، وحرية الشراء من السوق المحلية بإجراءات ميسرة، وحرية التشغيل لحساب الغير ولدى الغير، وحرية استقدام العمالة من الخارج.
7. التعرف على معوقات الاستثمار الأجنبي في الدولة المستهدفة، ومنها: مدى احترام الاتفاقيات والعقود الموقعة بين أطراف التعامل وضمان حقوق الأطراف، ومدى سهولة أو صعوبة الإجراءات عند دخول المستثمرين في الاستثمار، وعقبات التطبيق الفعلي لبنود القوانين والتفسيرات التابعة لها، ومدى استحداث قوانين وقرارات فجائية، وتعقد تطبيق الامتيازات الممنوحة، والأعباء الضريبية المفروضة على الإنتاج الزراعي مثل العوائد المحلية، والتبرعات، ورسوم التسويق، ورسوم إنتاج محلية، ورسوم موانئ، رسوم مواصفات، وغيرها، ومشكلات الحيازة والملكية الزراعية، وارتفاع تكلفة الخدمات (الكهرباء، والمياه، والطاقة، والنقل).
8. التعرف على ضمانات الاستثمار الأجنبي في الدولة المستهدفة وتشمل: عدم جواز تأميم المشاريع والمنشآت أو مصادرتها، عدم جواز فرض الحراسة على المشاريع أو الحجز على أموالها أو الاستيلاء أو التحفظ عليها أو تجميدها أو مصادرتها من غير الطريق القضائي.
9. التعرف على الإعفاءات المتاحة في الدولة المستهدفة وتشمل: إعفاء الأصول الرأسمالية ومستلزمات الإنتاج كافة من الرسوم الجمركية والضرائب على المبيعات أو غيرها من الضرائب، وإعفاء صادرات وواردات المشروع من وإلى خارج البلاد من الرسوم الجمركية أو الضرائب سواء كانت ضرائب على المبيعات أو غيرها من الضرائب أو الرسوم المعمول بها داخل البلاد، وعدم خضوع المشروع وأرباحه للقوانين أو التشريعات الضريبية أو الجمركية المعمول بها داخل البلاد طوال فترة مزاولة النشاط، وإعفاء واردات المشروع من السوق المحلي من الضرائب على المبيعات، وإعفاء عقد التأسيس والقرض والرهن من ضريبة الدمغة ورسوم التوثيق والشهر.
التحديات التي تواجه مشاريع الاستثمار الزراعي الخارجي
من واقع تجربة الاستثمارات العربية البينية على مدى أكثر من ثلاثة عقود، يمكن الوقوف على عدد من التحديات والمشكلات التي عادة ما تواجه مشاريع الاستثمار الزراعي الخارجي، وبصفة خاصة في الدول العربية، وتعرقل مسيرتها وتعوقها عن تحقيق أهداف إنشائها، ويمكن تقسيمها إلى المجموعات الثلاث التالية:
مشكلات خاصة بالمصداقية وعدم تنفيذ اتفاقيات وعقود التأسيس
تعتبر اتفاقيات وأحكام تأسيس مشاريع الاستثمار العربي أو الأجنبي وما تتضمنه من المزايا والإعفاءات والتيسيرات عاملا أساسيا في قيام المشاريع الاستثمارية بدورها الرئيس وتحقيق أهدافها الإنتاجية والتسويقية، ومن تلك المزايا والإعفاءات تأكيد الشخصية الاعتبارية المستقلة لهذه المشروعات، وممارسة المشاريع لأنشطتها وفقا للأسس التجارية على نحو ما يقوم به القطاع الخاص، والتزام الدول المضيفة للاستثمارات باتفاقيات استثمار الرساميل وانتقالها بين البلدان العربية، واتفاقية تسوية منازعات الاستثمار، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي إضافة إلى الامتيازات الأخرى الخاصة بإعفاء أرباح الشركات وتوزيعاتها واحتياطياتها من الضرائب والرسوم والأتاوات، وإعفاء وارداتها وصادراتها من الرسوم الجمركية وما في حكمها، والإعفاء من قيود التصدير والاستيراد وقيود النقد وتحويل الأرباح بالعملات الحرة.
ورغم موافقة الدول المضيفة للاستثمارات على هذه الاتفاقيات والأحكام التأسيسية، إلا أنه في حالات كثيرة لم يتم التزام من قبل بعض الدول بتقديم المزايا والإعفاءات والتسهيلات المتفق عليها، كما يوجد تباين واضح بين تلك الدول في تفسير وتأويل بنود هذه الاتفاقيات؛ ويتباين وفقا لذلك وضع القيود والتعقيدات وإجراءات التفعيل من دولة لأخرى، ولقد تبين أن غياب المصداقية وعدم الشفافية حال شائع في التعامل مع عدد من دول العالم.
مشكلات وصعوبات خاصة بالبنى التحتية للمشاريع
يعتبر التدني في مستوى البني التحتية من طرق ومواصلات، واتصالات، والخدمات الأساسية الضرورية و مصادر الطاقة من التحديات الكبيرة التي تواجه مشاريع الاستثمار الزراعية المحلية والأجنبية في عدد من الدول العربية.
مشكلات وصعوبات خاصة بالتصدير والاستيراد
- منع أو تحديد استيراد بعض المنتجات ومستلزمات الإنتاج اللازمة للمشاريع و/أو حصر استيرادها على مؤسسة عامة بالدولة.
- منع وإيقاف تصدير بعض منتجات المشاريع بحجة احتياجات السوق المحلية إليها.
- إخضاع الشركات المشتركة للحصول على إجازات سواء للتصدير أو الاستيراد مع عدم إعطاء الإجازة المطلوبة في أحيان كثيرة يترتب عليها إرباك برامج الإنتاج.
- صعوبة وتعقيد الإجراءات المطلوبة للاستيراد والتصدير ومعاملات التخليص الجمركي.
وتحميل منتجات المشاريع الاستثمارية لعديد من الرسوم إضافة إلى الرسوم الجمركية.
- اشتراط إعادة قيمة صادرات هذه الشركات إلى مصارف دولة المقر لهذه الشركات.
- عدم استقرار أسعار صرف معظم العملات العربية ومن ثم عدم استقرار أسعار الاستيراد والتصدير وكلف الإنتاج.