كتاب النظام المالي في الإسلام يطرح نظرية الإقناع بالتمويل الإسلامي

يعرض هذا الكتاب مبادئ التمويل الإسلامي وممارساته، والتي على أساسها يميل إلى تحقيق أهدافه، وينظر المؤلف إلى التمويل الإسلامي باعتباره جزءا من الاقتصاد الإسلامي، لكنه الجزء الأكثر فعالية، والذي يتحكم بتدفق الأموال، وبالتالي تحويل الموارد إلى مختلف شرائح المجتمع، وهو في المرحلة الراهنة من التطور يعمل مثل الدم الذي يدور في الجسم البشري.
ويهتم الكتاب بالتحديات التي تواجه التمويل الإسلامي، وخاصة تثقيف المعنيين وتوعيتهم على نطاق واسع وإقناع الناس بأن نظرية التمويل الإسلامي قابلة للتطبيق على أساس مستدام، ويتعرض أيضا لمجموعة من القضايا التي يسميها خرافات والتي تشغل عقول الناس بشأن النظام المالي الإسلامي.
ويساعد الكتاب صناع السياسة والمصرفيين ومجتمع الأعمال والصناعيين وعلماء الشرعية وطلاب كليات إدارة الأعمال وجميع الناس في التعرف على فلسفة التمويل الإسلامي وكيف يعمل، ويساعد أيضا على نحو عملي مطوري المنتجات والمسؤولين عن التنفيذ والخبراء الماليين لمعرفة المتطلبات الأساسية لأنماط العمل الإسلامية المختلفة، ما يمكنهم من تقديم الخدمات المالية المتصلة بقطاعات العملاء والشركاء والحكومة وضمان التوافق مع الشريعة أفضل إجراءات التشغيل، ويبحث بإيجاز طبيعة النظام الاقتصادي الإسلامي ونطاقه وأهدافه وسماته الرئيسة.
ويتكون الكتاب من ثلاثة أقسام يضم كل منها عددا من الفصول، يبحث القسم الأول الحاجة إلى النظام الاقتصادي الإسلامي، وأسسه وهيكله العام، ويقدم إطارا يفترض أن يعمل بموجبه النظام المالي الإسلامي، ويشرح فلسفة التمويل الإسلامي وسماته الرئيسة التي تشكل أساس عمليات المؤسسات المالية الإسلامية، وتبحث في هذا القسم أيضا المحرمات الرئيسة التي يحب أن تراعيها المؤسسات المالية الإسلامية، وبما أن الربا هو القضية الأكثر إثارة للخلاف، فقد أوليت القضية بمزيد من التركيز في البحث على دلالة مصطلح الربا وكيف يكتنف الأشكال المختلفة للأعمال والتمويل في الوقت الحاضر.
ويقدم القسم الثاني (الأسس التعاقدية للتمويل الإسلامي) عرضا مجملا لقانون العقود الإسلامية، ويفصل المتطلبات الأساسية لمختلف المعاملات التي تقوم بها المؤسسات المالية الإسلامية، ما يمكن القراء من فهم طبيعة العقود المختلفة، وفي حين أن الوظيفة الرئيسة للمصارف التقليدية هي الإقراض، فإن أنشطة المصارف الإسلامية بالتجارة والإجارة وأعمال القطاع الأخرى الحقيقية عبر عدد من هياكل الأعمال، لذا فإن قواعد التجارة والقروض والديون مهمة جدا بالنسبة للمصرفيين الإسلاميين، ويشرح أيضا مكونات العقود الرئيسة، مثل البيع والقروض والديون والحوالة والكفالة والرهن.
ويقدم القسم الثالث (المنتجات والإجراءات) عرضا مجملا للمنتجات المالية من المنظورين التقليدي والإسلامي، ويبحث طرق الأعمال والاستثمار الإسلامية الرئيسة وكيف يجب أن تستخدمها المؤسسات المالية الإسلامية بمثابة طرق للتمويل، ويشرح مفاهيم الائتمان والبيع الآجل (المرابحة المؤجلة والسلم والاستصناع) وتأجير الأصول والخدمات (الإجارة) والطرق القائمة على الشراكة والمضاربة والمشاركة المتناقصة، ويعرض الإجراءات التي يمكن أن تعتمدها المؤسسات المالية الإسلامية لكل من هذه الطرق لتسهيل أمور العملاء وضمان التوافق مع الشريعة الإسلامية.
ويحتوي هذا القسم أيضا على بعض العقود الثانوية التي يمكن أن تستخدمها المؤسسات المالية الإسلامية، مثل الوكالة والتورق (الحصول على النقد من خلال أنشطة تجارية) والجعالة (ما يجعل على العمل من أجر) والاستجرار (البيع/ الشراء المتكرر أو عقد التوريد)، ويحتوي أيضا على بعض المبادئ التوجيهية الخاصة بتطبيق النظام على جانبي الإيداع والأصول، والقضايا التي ينطوي عليها تطوير المنتجات وإدارة الودائع وتمويل مجالات محددة، ويبحث أيضا الموضوعات الحيوية الناشئة في التمويل الإسلامي، مثل الصكوك، والتسنيد، ومفهوم التكافل (البديل الإسلامي للتأمين) وتطبيقه وإمكاناته.

أسس التمويل الإسلامي
يبحث المؤلف في هذا القسم أسس وجهة النظر الشاملة للاقتصاد الإسلامي التي لها تأثير مباشر أو غير مباشر في عمل المؤسسات المالية الإسلامية والأسواق، ويخلص إلى أنه يجب أن تتوافق كل العقود الاقتصادية والمالية في إطار التمويل التمويل الإسلامي مع قواعد الشريعة، ومع مقصد المساعدة في تحقيق رفاه الناس في الحياة الدنيا إضافة إلى الحياة الآخرة.
الربح وفقا للنظرية الإسلامية هو حاصل إنتاجية رأس المال الذي استثمره رائد العمل أو مكافأة على مصنعيته أو تحمله المسؤولية، وعليه كمقدم لرأس المال أن يتحمل الخسارة إذا وقعت، وعليه كرائد عمل أن يدفع الأجور والإيجارات وغيرها من النفقات ويحصل على ما تبقى، إذا بقى شيء، ولكل المشاركين في العمل المشترك حقوق والتزامات مماثلة وفقا لطبيعة النشاط أو شروط الاتفاق.
وتلزم قواعد الاقتصاد الإسلامي بمراعاة تأثير أنشطتهم على الآخرين والمجتمع، وعلى الدولة أن تسهل الأعمال بحيث لا يستغل أصحاب المصلحة والأطراف المختلفين المشاركين بعضهم بعضا، ولضمان تلبية الاحتياجات الأساسية للجميع، فإن عليها المحافظة على العدالة الاجتماعي الاقتصادية من خلال عملية ترشيح، وحض الناس على الامتناع عن الأنشطة المضرة بالآخرين وإعادة هيكلة النظام لنقل الموارد من مستخدم/ قطاع إلى الآخرين لكي تحقق في نهاية المطاف النمو المتوازن وتلبية الاحتياجات.
ويعتمد الإسلام نهجا متوازنا بين حرية الفرد ومصلحة المجتمع، وتوازن آلية السوق من أجل نشر العدالة الاقتصادية والمنفعة القصوى للاقتصاد وكفاءة تخصيص الموارد، وكل الجهود المبذولة لتحقيق المصلحة الشخصية غير المنسجمة مع مصالح المجتمع لا اجتماعية ولا يسمح بها، ولكي يتسم عمل المصرفية والتمويل بالسلاسة والسلامة يجب أن تلتزم الحكومات والجهات التنظيمية بأداء دور إشرافي فعال لضمان عدم استغلال قوى السوق وأصحاب المصالح المختلفة بعضهم بعضا، ولتحقيق العدالة والإنصاف وسلامة النظام على المدى الطويل، عليها ضمان أن يكون النمو النقدي كافيا، من غير نقص أو زيادة.
وفي بحثه للمحرمات الإسلامية الأساسية وتأثيراتها على مختلف المعاملات، عرض المؤلف المحرمات الرئيسة التي يجب اجتنابها لكي تتوافق المعاملات مع مبادئ الشريعة، وهي الربا والغرر والقمار.
والربا هو أي زيادة فوق رأسمال الدين/ القرض مقابل لا شيء سوى الوقت، فعلى كل من يريد تحقيق الكسب من استثماره النقدي أن يتحمل الخسارة أو الضرر الذي يلحق بالعمل الذي استخدم فيه رأسماله، والإقراض في الإسلام عمل خير، لأن المقرض يتخلى عن بضاعته/ ماله إلى المقترض طوال مدة القرض دون السعي للحصول على تعويض، وإذا ما نقصت قيمة ذلك القرض بسبب التضخم، فكأنما قدم معروفا أكبر.
والغرر يعني فرط الجهل في أي عمل أو عقد، فهو يؤدي إلى الخسارة غير الضرورية لطرف والربح غير المبرر للطرف الآخر، ويشمل الغموض/ الجهل بأن النتيجة النهائية للعقد أو و/أو جودة المعقود عليه أو مواصفاته أو حقوق الطرفين والتزاماتهما، وعلى البائع أن يكون قادرا على تسليم البضاعة إلى المشتري، ويحرم بيع أي بضاعة لا يمكن تسليمها، وأن تكون معروفة بوضوح وأن يحدد مقدارها للأطراف العاقدة.
ويحب أن تتوافق المعاملات مع بعض المعايير الأخلاقية، مثل الأمانة وعدم حلف اليمين كذبا، وإظهار الحقائق، والنزاهة والاستقامة والتراضي وانتفاء التضليل وعدم الوصف المبالغ فيه للبضاعة، ولا تقر الشريعة الإعلان الذي يخفي الحقائق عن العمل التجاري والمبالغة بشأن المنتج أو الموقف المالي لأي جهة.
ويمكن وصف بعض خصائص المصرفية الإسلامية الرئيسة بالقول إن الشريعة الإسلامية لا تحرم كل المكاسب على رأس المال، ولكن المحرم هو الزيادة على رأسمال القرض أو الدين المنصوص عليها أو التي يسعى إلى تحقيقها، والربح يعتبر مكافأة لاستخدام رأس المال.
ويقوم النظام المصرفي الإسلامي على تشارك المخاطر، وتملك السلع المادية ومناولتها، والاشتراك في عملية التجارة والإجارة وعقود والإنشاء باستخدام الطرق الإسلامية المختلفة للأعمال التجارية والتمويل، وتعكس المصارف الإسلامية الحركة باتجاه إلغاء دور الفائدة في المجتمع الإنساني بما يتماشى مع تعاليم الإسلام والأديان الرئيسة الأخرى، فهي تعبئ الموارد عبر الطرق المتوافقة مع الشريعة، وأهم هذه الطرق: الودائع تحت الطلب والودائع الاستثمارية إضافة إلى حقوق المساهمين.
وعلى أساس أن للنقود قيمة زمنية فبوسع المرء بيع أي سلعة بثمن على أساس الدفع وبثمن أعلى على أساس الدفع المؤجل، ولكن ذلك يخضع لشروط معينة، لا بد من تلبيتها لتمييز الفائدة عن الربح المشروع، ما يحرم هو إضافة إلى الثمن بعد الاتفاق المتبادل عليه بسبب أي تأخير في الدفع، ويقود البحث في هذا المجال إلى خلاصة مهمة، مفادها أن تقييم فترة الدين بناء على قيمة السلع أو حق الانتفاع بها مختلف عن المفاهيم التقليدية لتكلفة الفرصة البديلة وقيمة الزمن.
ويسمح الإسلام بتأجير الأصول مقابل حق انتفاع المستأجر بها، ويمكن تأجير كل الأشياء/ الأصول التي لا تستهلك باستخدامها مقابل إيجارات ثابتة، وتبقى الملكية في الأصول المستأجرة للمؤجر الذي يتحمل مخاطر الملكية ويحصل على مكافأتها.

الأسس التعاقدية في التمويل الإسلامي
يبحث المؤلف في هذا القسم مجموعة من القضايا، القانون الإسلامي للمعاملات التجارية، والاتجار في القانون الإسلامي، والقرض والدين في القانون التجاري الإسلامي، ويخلص إلى أنه ما ليس بحرام فإنه مباح، لذا فإن كل العقود صحيحة ما لم تنتهك نص القرآن أو السنة أو تتعارض مع أغراض الشريعة.
ويجب أن تكون العقود صريحة قدر الإمكان لتجنب الغرر والظلم على أي من الأطراف، ويجب إبرام العقود التجارية بثمن يتفق عليه الطرفان دون أي غرر فيما يتعلق بموضوع العقد والقيمة المقابلة أو العوض وقدرة البائع على التسليم، ويحب أن يشتمل العقد الصحيح على العناصر الجوهرية التالية: الصيغة، أي الإيجاب والقبول، ويمكن أن ينقلا شفاها أو كتابة، أو عبر الإشارة والسلوك، والعاقدان يجب أن يكون لديهما الأهلية للتنفيذ، والمعقود عليه يجب أن يكون مباحا وموجودا بالفعل في وقت العقد ويمكن تسليمه وأن يحدد بدقة بالوصف أو بالرؤية/ الفحص.
ولا يحوز ترتيب عقدين في عقد واحد، كالإجارة والشراء، لكن يمكن التعهد/ الوعد بشراء الأصل المستأجر، ويمكن أن يكون الوعد في المعاملات التجارية لازما أو غير لازم، ويمكن أن يكون نافذا قانونيا، لا سيما إذا تكبد الموعود بعض النفقات أو تحمل مسؤولية بموجب الوعد، لذا إذا تراجع الواعد عن الوفاء بوعده، يستطيع الطرف الآخر المطالبة بالخسارة الفعلية التي يمكن أن تنشأ عن عدم الوفاء بالوعد.
وتعتبر باطلة كل العقود التي تشجع على انعدام الأخلاق أو تتنافى مع المصلحة العامة أو مضرة بشخص ما أو ملكية طرف ثالث أو يمنعها القانون، ويحرم الإسلام على العموم كل العقود التي تعتمد على الحظ والتخمين، وتلك التي لا تكون فيها حقوق العاقدين محددة بوضوح.
ويجب أن يلبي عقد البيع الصحيح المتطلبات التالية: يحب أن يدخل العاقدان العقد برضاهما التام والحر، ويجب أن يكونا مؤهلين، وأن يكون المبيع ذا قيمة مقبولة في الشريعة، وأن يكون طاهرا ومباحا ونظيفا وكاملا وقابلا للتسويق وذا قيمة قانونية وتجارية، وأن يكون سببه مباحا لا يحرمه الشرع الإسلامي ولا يشكل مصدر إزعاج للنظام العام أو الأخلاق، وأن يكون البائع مالكا للمبيع، أو مفوضا بالبيع بموجب عقود مثل شراكة أو وكالة أو وصاية، وأن يحدد الثمن بدقة ويعلمه العاقدان عند إنهاء العقد، ويمكن بيع كل السلع التي لا تنتمي إلى فئة الأثمان مقابل عملة بالدين، ويمكن أن يكون ثمن السلعة بالدين أعلى من ثمنها بالنقد، ولا يمكن الاتجار بالنقود كسلعة، ويحب أن تدعم المعاملات المالية بتجارة حقيقية أو أنشطة متصلة بالأعمال التجارية.
وبعد شرح مصطلحات مثل القرض والدين والعارية يخلص المؤلف إلى وجوب سداد رأسمال القرض أو الدين الذي تحدثه المصارف الإسلامية، وأي زيادة فوق ذلك تكون ربا، وعند الاتجار بالسلع يجوز أن يكون سعر السلعة بالدين مختلفا عن سعرها بالنقد، ولا يمكن تحديد قيمة للزمن من أجل سداد ذمة مدينة متى تم التراضي على تحديد قيمتها، إن سداد القرض بأكثر من قيمته دون اشتراط مسبق محمود ويتوافق مع سنة النبي ـــ صلى الله عليه وسلم، غير أن الكرم في سداد الدين مسألة تقدير شخصي، ولا يمكن اعتماده كنظام لأن ذلك يعني أن القرض يؤدي إلى منفعة بالضرورة، وهو ما لا ينسجم مع فلسفة التمويل الإسلامي.
والواجب الأول للمدين هو سداد دينه وفاء بوعد أو عقد مع الدائن، وفي حين ينصح الدائنون بالتساهل في استرداد قروضهم، يحذر المدينون بأن الدين واجب السداد، وأن لعدم السداد نتائج خطيرة في الآخرة، يستطيع المقرض أو البائع بالدين أن يطلب كفالة لضمان استرداد الدين إذا لم يتمكن المدين من سداد الالتزام الذي عليه.
وقد أجاز علماء الشريعة إدراج شرط جزائي في الاتفاقات التعاقدية يفرض على العميل دفع مبلغ من المال كجزاء يذهب إلى العمل الخيري إذا تخلف عن سداد الدين، وتستطيع المصارف المطالبة بتعويض سائل عن الخسارة الناجمة عن التخلف عبر المحاكم أو أي لجنة تحكيم، ويجب أن تأخذ هذه اللجنة بالحسبان الخسارة الفعلية التي تكبدها المصرف وليس "تكلفة الفرصة البديلة" كما هو الحال في المصارف التقليدية.
ولا يجوز منح خصم مقابل السداد المبكر للدين بحد ذاته، غير أن المعايير الشرعية لمنظمة المحاسبة والتدقيق للمؤسسات المالية الإسلامية تجيز للمصارف التخفيض وفق تقديرها إذا لم يكن منصوصا عليها في العقد، ويمكن تحويل الدين بموجب قاعدة الحوالة، لكن يجب أن يبقى التزام الدين غير مسدد، وإذا أفلس المحول عليه أو مات أو لم يعد قادرا على الدفع لأي سبب يكون المدين الأصلي (المحول) مجبرا على الدفع، أما في بيع الدين، فلا يكون لمشتري أداة الدين حق الرجوع إلى البائع، لذا يحرم بيع الدين بسبب الغرر والربا، إلا إذا خضع لقواعد الحوالة.
ويمكن أن ينتفع المصرف الإسلامي كراهن من الرهن مقابل خدمات صيانته لكن يجب أن يذهب أي دخل إضافي فوق المصاريف التي يتكبدها المصرف إلى الراهن، ويمكن أن يقرض المرء بالذهب أو أي عملة أخرى يعتقد أنها حصينة من التضخم، وفي هذه الحالية لا يمكن أن يزيد التزام الدين بسبب التصخم.

التمويل الإسلامي: المنتجات والإجراءات
يعتبر هذا القسم هو الأكثر أهمية وجوهرية في الكتاب، ويبحث المؤلف في مجموعة من الفصول قضايا مثل المرابحة والمساومة، والسلم والاستصناع، والإجارة، والشراكة وضروبها، ومبادئ التمويل وممارساته، والصكوك والتسنيد، والتكافل (التأمين) وتقييم الانتقاد الشائع للمصرفية والتمويل الإسلاميين.
ويخلص المؤلف إلى أن المؤسسات المصرفية وغير المصرفية يمكن أن تعمل كوسطاء في إطار العمل الإسلامي، ويستبدل بأداة الفائدة مجموعة من الأدوات التي تشكل نسب مشاركة في الربح والخسارة قائمة على المخاطرة وهوامش ربح في أنشطة المتاجرة والإجارة، ولكي تحصل المؤسسات المالية الإسلامية على أرباح/ إيرادات مشروعة فإن عليها أن تتحمل الالتزام والمخاطرة وتضيف قيمة عبر معاملات التجارة والإجارة والخدمات.
إن تقديم أدوات متوافقة مع الشريعة ومجدية لعمل أسواق رأس المال الإسلامية في البيئة المالية العالمية التنافسية هو التحدي الحقيقي الذي يواجه العملاء وممارسي المصرفية والتمويل الإسلاميين.
يمكن إصدار مجموعة مختلفة من الصكوك ذات الأهداف المحددة على أساس الطرق المختلفة مع مراعاة قواعد الشريعة ذات الصلة، ويتطلب ذلك قوانين تمكين ملائمة لحماية مصالح المستثمرين والمصدرين، ومعايير محاسبية ملائمة، ودراسة السوق المستهدفة، ومراقبة العقود القياسية، والتدفق الملائم للبيانات المالية إلى المستثمرين، وتقديم خدمة نوعية قياسية إلى العملاء، وعلى المنظمين أن يؤدوا دورا حاسما في كل ذلك.
وربما ترغب الحكومات لا سيما في البلدان الإسلامية إنشاء صناديق استثمارية مشتركة أو شركات مضاربة/ إجارة ترمي إلى تطوير الأسواق المالية الإسلامية وتعبئة الموارد المالية لتلبية المتطلبات المالية لشركات القطاعين العام والخاص، وقد تحل هذه الصناديق المشتركة تدريجيا محل مخططات الادخار الوطنية التقليدية، وسندات الخزانة، وغيرها من السندات الحكومية.
والمشاركة أو المضاربة (طرق المشاركة في الربح والخسارة) ملائمة لكل الاحتياجات المالية للأعمال الحديثة، وفي عديد من الحالات، قد لا تكون هذه الطرق مجدية، أو لا ترغب فيها المصارف وعملاؤها، ومن الطرق القائمة على التجارة المرابحة التي تتخذ شكل المرابحة المؤجلة (البيع بالتكلفة وهامش ربح مع تأجيل دفع الثمن) عندما تستخدمها المصارف.
ويحوز البيع بالتقسيط بسعر أعلى من سعر السوق نقدا، إذ إنه انعكاس عادي للأنشطة التجارية القائمة على السوق، وإن كانت المشاركة في الربح والخسارة أفضل، ولكن لحماية مختلف مصالح المودعين يحب المحافظة على هذه الطرق ومراعاة لمختلف أحجام أخطار الأعمال والأطراف المعنيين.
ويجب على المصارف الحرص على أن تكون السلعة التي يعتزم العميل شراؤها يمكن أن تصبح محلا للمرابحة، وإذا كان من الضروري بسبب طبيعة السلع أن تعطى الأموال إلى العميل، يجب أن يكون شراء السعة موثقا بالفواتير أو مستندات مماثلة يجب أن يقدمها العميل إلى المصرف.
وفي السلم يتعهد البائع بتوريد سلع معينة إلى المشتري في تاريخ آجل مقابل تسليف الثمن كاملا في الحال، يكون المبيع في السلم دينا، ولا يمكن تأخير دفع الثمن، وبخلاف ذلك يصبح بيع دين بدين، وذلك محرم، ويمكن أن يكون ثمن السلم خدمة أو حق انتفاع، ويجب أن يكون المبيع ذا قيمة ومعلوم تماما، ولا ضرورة لأن يكون البائع في السلم مالكا للبضاعة أو منتجا لها.
ووفقا لمبادئ التمويل الإسلامي لا يوجد اختلاف بين عقود الإجارة التشغيلية والتمويلية إذا اهتم بالعناصر الأساسية الأربعة المتعلقة بالعاقدين والمعقود عليه والعوض ومدة الإجارة، يمكن أن تستخدم المؤسسات المالية عقد الإدارة كطريقة للأعمال الحديثة على شكل إجارة منتهية بتمليك، العامل المقرر في هذا الإطار هو المخاطر المتعلقة بالملكية التي يجب أن يتحملها المؤجر، ويجب أن يكون البيع منفصلا عن الإجارة.
لا يمكن أن تبدأ إجارة أي أصل محدد قبل أن يحوز المصرف على الأصل المراد تأجيره، وإذا كان وقت حيازة الأصل المراد تأجيره غير معلوم، يكون الترتيب بأكمله مؤقتا، ولا تجيز الشريعة أي ترتيب لعقدين في عقد واحد، لذا لا تستطيع المؤسسات المالية الإسلامية الاتفاق على الإجارة والشراء في عقد واحد.
وتستطيع المؤسسات المالية الإسلامية تغطية غالبية أنواع الخدمات المالية التي تقدمها المؤسسات المالية التقليدية، باستثناء المشتقات التقليدية وبعض التعاملات المتعلقة بالعملات الأجنبية، وقد يكون هذا الاستثناء جيدا لها، لأنه يجنبها المخاطر، ويحفظها من الأزمات المالية.
وتستطيع المؤسسات المالية الإسلامية تعبئة الأموال على أساس المضاربة ووكالة الاستثمار بعرض مجمعات استثمارية عامة وخاصة على الأفراد وقطاع الشركات، ويمكن أن تستثمر الأموال لتسهيل الأعمال والصناعة، عبر طرق إنتاج الدين القائمة على الشركة، مع مراعاة حجم المخاطر التي يرغب فيها المستثمرون والربحية وتدفق النقود إلى مستخدمي الأموال.
وعلى المصارف الإسلامية إلى جانب التوافق مع الشريعة والربحية والسيولة ألا تغفل عن تأثير السياسات والمنتجات التمويلية على التنمية الاجتماعية الاقتصادية للمجتمع، لتؤدي دور مستحدث الوظائف وخفض التباين في الدخل وتخفيف الفقر، وعليها أيضا كجزء من استراتيجيتها أن تعزز تقديمات القرض الحسن إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتمويل الصغير من أرباح المساهمين أو الاحتياطيات أو الأموال التي تودع في الحساب الخيري على أسس متنوعة.
وفي المشكلات الحيوية في الأسواق الرأسمالية الإسلامية يخلص المؤلف إلى أن الصكوك توفر إمكانية كبيرة للنمو في سوق رأس المال الإسلامية، وقد جذب ظهورها عددا كبيرا من المستثمرين من كل أنحاء العالم، وتنشئ الصكوك إطارا لمشاركة عدد كبير من الأشخاص في تمويل المشاريع في القطاعين العام والخاص، بما فيها البنية التحتية مثل الطرق والجسور والموانئ والمطارات وسواها، ويمكن إصدار العدد من الصكوك ذات الأهداف المحددة على أساس مختلف الطرق، مع مراعاة قواعد الشريعة ذات الصلة. ويتوقف عائد الصكوك على الدخل الذي تحققه الأصول/ المشاريع التي تقوم عليها، ويتطلب إصدار الصكوك قوانين ملائمة لحماية مصالح المستثمرين والمصدرين ومعايير محاسبية ملائمة، ودراسة السوق المستهدفة، ومراقبة العقود القياسية، والتدفق الملائم للبيانات المالية إلى المستثمرين، وتقديم خدمة ذات جودة قياسية إلى العملاء.
وقد أصبح التأمين حاجة للشركات والأفراد لتخفيف المخاطر والخسائر وتقليل تأثير الكوارث على حياتهم وأموالهم، وعندما بدأت المصارف الإسلامية عملها في السبعينيات كانت في حاجة إلى بديل متوافق مع الشريعة الإسلامية للتأمين التقليدي الذي يعد مخالفا لمبادئ الشريعة بسبب احتوائه على الغرر والربا والغدر، ولملء هذه الفجوة في دورة التمويل الإسلامي طور نظام التكافل، ويقدم عدد كبير من شركات التكافل الخدمات في مختلف أنحاء العالم.
وتعمل شركة التكافل كوصي أو مدير على أساس الوكالة أو المضاربة لإدارة العمل، يسهم المدير والشركاء الذين يأخذون أي بوليصة في صندوق التكافل، تدفع التعويضات من صندوق التكافل ويتقاسم فائض التأمين أو عجزه بين الشركاء، وفي بوالص التأمين على الحياة يحتفظ بجزء من المساهمة كمال للاستثمار، ويستخدم المدير الأموال في الأعمال على أساس الوكالة أو المضاربة، ويعود فائض التأمين أو عجزه إلى حملة البوالص/ الشركاء في حين أن توزيع الأرباح الناشئة من العمل يتوقف على أساس الوكالة أو المضاربة.

انتقادات وخرافات حول النظام المالي الإسلامي
تعرض النظام المالي الإسلامي لكثير من الملاحظات والانتقادات من قبل بعض المتدينين وبعض المؤيدين لنظام البنوك التقليدية، وممن يتصورن نظاما مثاليا للاقتصاد الإسلامي دون إعطاء أي ثقل للتحديات التطورية ومشكلات بداية العمل وصعوباته.
ولأجل مواجهة هذه الانتقادات والملاحظات يرى المؤلف أنه يجب على المؤسسات المالية الإسلامية تطبيق ضوابط داخلية صارمة لتجنب المخاطر الجهازية والتشغيلية، ومن الشروط المسبقة للنمو المستدام للنظام الجديد تدريب الموظفين التشغيليين على جميع المستويات بغية تعزيز رؤيتهم وثقتهم والتزامهم، ويجب أن تجد طرقا ووسائل لتطبيق الطرق القائمة على أسهم الملكية، مع مراعاة حجم المخاطر التي يفضلها مالكو الصناديق الاستثمارية وطبيعة الأعمال في جانب التمويل، وقد تكون إحدى نقاط الانطلاق في هذا الاتجاه تمويل الممارسات التجارية القائمة على الشحنات وعمليات الأعمال الصغيرة والتسنيد القائم على الشركة وإدارة الصناديق الاستثمارية.
وعلى المصارف الإسلامية تقديم تسهيلات إلى العملاء القادرين على القيام بأي أعمال مربحة لكنهم لا يستطيعون تقديم ضمان ملموس من أجل تمكينهم من بدء أعمال لكسب العيش على أساس الضمانات الشخصية أو الجماعية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي