هل هؤلاء يمثلون قطاع الأعمال حقاً؟

قدر لي حضور الملتقى الأول للجان الوطنية للدورة ١٤٢٩هـ ـــ ١٤٣٢هـ الذي أقيم قبل أسابيع ضمن فعاليات مجلس الغرف السعودية، واللجان الوطنية التابعة لمجلس الغرف وعددها ٢٨ لجنة تضم في عضويتها مرشحي الغرف التجارية الصناعية من جميع أنحاء المملكة، وبالتالي يفترض أنها تمثل نخبة ممثلي قطاع الأعمال، وقد أقيم الملتقى برعاية كريمة من وزير التجارة والصناعة، وقد كانت فكرة الملتقى رائعة من أمانة المجلس وضرورة لتفعيل اللجان وتبادل الأفكار وتنويع الطروحات والاستفادة من التراكم المعرفي للجان المختلفة، ولكن وما أدراك ما ''لكن'' .. فللأسف لم يكن الملتقى واجهة مشرقة لقطاع الأعمال! ولنا مع الملتقى الوقفات التالية:
أولاً: رسالة الملتقى، والتي صيغت في ''التطوير المستمر لأعمال اللجان الوطنية وابتكار أفضل آليات العمل وتوفير مختلف الإمكانات للوصول إلى الأهداف والغايات المنشودة''، ويتضح من الرسالة أن الملتقى يهدف إلى التطوير المستمر لأعمال اللجان، وهذا الهدف من أسمى الغايات التي يسعى لها المجلس، وبالتأكيد تنسجم الرسالة مع أهداف كثير من أعضاء اللجان، في الوقت نفسه الذي قد لا يهتم بها القلة من الأعضاء كما ظهر من خلال مجريات الملتقى!
ثانياً: شعار الملتقى
أيضاً الشعار كان إبداعيا بلاغياً عندما ركز على الشراكة والحلول ''اللجان الوطنية شريك في صياغة الحلول''، والحلول هنا شاملة لقضايا القطاعات المختلفة فيما بينها كما هي لقضاياها مع الجهات الحكومية، وهذا ما لم يحدث في الملتقى!
ثالثاً: محاور الملتقى
اختيارات المحاور كانت في الحقيقة متميزة بتركيزها على ثلاثة أركان مهمة، فهي تتشارك في ''تجارب النجاح والتعلم منها''، وتغطي ''تحديات العمل داخل اللجان والمجلس''، كما أنها تصيغ ''الرؤى المستقبلية لأعمال اللجان''.
رابعاً: واقع الملتقى
يحضرني هنا قول الشاعر الأكثر تعبيراً لواقع الملتقى
''ولم أر في عيوب الناس عيباً
كنقص القادرين على التمام''
وأعتقد أن مجلس الغرف واللجان باستطاعتها تقديم الأفضل والأكمل، ولعلي أشارك القراء هنا ببعض الملاحظات والمقترحات حول واقع الملتقى، التي سنجد معظمها متكرراً في أكثر المؤتمرات والملتقيات والندوات المحلية:
1 ـــ المتحدثون من أعضاء اللجان: لم يوفق الملتقى في اختيار أغلبية المتحدثين في الملتقى، وأرى أن اختيار رؤساء اللجان أو ترك الترشيح للجان لم يكن الطريق الأنجح، وقد كان هذا واضحاً في تواضع أداء كثير من المتحدثين.
2 ـــ رؤساء الجلسات: رئيس الجلسة يجب أن يدير ويوجه ويراقب الوقت ويداخل ويصوب ويعدل بين المتحدثين، إضافة إلى تمتعه بالمعرفة بالموضوع ويستحسن أن يتصف بحس الدعابة، وللأسف فقد كان بعض رؤساء الجلسات بعيداً عن هذه الصفات.
3 ـــ الوقت المتاح: لقد تم تحديد وقت قدره ١٥ دقيقة لكل متحدث، وخلال الجلسات طلب من المتحدثين الاختصار في الوقت بما لا يزيد على عشر دقائق، وقد كان هذا الوقت قصير جداً للمتحدث الواحد، مما انعكس على المادة المقدمة وجودة التحضير لها، خاصة وفقاً لأسلوب التقديم Presentation by Power Point
4 ـــ أسلوب العرض والنقاش: طريقة العرض التقليدية التي تم تطبيقها في الملتقى لم تكن مشوقة (حيث تم تقديم كل ثلاث أوراق عمل مع المناقشة خلال ساعة عمل واحدة).
5 ـــ مضمون أوراق العمل: كان من المفترض أن يتم الطرح لهموم ونجاحات اللجان الوطنية ككل وليس الدخول في تفاصيل مشكلات اللجان، وهذا أحد أهم المآخذ على الملتقى. وللحقيقة لم أجد في الملتقى ما يشدني باستثناء ورقة العمل المقدمة من المهندس خالد الحقيل التي حفظت بعض ماء الوجه للملتقى.
6 ـــ المداخلات في معظمها لم تكن على مستوى الحدث ولا تتناسب مع علو كعب المجلس، كما أعرف تماماً أنها لا تعكس واقع ثقافة ووعي رجال الأعمال في المملكة.
7 ـــ التوصيات: لم تكن للتوصيات أي علاقة بما تمت مناقشته أو طرحه في الملتقى، ويبدو أنها صيغت قبل الملتقى كما هي عادة الملتقيات والمؤتمرات العربية!!
خامساً: مقترحات للمستقبل
أقترح لملتقيات اللجان الوطنية التي تنظم مستقبلاً ما يلي:
1 ـــ حسن الاختيار للمتحدثين ورؤساء الجلسات من قبل أمانة المجلس والعناية الكبرى بذلك.
2 ـــ التأكد من جودة أوراق العمل المقدمة، أو المواضيع التي سيتم طرحها.
3 ـــ التركيز على اللجان والمجلس ككل كوحدة مترابطة، وعدم الخوض في تفاصيل اللجان الداخلية التي يمكن مناقشتها في اجتماعات اللجان الداخلية.
4 ـــ إجراء دراسة لأداء اللجان يتم تنفيذها بواسطة بيت خبرة مستقل، يتم فيها قياس الأهداف والإنجاز، ويتم تحديث هذه الدراسة بشكل سنوي مع قياس مستوى التغيير.
5 ـــ إجراء دراسة للاستفادة من تجارب الدول الأخرى في التنظيمات المشابهة للمجلس واللجان.
6 ـــ تنوع المحاور ووسائل العرض، وأقترح على سبيل المثال أن تكون هناك جلسة يستعرض فيها دراسة علمية ثرية من جهة مستقلة، وجلسة أخرى لاستعراض قصص نجاح أو تجارب للجان يستخدم فيها أسلوب حلقات النقاش، وجلسة ثالثة يتم فيها استضافة لشخصية عامة أو أكثر مع نقاش مفتوح... إلخ.
7 ـــ تحديد الوقت المناسب لمقدمي أوراق العمل لا يقل فيها الوقت عن ٢٠ دقيقة للمتحدث.
أما توصيتي الوحيدة للغرف التجارية والصناعية فهي أن يحسنوا اختيار ممثليهم في اللجان الوطنية، فهم مرآة لها والأهم من ذلك أنهم مرآة لقطاع الأعمال ككل، ويناط بهم آمال كبيرة لتحسين بيئة الأعمال والتكتل أمام الجهات الأخرى لتحقيق مصالحهم.
أخيراً .. شكراً للمشاركين الذين تميزوا في الملتقى، والشكر الأتم للمجلس ورجاله على تكريم اللجان أعضاءً ورؤساء، فهي لمسة وفاء في عالم مزدحم بالجحود.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي