أعطني حريتي..!!

في زمن كثر فيه الحديث عن الحريات والتخلص من الحواجز والقيود، وارتفاع الأصوات التي تنادي بأن تصبح قضية الحرية في بؤرة اهتمام القادة والمؤسسات والمجتمعات، تسرب الإحساس بالرغبة في الحصول على الحرية إلى عالم الأعمال والتجارة، وإذا كان رجال الأعمال والباحثين في مجال الإدارة والاقتصاد يتحدثون كثيراً الآن عن حرية التجارة والتبادل ودخول أسواق جديدة والاندماج في كيانات قائمة، فقد ارتفع صوت في هذا العالم أهم أطرافه على الإطلاق، ارتفع صوت العميل يطلب الحصول على الحرية دون قيود أو شروط، حرية حقيقية وليست زائفة، العميل يطلب حرية اختيار المنتج الذي يشبع احتياجاته، ومن ثم فالمنتج يجب أن يحتوي على الخصائص التي تشبع تلك الاحتياجات. العميل يطلب حرية الحصول على الوقت الكافي لاتخاذ القرار الشرائي الملائم، ومن ثم فهو يرفض إجباره أو استمالته لاتخاذ قرارات فورية تفتقد الدراسة والتأني، العميل يطلب حرية الاختيار بين بدائل متعددة للأشكال أو الأحجام، ومن ثم فهو يرفض أن تفرض عليه أشكال أو أحجام معينة لا تتوافق مع تفضيلاته. العميل يطلب حرية في تحديد الوقت الملائم للحصول على احتياجاته، ومن ثم فهو يرفض إجباره على الشراء في أوقات معينة أو مواسم معينة. العميل يطلب حرية اختيار الطريقة التي يحصل من خلالها على المنتجات التي تشبع احتياجاته، ومن ثم فهو يرفض إجباره على الشراء من منفذ معين قد لا يتناسب مع ظروف عمله أو نمط معيشته. العميل يطلب حرية التعبير عن آرائه ومشكلاته ومقترحاته، ومن ثم فهو يرفض إجباره على السير في اتجاه معين للتعبير عن رأيه. وأخيراً العميل يطلب الحرية في تحديد أولوياته، ومن ثم فهو يرفض إجباره على الاختيار بما يتعارض مع احتياجاته الرئيسة. الحقيقة أن المتأمل لصوت العميل الذي يرتفع منادياً بالحصول على الحرية سيجد أن مطلب الحرية ينبع في الأساس من رغبة العميل في الحصول في توافر بدائل متعددة يختار فيما بينها، والعصر الذي نعيشه الآن بتطوراته المتلاحقة قد أوجد لدى العميل تلك الرغبة، العميل أصبح أكثر طمعاً عن ذي قبل، فلم يعد القليل يرضيه، بل أصبح مغرماً بأن يجد أمامه الكثير والمتنوع لتصبح أمامه حرية في الاختيار، وحرية الاختيار في حد ذاتها تمنحه الشعور بالسعادة. في عالم الأعمال، فقد ازدادت البدائل المتاحة أمام العميل ومن ثم أصبح يشعر بأن من حقه الحصول على الحرية في اختيار البدائل، وأنه لا مجال لإجباره على بديل محدد. ولذا فإن المؤسسات المتميزة الآن عالمياً ومحلياً هي تلك المؤسسات التي تمنح عملاءها حرية في اختيار ما يتوافق مع متطلباتهم، أما المؤسسات التي تتجاهل رغبة العميل في الحصول على حرية الاختيار ربما تجد نفسها مجبرة على الاختيار من بين بديلين، إما إعطاء العميل حريته في الاختيار وإما التعامل مع عميل يعتبر الفرار بعيداً هو خياره الاستراتيجي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي