متى تكون الحلول لقضايانا الاقتصادية جذرية؟
ما من متابع للتطورات الاقتصادية المحلية في السعودية إلا ويدرك الفارق المعنوي والتغير بإيجابية في كثير من محاور ومقومات التنمية وذلك نتيجة للإصلاحات الهيكلية والدعم المادي في الإنفاق الحكومي بشكل غير مسبوق. وهذا كله بلا شك لم يكن ليظهر ويترجم على واقع الحياة الاقتصادية دون وجود بعض الاختلالات نظرا لعديد من الاعتبارات, منها ما يتعلق بالتنفيذ ووجود بنية أساسية مؤسساتية سواء حكومية أو من القطاع الخاص قادرة على ذلك, ومنها ما يتعلق بالزمن الذي يتطلبه هذا البرنامج أو المشروع. ولعل ما صدر من قرارات جديدة أخيرا توصف بأنها حزمة اقتصادية تأتي في سياق منظومة الدعم لهذه التنمية المنشودة والإصلاح الاقتصادي والتي ستعضد بلا شك ما بدأ به وظهر بعض نتاجه, ولذا فهي من المؤكد ستدعم تقوية الترميم لبعض الاختلالات. إن هذه الحزمة من الإصلاحات الاقتصادية التي أقرها خادم الحرمين الشريفين ــ حفظه الله ــ وألبسه رداء العافية، لهي امتداد واقعي للإصلاح الذي يأمل أن يراه ــ أيده الله ـــ ملموسا بين أيدي شعبه المحب له وبشكل يسابق معه الزمن لحرصه الشديد على أفراد المجتمع كافة نحو مستوى معيشي يتفق وإمكانات ومقدرات الاقتصاد.
إن بعضا من الاختلالات التي تعد واحدا من أسباب كبح جماح عجلة التنمية المؤملة، مآلها في تقديري إلى كونها مرتبطة بالمؤسساتية سواء في موضوعيتها وطبيعة حلولها جذريا أو في تنفيذها، علاوة إلى كونها تحتاج إلى وقت لرؤية نتائجها. فمثلا لحل مشكلة الإسكان أو البطالة أو غيرهما من مثل هذه العقبات الكؤود في أي اقتصاد لا يمكن أن تكون حلولها إلا بالتأسيس لبرنامج اقتصادي واضح المعالم يدار على أسس مؤسساتي ويطلب منه تقديم نتائجه بشكل دوري مع الأخذ في الاعتبار المحاسبة والمراجعة والمتابعة وإلا انتهى الأمر إلى خلق إضافة في سلم البيروقراطية والتي ستفرز تمييعا للمسؤولية وعدم تحقيق نتائج معنوية. إنني آمل أن نتبع دوما في معالجتنا لقضايانا الاقتصادية مأسسة الموضوع لكون الحلول الآنية لا تعدو عن كونها تخفيفا لحدة الخروج من عنق الزجاجة سرعان ما ترجع أعراضها السلبية. يضاف إلى ذلك أننا يجب ألا نخترع الحلول لكون مثل هذه القضايا الاقتصادية هي محور قضايا كل الاقتصادات العالمية سواء المتقدمة أو النامية، لذا فلنأخذ بما جربه الآخرون ونجحوا فيه لأننا بكل بساطة لسنا بدعا من الخلق, ولكيلا نمضي الوقت وتكبر كرة الثلج مع الزمن بانشغالنا في دراسة الحلول في حين أنها جاهزة.