فيلم سعودي عن مشكلة الشباب مع السكن
أطلق مجموعة من الشباب السعوديين يوم الأربعاء 16/10/1432هـ الموافق 14/9/2011م فيلماً بعنوان ''مونوبلي'' يصور جانباً من معاناة الشباب السعودي مع ارتفاع تكاليف الحصول على المسكن الملائم وصعوبة الحصول عليه في قالب من النقد الكوميدي الساخر. وقد ركز الفيلم على إظهار معاناة الشباب حديثي التخرج من العاملين والعاطلين مع قضية التوفيق بين دخولهم المنخفضة، التي تتراوح بين الثلاثة والسبعة آلاف ريال شهرياً، والتكاليف المعيشية المرتفعة للزواج وتكوين أسرة، ويأتي على رأسها قضية توفير تكاليف السكن التي تصل إلى حدود أربعين ألف ريال سنوياً من أجل وحدة سكنية ملائمة، وهو ما يستهلك أكثر من نصف دخلهم.
وقد أجاد فريق العمل في عرض الفجوة بين تكاليف الحصول على المسكن وإمكانيات حديثي التخرج المالية بشكل ساخر من خلال المشاهد المتعلقة بالسكن في سيارة ''فان''، أو الهجرة إلى البرازيل والسكن في عشوائياتها، أو مشاركة خمسة من الشباب في السكن في غرفة واحدة. وعلى الرغم من الهدف الدرامي الساخر الذي يتطلب المبالغة في صياغة هذه المشاهد، إلا أن فيها بعداً يؤكد على إمكانية الشباب السعودي على تقديم حلول إبداعية للمساهمة في حل مشكلة الإسكان من خلال تقديم أفكار لمساكن ميسرة تحقق احتياجات الأسرة الوظيفية وتوافق إمكانياتها المالية، والعمل فوق ذلك على تغيير الثقافة التي تعد المسكن وحجمه عنواناً للوجاهة.
وقد سبق أن أشرت في أحد مقالاتي إلى أن الإبداع ليس حكراً على أحد دون أحد، أو مجتمع دون مجتمع لأن الحاجة أم الاختراع. وأنا متأكد بأنه إذا منح الشباب السعودي الفرصة فإنهم سيبدعون في مجال توفير المساكن الميسرة؛ لالتصاقها بالحياة اليومية لهم، وحاجتهم الملحة إليها، ولكن القيود التي تحد من عملية الإبداع في توفير المساكن الميسرة كثيرة، وعلى رأسها تنظيمات البناء، التي تشترط محددات تخطيطية أو تصميمية وتفرضها بعينها، وتلزم المصممين بتطبيقها عند تصميم الأحياء أو المساكن، وهو ما يؤدي إلى إنتاج مساكن كبيرة، وذات تكلفة تفوق متوسط المقدرة المالية للشباب، وتمنع ظهور النماذج الميسرة التي تفي باحتياجات الأسر المتكونة حديثاً وتتوافق مع مقدرتها المالية. لذا فإن على المعنيين بتنظيمات بناء المساكن واشتراطات المخططات السكنية العمل بجد على مراجعتها وربطها بخصائص المساكن الناتجة عنها من ناحية النوع والكم والتكلفة، ومدى توافق ذلك مع متوسط دخول الشباب الراغبين في الزواج وتكوين أسرة. والعمل بشكل عاجل على إعادة صياغتها بما يمكن الشباب من الحصول على المساكن الميسرة ذات التكلفة المنخفضة سواء كان بالامتلاك أو التأجير. كما أن على المعماريين من الشباب العناية بتصميم وحدات سكنية صغيرة جذابة في مكوناتها وشكلها، وأن تستوعب اقتصاديات المساحة والتكوين بما يوافق احتياجات الأسر الشابة.
وقد أشار الفيلم أيضاً إلى ارتفاع أسعار الأراضي مع انتشار مساحات كبيرة من الأراضي السكنية البيضاء غير المستغلة ضمن النسيج العمراني للأحياء، وهذه حقيقة مرة يعود السبب فيها إلى إحجام بعض الملاك عن تحويلها إلى عقارات سكنية واستثمارها بالتأجير في ظل عدم وجود نظام تأجير يحميهم من مماطلة المستأجرين في دفع الإيجارات والتهرب منها. وهو ما يؤدي – من ثم - إلى نقص عدد الوحدات السكنية المعروضة للإيجار، وارتفاع الإيجارات نتيجة لاختلال ميزان العرض والطلب في سوق الوحدات السكنية المؤجرة. وهو ما يستلزم أيضاً العمل على سرعة إقرار عقد موحد للإيجار يشمل نصوصاً وتنظيمات واضحة، مع آلية تنفيذ صارمة لضمان حقوق الطرفين.