دكاكين الثرثرة

استشرت في فضائياتنا العربية فكرة المذيع والشلة. الفكرة مستنسخة طبعا من برامج غربية، لكن باحترافية أقل. شهدنا نسخا متعددة لمذيع يجلس إلى جواره شلة ثابتة ويثرثرون تارة في الشأن المحلي وأخرى في الشأن الخارجي وثالثة في شأن المرأة أو الرياضة.
فكرة الحواريين في البرامج التي تعرضها فضائياتنا العربية ووصلت الآن إلى إذاعات الإف إم، يبدأ من خلالها مقدم البرنامج في فتح صنبور الثرثرة، ثم يتيح للحواريين من حوله أن يثرثروا أيضا.
ولأن الأمر صار اعتيادا، وأصبح الكل يتصور نفسه يثرثر في مركاز لا في قناة تلفزيونية، فلا تستغرب إن سمعت ضحكة مجلجلة يستنكرها من لم يتعود على هكذا ثرثرات. وهذا الاعتياد أيضا يجعل حتى ''الموانة'' ترتفع بين المتحدثين والمتحدثات فيقاطعون بعضا بجلبة تجعلك تفقد التركيز فتتصور أن ما تراه في القناة التلفزيونية هو مشهد من الشارع المجاور لا من خلال إحدى فضائياتنا التي جعلتها شراسة المنافسة تتصور أن الثرثرة من خلال شلة واحدة طريق نجاح. ذلك أن خيالات هؤلاء لا تصل إلى أبعد من محاكاة البرامج، لكنهم وهم يستنسخون الصورة الخارجية للبرنامج، ينسون أن ما يظهر بشكل عفوي يقف وراءه إعداد حقيقي وليس ارتجالا يبدأ بسؤال: ما رأيكم أن يكون لدينا برنامج؟ ثم يتلوه بضع جلسات في الكوفي شوب المجاور للمحطة وبعدها يتجهون للاستديو ليثرثروا.
إن بعض فضائياتنا العربية، تعيش أقصى درجات الاستخفاف بالمشاهد، والأمر نفسه ينسحب على كل إذاعات الإف إم التي ابتهج الناس بالترخيص لها، فأصبحت بؤرة لتسويق السماجة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي