لـص الحـليب..
على جدل، لو افترضنا أن الغرض من تصوير مراهق سعودي يسرق حليباً للرضع، هو تقديم دليل إثبات لمالك الصيدلية يفسّر سبب اختفاء بعض السلع منها! فمن بادر بعد ذلك إلى تحميله على "يوتيوب"، أهو الموظف الصيدلاني العربي الجنسية، أم صاحب الصيدلية السعودي؟! على أحد أن يتدخل لفك اللبس، فالشارع واضح المعالم.. والجهات المعنية تستدل على الناس والوقائع بدلائل أشد إعتاماً من هذا بكثير.
المطلوب:
التعريف بصاحب الصيدلية.
التعريف بالصيدلاني.
والحديث في المجمل عن تعريف إعلامي، قبل أي تعريف آخر!
ألم يتركا هذا المراهق عاري الوجه أمام كاميرا؟ ولو كان صاحب الصيدلية بريئا من كل هذا؟ فكيف سنترك للصيدلاني حرية مطلقة في التشهير بمراهق ربما لم يدفعه لمثل هذا السلوك أكثر من.. فقر، رضيع جائع، وأم تنوح؟! ما مصير هذا المراهق بعد نشر المقطع عبر كل وسيلة اتصال؟ ثم ما حاجته للبث عبر "يوتيوب"، إن كان لا غاية له أبعد من تبرئة ذاته؟ وكيف يبيح لنفسه استخدام ألفاظ لا تليق؟ ألم يعرف كيف يزيل العبارات البذيئة من الصوت المصاحب للمقطع، على الأقل؟ هل نحن، كمجتمع، مسؤولون عن تساهل مالك الصيدلية وعدم تزويد صيدليته بجهاز مراقبة وتسجيل يحفظ له حقه مع الموظف ومع الزبائن والقانون؟!
سؤال مستقل، يقول: ما أدراكم أن الليلة ستخلو من مراهق آخر قادم في الطريق؟ هل هذه هي نهاية المطاف مع من حمّل المقطع على "يوتيوب"؟ ألن يسيل لعابه لتحميل مقطع ثانٍ وثالث؟ أم ترانا نزعنا الجوع من جوف الصغير والكبير في شتاء.. ومن قبل رويناه في صيف؟!
أود ختاماً أن أدون رأياً تجاه الصحافة المحلية، كونها العزاء الأهم في تأويلنا كمشهد اجتماعي بعد أن تخلت عنا الفضائيات "السعودية" منذ سنوات، لأقول: لا أدري كيف قيّمت الصحافة حجم توقعات قارئها بعدم تفاعلها بالشكل المطلوب، في رأيي، مع القضية؟ ولمحت صورة للتنازل عن قضية رأي عام في زمن لا يحتمل مثل هذا الموقف! إنها قضية "صفحة أولى" يا صاحبة الجلالة! فهذا المراهق له الحق في الظهور كعلامة استفهام تشهرونها في وجه كل جهة معنية بسلوكه هذا، حتى تتحول الحالة إلى نقطة وقوف.. قبل أن يبدأ حياته مرة أخرى على سطر جديد!