ما الذي يجعل قناة فضائية تختفي فجأة من قائمتك المفضلة ؟
في الغالبية العظمى من محاولات فهمنا للمثل الشعبي ''من شاور ماعطى'' فإننا سنكون مقتنعين بأنه لا يرى أهمية أخذ رأي الطرف الآخر في نوعية العطاء قبل أن يحصل عليه، ولكي نستطيع فهم مثل كهذا فسيكون علينا استحضار عدد من النماذج التي سيكون من ضمنها حتماً بعض القنوات الفضائية التي تجيد تطبيق هذا المبدأ بامتياز.
الواقع يقول إن بعض الفضائيات التي تتحدث عن كونها الخيار المفضل للمشاهد وأنها تصمم شكل محتواها الإعلامي على مقاس رغباته، هي في الوقت نفسه تعمل بمعزل عنه عندما تصمم ملامح دوراتها البرامجية أو تعيد إنتاج هويتها وسياستها تحت بند التطوير، وهو الأمر الذي يتسبب فعلياً في خسارة عدد من مشاهديها الذين كانوا أكثر انسجاماً مع قالب معين أو طبيعة أعمال معينة يتم تغييرها بشكل مفاجئ في ظل غياب أي نوع من التواصل المباشر بينهم وبين إدارة القناة، وانعدام الفرص التي تمنحهم - على أقل تقدير- الحق في تحديد شكل التحديث الذي يرغبون فيه، وكذلك في التأكيد على عوامل ارتباطهم بالقناة الفضائية ليتم تعزيزها وتوسيع نطاقها، وهي كلها خطوات تصب في مصلحة الوسيلة الإعلامية الحريصة على ولاء جمهورها الذي سيكون بدوره مرتكز جاذبيتها الإعلانية.
وفيما لو أخذنا فهد المرزوقي وهو طالب جامعي كنموذج، فإننا سنعرف أنه قرر أخيرا البحث عمايريد من مسلسلات كوميدية أجنبية في الإنترنت بعد أن توقف قناته ''المفضلة''عن بثها لمصلحة التركيز على نوعية أخرى من البرامج، يقول بشيء من خيبة الأمل ''أقدر حق أي قناة في اختيار هويتها وأتفهم وجود أذواق متنوعة بين الجمهور، لكن تظل هناك وسائل للحفاظ على مختلف المتابعين حتى لو تطلب الأمر إحداث تغيير بسيط في ساعات البث أو مواعيده، خصوصا أن بعض الأعمال تعرض عليها بشكل حصري''.
#2#
لن يستطيع أحد إجبار المرزوقي على متابعة ما لا يريد، لاسيما حين يؤكد أنه لم يعد يتوقف عند تلك القناة بعد أن كانت في مقدمة قائمته المفضلة التي قام ببرمجتها على جهاز الاستقبال، معلومة كهذه ليست أقل أهمية من أن تصل إلى مدير قناة يعترف بأهمية التفكير الاستراتيجي، ويفهم أن الجمهور لا يأبه كثيرا لتوازنات العرض والطلب الإعلاني بقدر ما يهتم بالحصول على منتجه التلفزيوني المفضل سواء كان فنيا أو إخبارياً أو درامياً. المصادفة أن تخسر قناة جمهورها الأصلي بينما تحاول التوسع باتجاه جمهور جديد، وقد تتجشم مزيدا من التكاليف في مقابل انصراف محتمل لنسبة من جمهورها وبالتالي معلنيها، إنها نتيجة منطقية ''للعطاء دون مشاورة''!