زميلي: ما أقدر!
كان زميلا ممتلئ الجسد، ليس لحد السمنة، متوسط الطول، ضحل النظرة.. ومتباين التوظيف للغة اليد في الكلام! إلا أن استخدامه للابتسامة يدفعك لتوقع الكثير في البدايات! كانت المهمة آنذاك تكاملية لإنجاز مشروع في موقع عمل ثقافي شبابي، وكنت مضطراً للاحتكاك بهذا الزميل بين الحين والآخر.. إلا أن كل (حين) كان يتعلق بمناسبة مهمة لا تحتمل ما يجري عند كل منعطف ''مقدري'' لا يتراءى للناظرين!
إجمالا..
ما سياسة هذا الزميل الـ (ما أقدريّة) ؟
مثلا:
توكل إليه مهمة، بفعل التخصص الوظيفي، فينتظر أياما قبل أن يعود إليك ليقول: ''الصراحة مقدر''!
تسأله: ما تقدر على إيش؟
الزميل: الشيء هذا الصراحة! يعني حنا ما ندري وش تبون.. والوقت.. وكذا؟
تجيبه: اللي نبيه واضح في الخطاب، وعموماً هو كذا وكذا!
الزميل: فاهم عليك! بس ''مقدر''!
تضيف: ترى ممكن إدارتكم تنفذ المطلوب من خلال كذا وكذا.. وتصير تقدر!
الزميل: ''مقدر'' أقول لك شيء يمكن ''مقدر عليه''! فاهمني شلون؟
تكظم احتقانك.. وتقول: هي تراها بسيطة.. وحنا لوما قناعتنا بأهمية كذا وكذا.. ما أشغلناكم! لا تواخذونا! لكن حنا نعين ونعاون!
الزميل: ''مقدر'' أحدد لك وين المشكلة.. بس أنت عارف الظروف.. و''مقدر'' أقول (إيه) و''مقدر'' أقول (لا)! فاهم الوضع أنت عاد! فـ.. وش اللي تبون منا بالضبط وحنا حاضرين!
تمهد للنهاية.. وتقول: ما نستغني! وعساكم على القوة!
الزميل: إيه.. بس ترى برضو! ''مقدر'' أوعدك بشيء!
تختتم حوارا مختتما قبل أن يبدأ أساساً.. وتقول: خلاص طال عمرك! ما تشوف شر! حقك علينا! أوعدك ما عاد نتعوّدها!
الزميل: طيب! توصون شيء ولا شيء! حنا ترى في الخدمة!
وكما تلاحظون، الجملة الأخيرة هي الوحيدة التي خلت من ''مقدر''! وقد يتفضل عليك الزميل ويختصرها كلها في كلمة: سم! كما فعل في مناسبات ''مقدريّة'' أخرى.
وجود هذا النمط من الزملاء في العمل لا يعيقك، لأنك حتماً ستستغني عن المهمة الموكلة إليه وكل ما يمت لها بصلة، ولكنه دون أدنى شك، منفر وباعث على التفتيش عن خلاص! وحتما لدى بعض من يقرأون هذا المقال زميل ''مقدري'' سبب نوبات من ارتفاع الضغط و''استكار'' السكر في غير مناسبة! فأقترح على كل من يعاني اللجوء للتالي:
إما أن تترك لزميلك ''مقدر'' المكان وتتجه لبيئة عمل أقل ''مقدرية''!
أو أن تتقاطع مع الواقع وتتـ ''مقدر'' أسوة بهذا الزميل في كل ما يخص أي قدرة تابعة لاحتمالات التماس.. بأي شكل كان!